أ. فلاح المنصور * الشتاء في وسائل الإعلام يسبق الفصل نفسه، وذلك لأن وسائل الإعلام تنشط في نشر توقعات الطقس وأخبار الشتاء فيما وراء البحار، وتبدأ في بث إعلانات الملابس والأغذية والمنتجات الشتوية والمستحضرات الطبية والكريمات وغيره، استعداداً للشتاء، أما ما يحدث في شبكات التواصل الإجتماعي فهو أمر آخر، فالمعلومات والأخبار والنقاشات تدور حول أمور أكثر محلية، وأخبار المناطق الصغيرة والنائية، وإعلانات من نوع آخر عن مخيمات وتجهيزات خاصة تناسب فصل الشتاء مثل تجهيزات الرحلات الشتوية، وتوصيات خاصة، وتبادل للمعلومات والأفكار حول الخبرات المختلفة فيما يتعلق بالتعامل مع هذا الفصل المميز. كباحث إعلامي ما يلفت انتباهي هو هذا التداول للمعلومات على نطاق واسع، ودون قيود أو تحفظ، فلا أحد يسأل عن مصداقية هذا الخبر أو ذاك، ولا مدى خبرة هذا الشخص الذي يروي خبرته على شبكات التواصل الإجتماعي، وتجدها في الكثير منها إعلانات مغلفة، المقصود منها دفع المتلقي لتبني توجه فكري ما أو للقيام بسلوك ما، كشراء نوع خاص من المدافيء أو نوع من الملابس، أو زيارة بعض المناطق والترويج لها على أنها مميزة في فصل الشتاء، وهو أمر مميز لتشجيع السياحة الداخلية واستهلاك للمنتج المحلي، ولكن هل يخلو الأمر من محاذير؟. رغم ما يميز شبكات التواصل الإجتماعي من تفاعلية، حيث يمكن للمتلقي التعليق والسؤال والحوار حول أي موضوع، إلا أن الملاحظ هو أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تداول حر لأي مقطع أو صورة أو مقال دون التدقيق والتحقق من المصداقية والأهداف وغيره، وهو بالمناسبة أمر صحي، وذلك على المدى الطويل، حيث سيصل المجتمع في مرحلة ما لما يسمى (النضج) في التداول، بحيث لن يصبح أي مقطع قابل للتداول إلا حسب توجهات (حارس البوابة) حسب ما نسمية في النظريات الإعلامية، فكل شخص يتلقى مقطعاً فإنه سيقوم بتقييمه ومراجعته ومن ثم إعادة إرساله أو حذفه، هي مرحلة قادمة بلا شك، ولا يجب أن نستعجل الأمر فقد بدأت بوادر مثل هذا التوجه من خلال ما يسمى بالمجموعات (القروبات)، حيث بدأت تظهر بعض التصحيحات لبعض المقاطع والرفض الكامل لأخرى. لن ندخل كثيراً في دور شبكات التواصل الإجتماعي ودورها في استبدال المجتمع إلى مجتمع إفتراضي وظهور قادة رأي جدد وغيره، ولكن لا يخفى على أحد دورها في الترويج للمنتجات والمعلومات والأفكار خصوصاً مع دخول الفصول وعلى المستوى المحلي، ولعل أخبار الأمطار ومقاطع الأودية والسيول والثلوج في شمال المملكة العربية السعودية خير شاهد على هذا الدور. أما ما تقوم به الفضائيات فهو في معظمه إعلان صريح حيث يتم الترويج لمنتجات ومستحضرات ومناطق سياحية في فصل الشتاء، ويتضح الدور المادي في محتوى هذه الفضائيات، فهي لا تقدم برامج تثقيفية حول الصحة في فصل الشتاء، فلا برامج طبية ولا برامج اجتماعية إلا ما هو مفروض عليها من الدولة في التوعية بما يتعلق بالسلامة والأمن، من برامج تتعلق بالتحذير من مخاطر الحرائق والاختناق جراء استنشاق الدخان المتصاعد من النار والتحذير الذي يتعلق بأخبار الطقس وهو دور هزيل. على عكس شبكات التواصل الإجتماعي التي تضج بمقاطع حول فوائد بعض الأعشاب والمشروبات الشتوية والكثير من الأكلات الشعبية المخصصة لفصل الشتاء لدى المجتمع السعودي، وهو دور إجتماعي مميز لهذه الوسائل الحديثة يوضح وبشدة القصور الذي يعتري وسائل الإعلام التقليدي فيما يتعلق بالقيام بمسئوليتها الإجتماعية، والمسئولية الإجتماعية هي إحدى نظريات الإتصال التي يدرسها كل إعلامي أكاديمي وهي هدفة الأول في ظل المجتمعات المحافظة كمجتمعنا. والنصيحة التي نقدمها هنا حول أي منتج سواء كان غذائياً أو استهلاكياً أو خدمياً، على الفرد أن يتأكد من مناسبته لصحته وسلامته، عبر السؤال والحوار مع الطبيب أو المثقف الصحي، أو أحد المختصين كل في مجاله. * قسم التثقيف الصحي