بعد أقل من أسبوع من وصف رئيس الجمعية الفرنسية لضحايا الإرهاب، مجاهدي الثورة الجزائرية وشهدائها ب"الإرهابيين" في فعالية رسمية رعاها الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند بالعاصمة باريس، أثارت حفيظة السلطة في الجزائر، على رأسها وزير المجاهدين الطيب زيتوني والأسرة الثورية وديوان الرئاسة ممثلا في أحمد أويحي، يرمي هولاند بحجر آخر في مستنقع العلاقات بين الجزائروفرنسا، المعكّر سلفا بملفات الذاكرة، عندما اعترف في مراسيم مخصصة لتكريمهم بداية الأسبوع بمسؤولية فرنسا عن "التخلي عن الحركى وتحمل مسؤولية المجازر التي تعرض لها هؤلاء بعد خروح فرنسا من الجزائر". ولا يمكن فصل تصريح هولاند عن السباق المحموم الجاري حاليا في فرنسا استعدادا لرئاسيات 2017 وسعي الأخير، دون مراعاة مشاعر الشعب الجزائري، إلى توظيف ملف "الحركي" ضمن الأوراق الرابحة التي قد تعيده إلى كرسي قصر "والإليزيه"، عبر دغدغة مشاعر هذه الفئة التي ما تزال تعيش في فرنسا في "غيتوهات" كمواطنين من درجة ثانية، وهو ما يتحدث عنه كتاب الفرنسي "بيار دوم" المعنون "الطابو الأخير" الذي يتناول ملف الحركي، سارع اليمين المتطرف في فرنسا إلى منع عرض نتائجه المتمخضة عن ثلاث سنوات من البحث قضاها الصحفي الفرنسي في الجزائر مثلما كشف لصحيفة "الخبر" الجزائرية في حوار صدر في فبراير 2016، بسبب معارضتها لما يروج له هؤلاء من أن الحركي "تم سحقهم جميعا في الجزائر من طرف جبهة التحرير الوطني في 1962" وهو ما ينفيه الكتاب الذي أثبت أن "غالبية الحركي بقوا في الجزائر ولم يتعرضوا للقتل" ويشير أن عدد هؤلاء كان خلال حرب الجزائر يفوق 450 ألف شخص، 30 ألفا غادروا إلى فرنسا، ما يعني أن 420 ألفا بقوا في الجزائر، وأن 150 ألف حركي الذين تدعي فرنسا أن جبهة التحرير أبادتهم مبالغ فيه. وتتكتم السلطة في الجزائر بشأن ما تم الاتفاق عليه في ختام أشغال الدورة الثالثة للجنة الحكومية المشتركة الجزائرية الفرنسية التي انعقدت بالجزائر العاصمة يومي 9 و10 أبريل 2016 حول ملف تنقل الحركي وعائلاتهم إلى الجزائر، كملف يحرص اليمين الفرنسي على الإبقاء عليه ضمن الأجندة السياسية الفرنسية الداخلية وفي العلاقات الثنائية، مثله مثل ملف الأقدام السوداء (الفرنسيون المولودون في الجزائر) وملف الأملاك العقارية للمستوطنين الفرنسيين وملف مفقودي فرنسا خلال الثورة الجزائرية، وغيرها من الملفات الشائكة التي تلقي بظلالها على العلاقات بين البلدين وتعيدها إلى الصفر بفعل التراشقات والتصريحات والتصريحات المضادة بين مسؤولي البلدين بالأخص خلال المواعيد الانتخابية، لكن الأخيرة لم تفلح إلى اليوم في التأثير على العلاقات الدبلوماسية التي تعكسها الزيارات المتبادلة المنتظمة بين البلدين آخرها الزيارة التي تقوم بها منذ أمس الثلاثاء وزيرة البيئة والطاقة والبحر، سيغولين روايال إلى الجزائر بصفتها رئيسة "كوب 21" للمشاركة في الطبعة ال15 للمنتدى الدولي للطاقة، الذي تجري فعالياته في العاصمة الجزائر يومي 27 و28 سبتمبر الجاري. هولاند خلال تكريمه «حركي» الجزائر