لقد كان صدى تكريم الأديب الرائد عبدالفتاح أبو مدين من قبل وزارة الثقافة والإعلام الأثر الجيد لدى جميع الأدباء والمثقفين في المملكة، حيث كانت مبادرة معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي بتسليمه جائزة الوزارة، عرفاناً بدور أبو مدين الريادي من خلال العمل الثقافي في المملكة في الصحافة والإدارة والأدب، وتاريخه الحافل بالمنجزات شاهد على ذلك. وأثق بأن الدكتور عادل الطريفي لن يتوقف عند هذا الرائد بل سيسعى لتكريم بقية الرواد في المملكة في المجالات الثقافية المختلفة، وبالطبع التكريم وتسليم الجائزة سيكون له صداه، ولكن -وأنا أتمنى ذلك- أن يواكب هذا التكريم إحياء لتراث هؤلاء الرواد المنشور، فمع كل الأخبار التي تناولتها وسائل الإعلام التقليدية والحديثة، هنالك فئة كبيرة من المهتمين بالشأن الثقافي لم يطلعوا على إصدارات وكتب هؤلاء الرواد، لذا فإعادة طباعة نتاجهم الثقافي بطبعات شعبية توزع مع الصحف والمجلات وتباع بسعر رمزي أمر أراه ضرورياً. نحن لا نزال نواجه مشكلة في النشر والتوزيع، فهنالك بعض المؤسسات الثقافية ساهمت بالنشر وقدمت إصدارات جيدة ومتميزة مثل المجلة العربية، وهنالك الأندية التي تفاوت نشاطها في النشر، فبعضها متميز وشامل وبعضها يكتفي بإصدارات أعضاء النادي، وقد كان للنشر المشترك مع دور نشر عربية لها تجربة جيدة في صناعة الكتاب الأثر الجيد الذي دعم الكتاب السعودي ليخرج من إطار الاجتهاد في الطباعة والنشر إلى حيز التمرس المهني الناجح. ونحن ننتظر بدء عمل الهيئة العامة للثقافة نتمنى أن يكون هنالك إدارة أو قسم خاص بالنشر، يكون من أولى مهامه نشر الكتاب السعودي بصورة جيدة، وبالطبع يتم التوجه إلى وضع مجموعة من السلاسل، وفق ضوابط مهنية محددة، فيكون هنالك سلسلة للإبداع وسلسلة للدراسات، والسلسلة الأهم لكتب الرواد، لنخرج من دائرة عشوائية الاختيار والنشر، والتي كان يعمل بها سابقاً، باختيار بعض الكتب القديمة بدون معايير محددة وطباعتها وتوزيعها في معرض الرياض الدولي للكتاب. مهم جداً أن يكون في جميع معارض الكتب المحلية والعربية والعالمية أجنحة لوزارة الثقافة والإعلام "الهيئة العامة للثقافة" يوجد بتلك الأجنحة كتب العواد والسباعي وابن خميس، وأبو مدين، والمشري، والقائمة طويلة، وبكل تأكيد ثرية. إننا عندما نحيي تراثنا الثقافي، بنشر ذلك التراث المهم، فنحن نقوي قاعدة الثقافة، ونفرض أنفسنا كمصدر للتنوع الثقافي، لم يأتِ من فراغ، بل له جذور تمتد عشرات بل مئات السنين، ثمة أعمال كثيرة تستحق القراءة، ونتمنى أن يطلع عليها الأجيال الجديدة، من قرأ سيرة عزيز ضياء، من اطلع على ترجماته، إبداع حامد دمنهوري وإبراهيم الناصر الروائي، صحافة الأفراد ومن ضمنهم عبدالفتاح أبو مدين يغلب عليها الجانب الأدبي، وإعادة طباعتها، كمجلدات تعطي بلا شك صورة للتفكير والرؤية في ذلك الزمن، أساطير الجهيمان، عوالم خيالية لا يعرفها مطلقاً الجيل الجديد، لماذا لا توجد مؤسسات ثقافية تتبناها لتخرجها مصورة ورقياً أو إلكترونياً للناشئة، أو تحويل بعض قصصها إلى أفلام. الحركة الثقافية في المملكة خصبة، وغنية بروادها، الذين يستحقون التكريم، وما تكريم معالي الدكتور عادل الطريفي للأستاذ عبدالفتاح أبو مدين إلا خطوة سليمة وصحيحة في طريق طويل، نثق كثيراً بأنه سيواصل السير به ليحقق الحضور والتميز لثقافتنا في المملكة العربية السعودية.