قِبْلَةُ المسلمين، والبيت الحرام في أقدَسِ البِقاعِ، مَكَّة، أُمّ القُرَى، جَعَلَهُ الله مَثابَةً للناسِ وأمْنًا، فالويْلُ كُلُّ الوَيْلِ لمنْ هَمَّ أن يُعكِّرَ صفْوَ أمنِه وأمانِهِ، أو يعتدي على حَرَمِهِ وقُصَّادِهِ، تحت أي زعمٍ أو وَهْمٍ، لا يُبرئُ ساحَتَه مِنْ الفِعْلِ الدنيء، والعَمَلِ الخبيث. هَزَّتْ أخبَار الصاروخ الباليستي الذي أطلقه الحوثيون قاصدين مكَّة، مشاعر المسلمين في شتَّى البقاع، الصاروخ المدفوع بالمشروع الصفوي الذي تسعى نواياهم الخبيثة لزعزعة أمن البلد الحرام، وإظهار أنْ قيادة المملكة غير حقيقة بالدفاع عن مقدسات المسلمين، وحرمهم الشريف، فَضلَّ سَعيُهم، ورَدَّ الله كَيْدَهم خائبًا في نحورهم، وجَمَّع قلوب المسلمين حول بَيْتِه، وبُغضِ الساعين فيه بإفساد. أما علمَ هؤلاء أنَّ مُجَرَّد الهَمّ بالإفساد في البيت الحرام، والبلد الحرام، ولَوْ من خارج أرضِه، يوقِعُ صاحبه تحت طائلة الخطيئة والذنب؟ قال الضَّحَّاك رحمه الله: "إنَّ الرجل ليهمُّ بالخطيئة بمكّة وهو بأرض أخرى فتكُتب عليه ولم يعمله". والله سبحانه وتعالى قد توعَّد بالعذاب الأليم أولئك الساعين فسادًا في بلده الحرام، فقال تعالى: "وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ" (الحج: 25) وأي إلحاد أعظم من قَصْدِ ترويع الآمنين، وإزهاق الأرواح، وتعكير صفْو أهلِه وزُوّاره، عُمّار بيتِه الحرام، أي خطيئة أعظمُ من تلكَ التي يوجِّهُ فيها الفَسَقةُ أسلحتَهم لبيتِ الله الحرام بادِّعاءات واهيةٍ، وللبيتِ ربٌّ هو حاميه، وعلى خِدْمة زُوَّاره قام رجالٌ تعاهدوا على بذل الغالي والنفيس لإعمار بيته، والسهَر على راحة زُوَّاره، ودَفْعِ كيدِ الكائدين بكلِّ ما أوتوا مِنْ قُوَّةٍ. إنَّ تلك الثُّلَّة الخارجة عن الشرعية اِستهانتْ بمشاعر أكثر من مليار مُسلِمٍ في شتَّى البقاع، فلَم ترعَ قداسة المكانَ، بل إنَّ فِعْلَها الخبيثَ أكَّد صِحَّة موقف المملكة في مواجهة أولئك المجانين الذين تحركهم الإملاءات الإيرانية بأحلامها التوسعِيَّة لتحقيق التمدد الشيعي في المنطقة العربية. إنَّ للبيتِ ربًّا، وإنَّ للمملكة درعًا حاميةً، تصُدّ أي اعتداءِ، وتكسرُ أي مُعتَدٍ؛ فقد دَمَّرتِ المملكة الصاروخ الغاشم، وقصفت موقع إطلاقِه، وهي جاهزة لِرَدٍّ أي كيدٍ لأولئك المارقين. إنَّ دعوة "إبراهيم" عليه السلام، لا تزال تطوف بالبلد الحرام، تُشيع فيه الأمْنَ؛ وتزيد فيه الرِّزْقَ، فَتَهْوي إليه النفوس، ولن يتمكَّنَ العابثون مِن مرادِهم الخبيث، والأمة كُلُّها تقفُ صفًّا واحدًا مع الشرعية، ومع القيادة الحكيمة للمملكة المدافعة عن الحق والعدل والحريَّة. حفظَ الله حرمنَا، ومملكتنا، وهيَّأ لقيادتنا الحكيمة البطانةَ الصالحَة الواعية بما يخطِّطُ له الأعداء، فتقدِّم أروع أمثلة التضحية والفِداء.