في خطوة جات متأخرة أعلن كل من الحوثيين وأنصارهم والمؤتمر الشعبي العام بقيادة علي عبدالله صالح وأنصارهم عن إنشاء المجلس السياسي الأعلى ليدير شؤون البلاد. ولسنا بصدد الحديث عن شرعيته فمتى كان احتلال صنعاء شرعيا لنتحدث عن الشرعية. ولهذا سنتجاوز الشرعية إلى تحليل الإعلان من حيث هو أمر واقع. فالإعلان عبارة عن اعتراف بالفشل الذريع التي منيت به اللجان الثورية الحوثية التي وكل إليها إدارة شؤون اليمن الخاضع للحوثيين. فقد تحولت تك اللجان إلى عصابات قتل ونهب وخطف وتدمير مما أدى إلى تململ اليمنيين الواقعين تحت سيطرتهم وارتفاع أصوات المعارضة حتى ممن كانوا يؤيدونهم ومن بعض أعضاء مجلسهم السياسي السابق. كما أن الإعلان يتجاوز النظرة الطائفية الضيقة للمشكلة اليمنية التي يحاول التيار الإسلامي أن يصبغها بها. فأنصار الطائفتين يمثلون قطاعات مختلفة بمن في ذلك الشوافع وبعض أعضاء حزب الإصلاح. وهو من وجهة نظري خطوة تقربنا من السلام أكثر من سابقاتها. حيث إن هناك لجنة مسؤولة عن القرار السياسي وليس وفداً لا يحل ولا يربط حتى يعود إلى عبدالملك الحوثي أو يسترشد بالعدو الفارسي. فلو كان الإعلان عن مجلس عسكري أعلى لأمكن الاستنتاج أن الغاية منه هي التصعيد العسكري ولكن كونه مجلساً سياسياً فهذا يعطي انطباعاً مغايراً أيده خطاب علي عبدالله صالح الذي أعلن صراحة رغبته في السلام والاستعداد للمحادثات المباشرة مع دول التحالف بقيادة السعودية في أي مكان. كما أنه تفادى الألفاظ الاستفزازية التي كان يجترها منذ خلعه. ولا شك أن الإعلان يعيد للمؤتمر الشعبي العام مكانته التي تنازل عنها في السابق للحوثيين فهو الآن شريك في القرار كما يطمح لأن يكون له نصيب بعد أن تضع الحرب أوزارها. الإعلان بحد ذاته كان غير شرعي ولكنه كان يحتاج إلى غطاء شرعي ولو كان مزيفاً ومن هنا فُرض اجتماع مجلس النواب طوعاً أو تحت تهديد السلاح ولم يكتمل النصاب ولكنه أقر المجلس السياسي الأعلى الذي يضم أعضاء من أنصار الله الحوثيين ومن المؤتمر الشعبي العام وحزب اتحاد القوى الشعبية والحزب الاشتراكي اليمني وشخصيات مستقلة. هناك من يريد استمرار قرع الطبول في الجانبين وسيستغل الإعلان للمطالبة بالتصعيد، ولكن من المهم الوصول إلى الأهداف المحددة من دون إضعاف الأمة واستنزاف الموارد في حرب بين شعبين شقيقين فرضتها وغذتها ثعالب السياسة الإيرانية. المحصلة أن الوضع السياسي في اليمن غير شرعي قبل الإعلان السياسي وبعده ولهذا يجب ألا نتوقف كثيراً عند الإعلان السياسي، ولكن أن يستغل وجوده للوصول لحلٍ سياسي يجنب اليمن مزيداً من الدمار ويجنب دول التحالف مزيداً من الخسائر المادية والبشرية.