"كان الازدحام لشراء الجريدة عند أبواب الاسبيكتادور قبل أن تخرج إلى الشارع؛ يتزايد أكثر فأكثر.. وكان الموظفون في مركز المدينة التجاري يتأخرون في الذهاب إلى بيوتهم، لكي يشتروا الجريدة.." هكذا يصف ماركيز أحد أسعد أيامه.. قصة واحدة جعلت من صحيفته في ذلك اليوم تنافس في أهميتها رغيف الخبز. تأملت المسافة من تلك الأيام؛ خلال اجتماع عشرات الصحافيين الأسبوع الماضي في انتخابات هيئة الصحافيين.. عشرات الصحافيين تجمعوا ليس لانتخاب أحد المرشحين المحسوم ترشيحهم؛ بقدر ما كان اجتماعهم بدافع من هواجسهم حول مستقبل صحفهم.. مستقبل مهنتهم.. بدافع من أسئلة كثيرة كان البحث عن إجاباتها يكسو ملامحهم. في ذلك اليوم كان تركي السديري حاضراً بتفوق مرشحي جريدة الرياض في عدد الأصوات وحصدهم للمراكز الأولى.. رغم مكانه الشاغر وهو الذي اعتدنا وجوده منذ التأسيس حتى الأمس القريب.. تلك الأعداد من الصحافيين في جريدة الرياض؛ من الظلم أن نكتفي بتسميتها "سعودة".. بل "وطنية" و"إحساس بالمسؤولية".. وشهادة فخر لشخص يستحق، وكان يباهي بعدد الصحافيين المتفرغين في صحيفته الذي كان ضعف أقرب صحيفة منافسة؟.. وكان من المنطقي أن تحصد الصحيفة المراكز الأولى في الانتخابات.. وتترك لبقية التحالفات بقية المراكز؟ في ظل هذا العدد من الصحافيين فيها؟ لكنهم كغيرهم من الصحافيين السعوديين تطاردهم هذه الأيام السيناريوهات السوداء.. وفرضيات اختفاء الورق وقصص الاستغناء عن زملائهم في الصحف الأخرى.. تطاردهم تنبؤات المبشرين بالإعلام الجديد المحذرين من الرهان على ما يسمونه مجاملة ب"الإعلام التقليدي".. ولا شك أن الصحيفة التي تريد النجاة في مواجهة طوفان الإعلام الجديد هي الصحيفة التي تراهن على المحتوى.. الذي يصنعه صحافيون تؤمن بمهنيتهم صحفهم وتوفر لهم الجو المناسب من الاستقرار والأمان.. حيث لا يمكن لصحيفة تريد المنافسة أن تتخلى عن الصحافيين لتحتفظ بالمباني أو الأوراق أو قسم التحصيل. والمتابع سيجد أن نسبة كبيرة من محتوى مواقع التواصل الاجتماعي مصدره الصحف الورقية والصحافيون الورقيون الذين لازالت صحفهم تقدرهم.. ولازالت تدفع لهم ليجلبوا لها المحتوى الذي يتداوله الجمهور ويدفع مقابل الحصول عليه.. الورق وكل المنصات الأخرى هي مجرد وسائل لنقل المحتوى.. المحتوى الذي هو الرهان الحقيقي.. والاستثمار الصحيح لتبقى الصحيفة على قيد المنافسة.. ومن يدري ربما أن تطبيقاً جديداً يخرج غداً أو بعد غد يعيد للصحف مجدها ويحفظ حقوقها لأن المحتوى الجيد أيضا يحتاج لحماية من لصوص ال"نسخ واللصق". وهنا يبرز التحدي الذي يواجه هيئة الصحافيين بمجلس إدارتها الجديد.. حيث مسؤولية حفظ حقوق الصحافيين المعنوية والمادية.. إلى جانب مسؤولية إعادة الثقة لهم وتوعية القيادات الصحفية بأن من يتخلى عن الصحفي سيتخلى عنه ما تبقى من الجمهور.