أوشك موسم الحج على الانقضاء، فاليوم هو ثاني أيام التشريق وغدا آخرها، بعدها يبدأ ضيوف الرحمن في المغادرة الى بلادهم بعد أن ادوا الفريضة بكل يسر وسهولة واطمئنان، لم ينغص عليهم حجهم منغص ولله الحمد والمنة، تفرغوا لأداء عباداتهم وتنقلوا بين المشاعر المقدسة في سلاسة منقطعة النظير، قدمت لهم كل الخدمات التي يحتاجون على اكمل وجه بكل روح طيبة نعرفها عن ابناء هذا البلد الطاهر الذي لايألو في تقديم موارده المادية والبشرية ويسخرها باستمرار في موسم الحج وفي غيره من شهور السنة من اجل ان ينعم المسلمون القادمون الى الاراضي المقدسة في الحج او العمرة او الزيارة بأرقى الخدمات مؤدين نسكهم بكل امن وامان ويسر وسهولة. الحج فريضة عظيمة فرضها المولى عز وجل على عباده لمن استطاع اليه سبيلا، وكل مسلم يرغب في أداء هذه الفريضة ولو مرة واحدة في عمره، فهي الركن الخامس من اركان الاسلام تجتمع فيه بقية الاركان حتى الصوم لمن لم يفرض الحج، مناسبة دينية جزاؤها الجنة اذا اديت بكامل اركانها دون زيادة او نقصان، والرسول الكريم عليه افضل السلام واتم التسليم يقول في الحديث الصحيح: "من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه"، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» ، والحاج عندما يحقق حلمه بالقدوم الى الاراضي المقدسة انما يأتي ملبيا لدعوة رب العزة والجلال، يريد ان يؤدي النسك كاملا دون نقصان بروح ايمانية صادقة بعيدة عن صغائر الامور الدنيوية التي قد تفسد عليه حجته حال خاض فيها، ومن تلك الامور الجدال الذي نهى المولى عز وجل عنه في الحج، والسياسة جدال يبعد المرء عن مقصده الاساس في الحج وهو التفرغ روحا وجسدا للخالق سبحانه وتعالى، وخادم الحرمين -حفظه الله- عند استقباله رؤساء البعثات الاسلامية في حج هذا العام أكد تأكيدا قاطعا "المملكة ترفض رفضاً قاطعاً أن تتحول هذه الشعيرة العظيمة إلى تحقيق أهداف سياسية أو خلافات مذهبية، فقد شرع الله الحج على المسلمين كافة دون تفرقة"، هذه الشعيرة ليست مناسبة يمكن الخوض في السياسة فيها، بل على العكس هي عبادة كبقية العبادات يجب الاخلاص فيها لله عز وجل والابتعاد عن الشوائب التي تفسدها وتذهب اجرها العظيم الذي وعد الله عباده به، على العكس الحج مناسبة يكون المسلمين فيها على قلب رجل واحد كما يجب ان يكونوا، يجمعهم الاخلاص في العبادة ولا تفرقهم خلافاتهم حال التزموا شرع الله بتنفيذ اوامره واجتناب نواهيه. بلادنا حفظها الله تقود العالم الاسلامي نحو وحدته وامنه وازدهاره، وماتفعله انما هو في صالح الاسلام والمسلمين، فهي دائما حريصة كل الحرص على تحقيق التضامن الاسلامي الذي هو مطلبنا جميعا ونعمل من اجله، فعزة المسلمين في وحدتهم وتماسكهم رغم الاصوات النشاز التي تعمل ضد تلك الاهداف السامية.