تعتمد رؤية المملكة 2030 على بناء الحكومة الفاعلة والتي تتشكل ملامحها من خلال تعزيز الكفاءة والمساءلة، والمحاسبة الفورية، وتعتمد على الشفافية والصراحة، سواء عند النجاح أو الإخفاق. وهذه المبادىء التي صرحت بها الرؤية هي من مبادىء الحوكمة، والتي تمثل في مجملها إجراءات "مراقبة الجودة" على النظم العاملة في الدولة، وإذا تم تفعيل هذه المبادىء من خلال معطيات تقنية الاتصالات والمعلومات فإننا نكون حينئذ بإزاء تفعيل الحوكمة الإلكترونية. إن أول ما يحتاج إلى الشفافية فيما تقدمه الحكومة من خدمات هو الإجراءات الإدارية التي تحتاج لأن يتم تقديمها دون تعقيد وبصورة يسهل فهمها بواسطة المواطنين. ويتم تعزيز الشفافية عندما يستطيع المواطن أن يحصل على الخدمات الحكومية من خلال تطبيقات الحكومة الإلكترونية. فالمباعدة ما بين الموظف وطالب الخدمة من خلال تلك التطبيقات هى إحدى الوسائل التى تقلل من الفساد وتقفل الباب أمام المرتشين، كما يتم تعزيزها عندما يقوم المواطن بدور الرقيب على أداء الإدارات الحكومية فيما يختص بمعاملاته الإلكترونية، فيمكنه متابعة الموافقات والتصديقات التي تتم على تلك المعاملات، ورفع الشكاوى الإلكترونية عندما يلاحظ تأخيراً أو تعطيلاً، وهو ما يفرض على مقدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية تحديد معايير تنفيذ الخدمة، وما تستغرقه من وقت طبقا للإجراءات الروتينية، وإعلان ذلك على المواطنين، بحيث يستطيع طالب الخدمة تحديد التأخير عند حدوثه. كما أن إتاحة الرقابة المجتمعية على الممارسات الحكومية في مجالات المشتريات الحكومية أو التعيين في الوظائف الحكومية أو المناقصات، وذلك من خلال البوابات الإلكترونية الحكومية، يعتبر تفعيلا لمبدأ الشفافية. فهو يزيد من ثقة المواطنين في تلك الممارسات، ويقلل من الفساد، ويمكِّن - بشكل أفضل - من تطبيق المسائلة والمحاسبة وإنفاذ أحكام القانون. بالإضافة إلى ذلك، فإن إتاحة تقارير دورية عن أداء الحكومة عبر البوابات الإلكترونية، واستخدام الأدوات التفاعلية مع المواطنين، مثل البريد الإلكتروني أو حلقات النقاش أو استطلاعات الرأي عبر الإنترنت، يعزز مفاهيم المشاركة والشفافية، ويتيح نافذة إلكترونية للرقابة المجتمعية على الأداء الحكومي، بحيث لا يقتصر دور المواطن على مجرد تلقي الخدمات والتفسيرات التي تقدمها الجهات الحكومية، وإنما يمتد ليشمل التفاعل والمشاركة بالرأي والنقد بصورة مباشرة. ويعتبر إشراك المواطنين في ورش عمل تناقش الخطط المقترحة على مستوى قطاعات الدولة خطوة حاسمة في هذا الشأن، فهي ممارسة تغير وضع المواطن من مجرد متلقي للخدمة إلى مشارك في صنع القرار، وهو الأمر الذي يتيح للمسؤولين الحكوميين استشراف تطلعات المواطنين ومتطلباتهم، واستجلاء النقاط التي تتعلق بالقضايا محل الدراسة. كما يساعد على بناء الثقة في أداء أجهزة الدولة وفي قدرتها على تحقيق أهدافها، ويجعل قرارات الحكومة عاكسة لتطلعات المجتمع، ونابعة من صميم احتياجاته، مما يزيد من الاقتناع المجتمعي بسياسات الدولة. فضلاً عن ذلك، فإن مشاركة المواطنين في صنع القرار، هو أمر في صالح الحكومة نفسها، حيث أنه يصبغ القرارات بصبغة مجتمعية، ويجعل المواطنين متعاطفين مع الحكومة، ومقدرين للأعباء التي تتحملها. إن استخدام الأدوات المجتمعية لمراقبة الجودة وتحقيق التميز فى الأداء، هو صورة من صور الحوكمة المجتمعية، التي تضفي رونق الفعالية والشفافية على ما يتم تنفيذه من خطط وبرامج. * عضو مجلس الشورى