رحب المديرون في صندوق النقد الدولي بأهداف الإصلاحات الطموحة التي أعلنتها الحكومة في رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني، وشددوا على أهمية تحديد الإصلاحات المخططة بوضوح وترتيب أولوياتها وتسلسلها، بغية الحد من المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها التنفيذ والاقتصاد حتى يتكيف معها. جاء ذلك في تقريرين حديثين صدرا عن الصندوق فيما يخص اقتصاد المملكة، (تقرير خبراء الصندوق في إطار مشاورات المادة الرابعة لعام 2016 - أهم القضايا)، و(المملكة العربية السعودية: قضايا مختارة). ورحب المديرون بما تنويه الحكومة من تعظيم دور القطاع الخاص في الاقتصاد، ورأوا أنه من الملائم التركيز على الخصخصة والشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتحسين مناخ الأعمال، وتطوير أسواق رأس المال المحلية، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وسيتطلب الأمر أيضا مواصلة الإصلاحات في سوق العمل بغية تشجيع القطاع الخاص على تشغيل المواطنين السعوديين. وأعرب المديرون عن اعتقادهم بأن القطاع المصرفي في وضع موات يمكنه من تجاوز انخفاض أسعار النفط وتباطؤ النمو، وشجع المديرون على تعزيز الإطار الاحترازي الكلي وأوصوا بتفعيل اللجنة الوطنية للاستقرار المالي للتنسيق رسميا بين الأجهزة التنظيمية، وأوصى المديرون مؤسسة النقد العربي السعودي بتقوية أطر التنبؤ بالسيولة وإدارتها. وأكد الصندوق توقعاته بتحقيق نمو اقتصادي قدره 1.2 % في المملكة لعام 2016، كما توقع انخفاض عجز المالية العامة في 2016 ليصل إلى 13% من الناتج المحلي، نتيجة ضبط الإنفاق وزيادة الإيرادات الحكومية. وقال الصندوق إن خبراءه اتفقوا مع الحكومة على أن نظام ربط سعر الصرف بالدولار لايزال هو الخيار الأفضل للمملكة طالما كانت هناك عملية تصحيح موثوقة لأوضاع المالية العامة. ووفقا لمعايير الصندوق القياسية، تتمتع المملكة بمركز قوي للغاية في وضع الاستثمار الدولي ولديها احتياطيات كافية، ولن تكون المزايا المترتبة على إلغاء نظام ربط العملة أكبر من التكلفة المحتملة. حيث قد ينطوي على مخاطر شديدة بسبب الركيزة التي طالما أتاحها نظام الربط، وقد يؤدي إلى زيادة عدم اليقين وما قد يكون لذلك من تداعيات محتملة أوسع نطاقا بالنسبة للمنطقة ككل، وسيكون تأثيره الإيجابي على القدرات التنافسية محدودا للغاية. وقال الصندوق إن الاحتياجات التمويلية التراكمية في الميزانية للفترة 2016 – 2021 تقدر بحوالي 1460 مليار ريال (ما يعادل 389 مليار دولار) حسب السيناريو الأساسي الذي وضعه الخبراء. أشار صندوق النقد إلى أنه بخلاف التسعينيات، تدخل المملكة هذه الفترة من العجز المالي ولديها احتياطيات وقائية مالية قوية، ولذلك تستطيع الحكومة الجمع بين السحب من أصولها المالية والاقتراض الداخلي والخارجي لتمويل العجوزات. ونوّه إلى أن المملكة تبدأ من مركز أصول - خصوم قوي للغاية، لكن احتياجاتها التمويلية كبيرة نظرا لمستويات العجز المتوقع في المالية العامة، ويوجد أمامها عدد من خيارات التمويل، وهي: تقليص ودائعها لدى مؤسسة النقد العربي السعودي، وبيع أصول مالية أخرى، والاقتراض من مصادر محلية ودولية، مشيرا إلى أنه من المرجح أن يؤدي ارتفاع التمويل المحلي إلى مزاحمة الائتمان الموجه للقطاع الخاص وحيازات المؤسسات غير المصرفية من الأصول الأخرى، ونظرا للتكاليف والمنافع النسبية لكل منها، فالوضع الأمثل على الأرجح هو الذي يجمع بين السحب من الأصول والاقتراض من مصادر محلية وخارجية. وأكد المديرون أهمية وضع إطار متوسط الأجل للمالية العامة وتعزيز عملية الموازنة السنوية، ومن شأن إدراج صندوق الاستثمارات العامة وشركة أرامكو في الموازنة أن يدعم إدارتها، بينما يؤدي نشر بيانات أكثر تفصيلا عن تحليل المالية العامة والموازنة وتحديثات ربع سنوية عن المالية العامة إلى دعم الشفافية.