أصبحت أخبار تعرض لاعبي الفرق السعودية للإصابات المختلفة وملازمتهم لغرف العلاج، أمراً طبيعياً ومعتاداً لدى الجماهير والمتابعين والمختصين على حد سواء، من دون محاولة سبر أغوار هذه الظاهرة التي تفشت بشكل مخيف في الأعوام الأخيرة، وعلى الرغم من أن الموسم الكروي السعودي لايزال في بدايته، إلا أن مختلف الوسائل الإعلامية تبث هذه الأخبار بشكل يومي، ولا تتعلق هذه المشكلة بلاعب واحد في فريق واحد، بل إن عيادات الأندية تشهد ازدحاماً غريباً من اللاعبين ونوعية الإصابات. ماذا يعني أن تفتك الإصابات العضلية باللاعب السعودي بمجرد أن يبذل مجهوداً قوياً أثناء المباريات، خصوصاً في الشوط الثاني؟ من المؤكد أنه يدل على سوء الإعداد على المستوى البدني وسيذهب كثيرون لإلقاء اللوم على مدرب اللياقة، وهذا صحيح غير أن المتعارف عليه علمياً أنه من الخطأ دخول لاعبي الكرة الموسم الجديد وهم بجاهزية مكتملة بنسبة 100 %، بل إن بعض المختصين يقول بضرورة أن لا يتجاوزه معدل الجاهزية اللياقية أكثر من 70 %. الأمر في الدوري السعودي مختلف عن بقية دول العالم، فالتوقفات تكرر وتسبب المتاعب للأجهزة الفنية وللاعبين معاً، إذ يتمتع اللاعبون في بعض الفرق بإجازات تصل إلى ثمانية أو عشرة أيام فور توقف الدوري، وتختلف فيه أنماط التغذية باختلاف اللاعبين وعقلياتهم وسلوكياتهم وحالتهم الاجتماعية، فضلاً عن التغذية السيئة في غالب الأحيان. وعند العودة يخضعون لتدريبات غالباً ما تكون قاسية لاستعادة المخزون اللياقي قبل خوض مواجهة أو اثنتين تجريبيتين استعداداً للعودة للمشاركات الرسمية التي سرعان ما تتوقف مجدداً، في هذه الحالة، من البديهي القول إن جدولة المسابقات تتسبب بهذا التذبذب بمستوى التدريبات اليومية، وكثرة الحصول على الراحة السلبية، ولكن ثقافة اللاعب والمعد البدني بجانب المدرب وإدارة الكرة يتحملون مسؤولية كبيرة، فالأول لا يملك القدرة على استيعاب انتمائه لكرة القدم وأنها مصدر رزقه الوحيد، ولا يحافظ على نفسه بدنياً وسلوكياً في كثير من الحالات، والآخرون غير قادرين على السيطرة على اللاعبين من الناحية الانضباطية، والمعد البدني غالباً ما يفشل في قياس الأحمال اللياقية، والمدربون يسارعون لمنح الإجازات الطويلة للاعبيهم حتى يتمكنوا من زيارة بلدانهم وذويهم لفترة قصيرة. هذا لا يحدث في أندية غير محترفة، أنه يحدث في أندية بحجم الهلال والنصر والأهلي والاتحاد، وبالتالي لا لوم على البقية الذين من المنطقي أن يكون مستوى الوعي والعمل الاحترافي لديهم أقل قياساً بإمكاناتهم المالية الضعيفة التي تمنعهم من استقطاب أفضل المدربين. متى ما شاهدنا الاحترافية واقعاً ملموساً، ومتى ما قرأنا عن تواجد اللاعبين على فترتين في أنديتهم بشكل يومي كمحترفين حقيقيين فإن سلوك اللاعبين وعاداتهم الغذائية وقدرتهم على تحمل التدريبات الشاقة ستجعل منهم لاعبين قادرين على تحمل موسم طويل وشاق، وعدا ذلك فسنظل ندور في حلقة الإصابات العضلية المكلفة فنياً ومالياً للأندية.