إن الشريعة نهت عن كل أمر يؤثر على نفسيات الخلق ويجعلهم يتضايقون ولا تستقر نفوسهم، ومن هنا نهت الشريعة عن السخرية بالآخرين وعن الكلام في معائبهم وأمرت بحسن التعامل وانتقاء الألفاظ الطيبة فالكلمة الطيبة صدقة، وتبسمك في وجه أخيك صدقة كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) قال الرسول صلى الله علية وسلم (إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم)، وهناك خطوات مهمة قبل وأثناء وبعد المشورة لابد لمقدم المشورة العمل بها والتعايش معها حتى في حياته اليومية كي لا يقتبسها أثناء فترة العيادة ومع مرور الوقت لا تكون من طبيعته، مثل الاستعداد (يكون ذلك بتجميع بعض المعلومات الهامة عن الأبوين وكذلك الاستعداد النفسي والذهني قبل الاستقبال)، وذلك لإعطاء انطباع حسن لدى الأبوين أن مقدم المشورة يوليهما اهتماماً خاصاً مما يقوي العلاقة ويسهل عملية المشورة، ومن الخطوات المهمة أثاء المشورة حسن الاستقبال من إظهار الاحترام والترحيب الحار، وإظهار البشاشة، والمصافحة الحميمة، وذلك لإعطاء الأبوين الشعور بالراحة والتقليل من إحساس الخجل والتردد وتشجيعهما على إظهار ما يخفى من مشاعر ومعتقدات، وكذلك من الخطوات البدء بالحوار وينصح بطرح سؤال عام بحيث يحتمل إجابات متعددة، وذلك لترك الحرية للأبوين بتوجيه الحديث من العام إلى أولوياتهما الخاصة والمؤثرة عليهما، ومن الخطوات أثناء المشورة إظهار الاهتمام والتركيز الكاملين مع الأبوين، وذلك بإشعار الأبوين أن الدقائق التي يقضيانها في العيادة هي ملكهما حيث لا ينشغل الطبيب بما حوله في العيادة مثل جهاز الكمبيوتر، جهاز الهاتف، وحتى الأوراق الخاصة بسجل لمريض، وذلك لكسر حاجز الكلفة والخجل ومساعدة الأبوين على الاسترخاء وبأن الطبيب مهتم بهما. ومن الخطوات أثناء تقديم المشورة معرفة أولويات الأبوين، وذلك بالتركيز على أولويات الأبوين، فمشكلة الأبوين ومشاعرهما، معتقداتهما، مخاوفهما وتوقعاتهما تكون لها الأولوية في النقاش والاستماع وإيجاد الحلول المناسبة لهما قبل معرفة المرض، مما سيشعر الأبوين بمدى انتباه الطبيب لحديثهما واهتمامه الشديد بهما، وأنه يعيش معهما الواقع المحيط بهما بغض النظر عن نوع المرض. ويعتبر إظهار التعاطف إحدى الخطوات التي يجب مراعاتها أثناء تقديم المشورة، وذلك بالاستماع الجيد لشكوى الأبوين وملاحظة اللغة غير الشفهية الصادرة منهما ومن ثم تسمية هذه المشاعر باسمها المناسب، مما يساعد الأبوين على ترجمة مشاعرهما بشكل واضح ومواجهتها ومن ثم التعبير عنها بشكل مناسب ومباشر مما يساعد في السيطرة عليها ومعالجتها. ومن الخطوات أيضاً الوقوف إلى جانب الأبوين، موافقة الأبوين على ما يشعران به ويعطيهما الحق في التفاعل بأي طريقة وبحسب شدة الانزعاج أو الحزن، وذلك لتعزيز موقف الأبوين وثقتهما بالطبيب وأن الطبيب مساند لهما. ومن الخطوات دعم ومساندة البوين، حيث يظهر الطبيب هنا استعداده لمساعدة الأبوين ومساندتهما والشد من أزرهما ودعمهما ليتمكنا من اجتياز مشكلة المولود التي سببت لهما الضعف والقلق، فيستعمل الطبيب سلطته المهنية كأب رحيم وكدواء للمريض يخفف عنه قلقه وخوفه ويشاركه في حمل همومه بحيث يدرك المريض أن عليه المشاركة في تحمل مسؤوليته عن صحته وصحه المولود. وكذلك من الخطوات المهمة أثناء تقديم المشورة موازنة العلاقة بين الطبيب والأبوين، فعلى الطبيب أن يظهر كل الاهتمام والتعاطف والتقدير للمريض ولكن بدون إفراط أو تفريط، بحيث يشعر الأبوان أنهما حين يخبران الطبيب بمشاكلهما الشخصية فلن يثقلا عليه بل هو فقط يساعدهما ويرشدهما فالطبيب الحاذق يعرف متى يقترب من الأبوين (علاقة حميمة) ومتى يبتعد قليلاً(علاقة رسمية). وآخر الخطوات التي تستمر حتى بعد تقديم المشورة هي المحافظة على استمرار العلاقة بين الطبيب والأبوين، فالطريقة التي يختتم بها الطبيب المشورة الطبية والانطباع الأخير الذي يتركه عند الأبوين من غير ملل، له أثره الكبير الذي يجب أن يعيه الطبيب ويعيره بعض الاهتمام فيحسن، وعليه توديع الأبوين كما أحسن استقبالهما. إن مسؤوليات مقدم المشورة الوراثية عند معرفة النتيجة هامة ودقيقة، فعندما يتم الكشف عن أحد الأمراض المفحوص عنها يجب استدعاء الأبوين لإبلاغهما النتيجة باستخدام أفضل طرق التواصل لنقل الخبر وذلك بعد اختيار الوقت والمكان المناسبين، ويجب التأكيد على مراجعة الطبيب فوراً لمصلحة صحة ومستقبل المولود.، كذلك يجب تزويد الأبوين بالمطويات المتعلقة بطبيعة الغذاء والدواء المناسبين وأهمية إعطائهما في الوقت المناسب، وإحالة المولود للطبيب المعالج وأخصائي التغذية للمتابعة، ويجب كذلك تذكير الأبوين بأن هذا النوع من الأمراض يتطلب متابعة طويلة الأجل والحرص على زيارة الطبيب وأخصائي التغذية بشكل منتظم، ويتطلب من مقدم المشورة معرفة إن كان المرض المكتشف لطفرة جديدة أو كانت في العائلة من قبل وذلك عن طريق رسم شجرة العائلة لثلاثة أجيال، حيث يتم التعرف على الدرجة الأولى (الآباء والإخوة والأبناء) وعلى الدرجة الثانية (الأجداد والأخوال والأعمام) والدرجة الثالثة (أبناء العم وأبناء الخال). * مركز الأبحاث د. أيمن عبدالعزيز السليمان