قام الإنسان بغزو الفضاء منذ الستينيات من القرن الماضي، وتعرف على كثير من أسرار الفضاء. وقد عرف الإنسان المعاصر عن النجوم والمجرات وأعماق الكون أكثر مما عرف عن أعماق المحيطات وما يوجد فيها من كائنات وثروات معدنية وبيولوجية. وعندما نتحدث عن الأعماق السحيقة التي نعتقد بانعدام الحياة أو وسائل الحياة فيها، فإننا سندهش عندما نجد أنماطاً من الحياة في جو تنعدم فيه كل مقومات الوجود البيولوجي. وقد قام 25 عالماً أميركيا بدراسة أنماط الحياة في أعماق المحيط الهادي. وكان السبب الذي دفع أولئك العلماء للقيام بهذه المهمة العلمية هو الدليل العلمي الذي قام بتسجيله معهد سكريبز لعلوم البحار والمحيطات بالتعاون مع جامعة أوريجون، ومعهد وودزهول لعلوم المحيطات بالولايات المتحدة، حيث استطاعوا تسجيل تغييرات دقيقة في درجات الحرارة فوق نقطة من قاع المحيط الهادي عند أعماق جزر الجالاباجوز في غرب الأكوادور. كان العلماء على متن غواصة الأبحاث يراقبون مظاهر الحياة في أعماق المحيط. كانت تيارات الماء تحمل معها بعض الديدان العملاقة والسرطانات التي تمشي بخفة فوق الحمم البركانية عند عمق يصل الى حوالي ثلاثة كيلو مترات، حيث تبلغ درجة الحرارة هناك حوالي 17 درجة مئوية. وكانت الغواصة تحوم فوق كائنات حية تعيش حول ينبوع ماء حار ينبثق من داخل قشرة المحيط. كان العلماء يجمعون كثيراً من المعلومات لأول مرة عن نشاط المحاليل المائية الحارة المتدفقة من تلك الأعماق السحيقة. وكانوا منهمكين في التعرف على التاريخ الحيوي لتلك البقعة المهمة من المحيط. تجمعات أحيائية كثيفة عند ثغور صغيرة في الأعماق تشبه واحات مزدهرة بالحياة والأحياء في صحراء قاحلة لا تشرق عليها الشمس.. وكشف جهاز السونار الذي يستخدم الموجات الصوتية، وكذلك آلات التصوير المثبتة كميات كبيرة من الأكاسيد الفلزية. كانت مياه المحيط تمر خلال القشرة المحيطية، وتحت تأثير الحرارة والضغط العالميين تتحول كبريتات مياه المحيط إلى مركب كبريتيد الهيدروجين. وتقوم أنواع معينة من البكتيريا بتمثيل هذا المركب، حيث تتغذى الكائنات البحرية على هذه البكتريا التي تلعب دورا مهما في تلك الأعماق السحيقة في إيجاد مصدر للطاقة بدلاً من ضوء الشمس.. وهناك تنبثق الحياة في تلك الأعماق السحيقة بقدرة الخالق العظيم سبحانه وتعالى. لقد وجد العلماء تنوعاً كبيراً في الكائنات التي تعيش على مخلفات الكائنات الميتة التي تتساقط من سطح المحيط إلى الأعماق في تلك المنطقة الكائنة في جزر الجالا باجوس والتي تزدهر الحياة فيها برغم الأعماق السحيقة واختفاء ضوء الشمس تماماً.