التجريب والابتكار في الشكل مسألة حاسمة في الأدب الحديث، هذا ما تقوله ندوة (المسارات الجديدة في التجريب الأدبي) بمشاركة الروائيين إبراهيم نصر الله وسلطان العميمي وإدارة صفية الشحي وأقيمت في معرض الشارقة الدولي للكتاب مساء أول أمس الجمعة. نصر الله، الذي تحدث عن التجريب في فن الرواية، أكد أن هناك موضوعات مهمة وعادلة في فن الرواية إذا لم تقدم بأسلوب فني مهم فإنها ستتراجع دائما مضيفا: «الكتاب هو الذي نستطيع أن نستحم به أكثر من مرة والكتاب الفقير أشبه ما يكون بتلك المستنقعات الصغيرة على جانبي النهر ما تلبث أن تجف وتتلاشى» مبيناً: «بالنسبة لي لا شيء يخيفني كالتكرار. منذ بدايتي في رواية (براري الحمّى) وأنا أكره التكرار، غير أني كتبت هذه الرواية كما كنت أفهم الرواية، تحت تأثير المسرح الإغريقي ومسرح العبث والرواية الحديثة». متذكرا الجدل الذي أثير وقت صدور هذه الرواية ومن ثم اقتناع النقاد بما قدمته من شكل فني جديد. وأوضح الكاتب الفلسطيني أن مضامين الرواية تفرض على الكاتب الأشكال الملائمة، تماما مثل أي مهندس عندما تبحث إليه، وتطلب منه مخططا لمنزلك، فإنه يخطط المنزل الصالح لسكناك أنت.. بالمقابل سيكون الأمر مضحكا لو ذهبنا إلى مهندس ويخرج نفس المخطط لكل بيت. مؤكدا ضرورة الوعي بالأشكال الفنية للرواية، مثل الوعي بالمضامين. من جهته قال الكاتب الإماراتي سلطان العميمي إن الحديث عن معنى التجريب ورطة بذاتها، لأن الإمساك بتعريف واحد للتجريب كمحاولة الإمساك بقطرة زئبق موضحا أن مفهوم التجريب يمتد لفضاءات شاسعة على مستوى الشكل. وعلى صُعد أخرى في الأجناس الأدبية، منها: «التجريب في اللغة، التجريب في البناء، بناء النص الأدبي، التجريب على المستوى الفردي..الخ. وعن بعض إشكاليات التجريب، تحدث الكاتب العميمي، قائلا: «هناك من يسعى للتجريب من بداية مشواره، يبحث عن شكل قد يجد فيه ضالّته، منبها إلى ضرورة الوعي بكل ما كتب من أشكال أدبية سابقة يعتبر مسألة مهمة جدا». مضيفا: «الكاتب الذي يبحث عن التجريب دون البحث عن الأشكال التي تمت التجربة فيها سابقا سيقع في التكرار بشكل أو بآخر. فمن يعتقد أنه كتب شكلا جديدا وهو لم يطلع على تجارب سابقة وليس لديه محصلة قرائية جيدة، فسوف يكرر». مستشهدا من تجربته بالقول: « كم من الأفكار التي كنت شخصيا أظن أنها ذات شكل جديد في الكتابة.. لكنني لم أكن أتسرع لتنفيذها، بل كنت أبحث وفي ذهني هذا السؤال: «هل كُتب بهذا الشكل أو لا، لأجد أنه نعم، هنالك تجارب وإن كانت قليلة كتبت بذات الشكل الفني الذي أفكر فيه، لذلك لم أقع في التكرار.