كنت تحدثت في مقال سابق بأنه لا يوجد هناك حرب نظيفة مهما حاول أطراف النزاع حصر أثرها في ساحات المعركة. ولكل حرب منذ أن خلق الله الأرض ضحايا أبرياء لا ناقة لهم في الحرب ولا جمل يعانون وقد يدفعون حياتهم ثمناً لها بدون خيار. وحرب اليمن ليست استثناء خصوصا أن الحوثيين وصالح نقلوا ميدان المعركة من المواقع العسكرية إلى المدن والأسواق والمدارس، للتترس بالمدنيين. أهم سبب في معاناة الشعب اليمني هم الحوثيون وصالح وأنصاره بلا شك وذلك نتيجة حتمية لسياستهم المتجاهلة لمعاناة اليمنيين والاستيلاء على كل ما أمكنهم الاستيلاء عليه من غذاء وأموال. الأمر واضح لكل متابع بأن الحوثيين وأنصار صالح لا يقيمون أي اعتبار لحياة اليمنيين أطفالا وشيوخا إلا بقدر ما يحقق لهم من دعاية رخيصة. واستغلال معاناة المدنيين لمحاولة كسب مواقف سياسية.. ولكن وبرغم ذلك وربما نتيجة مباشرة له هناك ضحايا أبرياء يجب أن يصبح إنقاذهم من أولويات التحالف والمجتمع الدولي. فالمجاعة بدأت تستفحل في المحافظات اليمنية التي تقع تحت سيطرة الحوثيين وبالذات في الحديدة. الأطفال يموتون جوعا، طبعا ليسوا أطفال الحوثيين ولا أطفال أنصار صالح بل أطفال اليمن الأبرياء. لا يهم هنا على من تقع مسؤولية تلك المجاعة، بل يهم أن تكون هناك خطوات عملية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ولا شك أن على المجتمع الدولي ممثلا بالأممالمتحدة كما على دول التحالف دور في إيصال الغذاء للمحتاجين تحت إشراف الأممالمتحدة لضمان عدم مصادرة المساعدات الغذائية من قبل عصابات الحوثي. ولا ننسى أن الحكومة اليمنية الشرعية تتحمل المسؤولية الأكبر في حل مشكلة المجاعة في محافظات اليمن. إن من الضرورة أن تفتح الحكومة الشرعية بالتنسيق مع دول التحالف ومع المجتمع الدولي قنوات اتصال مع قوى يمنية شعبية في كل محافظة لحصر أثر المجاعة وضمان أن تصل المساعدات إلى المحتاجين. ولا بد للمجتمع الدولي أن يوفر الحماية اللازمة لطواقم وقوافل الإغاثة. للأسف ليس من المتوقع أن تقوم لجان الحوثي بأي خطوة إيجابية في هذا الصدد مالم يجبرها المجتمع الدولي على المساهمة في إنقاذ أطفال اليمن. لقد تمكن الحوثيون من تهريب الأسلحة إلى داخل اليمن مرارا وتكرارا ومن منافذ عدة، ولكنهم لم يحاولوا ولو لمرة واحدة أن يجلبوا الطعام لعامة اليمنيين. نحن في انتظار خطوات عملية تقودها المملكة كعادتها في تجاوز أزمة المجاعة في اليمن.