خمسة وثلاثون يوماً مرت ثقيلة على الكثيرين من أفراد المجتمع، فقد سارت خطى الأيام الثقيلة من شهر شوال وهي تزحف ببطء، كما وصفها البعض منهم، حيث تعطش الكثير لليوم الخامس والعشرين من هذا الشهر، وعند حلول الموعد المنتظر ونزول المرتبات، استقبلت بحرارة وبترحاب بالغ، ومثلما نظموا لانتظار المرتب الأبيات الشعرية، استقبلوه بها، مشكلة إفلاس آخر الشهر تتكرر كل عام، ويرجع الكثير أسبابها إلى تزاحم المصروفات وارتفاع حجم الاستهلاك بداية من شهر رمضان المبارك وانتهاء بمشتروات العيد المتنوعة والمكلفة، وفي ظل ارتفاع الأسعار وكثرة المصروفات، نفدت رواتب البعض أو قاربت على النفاد، وفي إطار قضيتهم المشتركة أطلق مرتادو مواقع التواصل النكات على بعضهم للتخفيف من وطأة الانتظار وليصبر بعضهم بعضاً. مرتب شوال وقال مشعل العبدالرحمن -موظف-: رصيدي المالي في الأسبوع الثالث من شهر شوال شارف على الانقضاء وخصصت ماتبقى من مبالغ للصرف على البنزين، مع تدخلات اسعافية من والدتي بعد أن نزل الرصيد حتى حان الفرج. أبو ريان -موظف- لا يفارق نافذة مكتبه في إحدى الدوائر الحكومية كونها تطل على إحدى (الصرافات) ويقول مازحاً: كنت أنظر إليها وأغوص في الخيال بل كنت ارتجل أبياتا شعرية غزلية وتارة هجائية أو فكاهية بات يرددها زملائي في العمل، ويعلل فترة الشِّدة المادية في شهر شوال نظراً لطول المدة مابين استلام مرتبي شهر رمضان وشوال. الايداع منتصف الشهر واشار أحمد العبد العزيز-ممرض- بان رصيده لم يكن على ما يرام منذ الثالث عشر من رمضان وحتى صبيحة نزول المرتب، وفي كل عام أعاهد نفسي أن أجد حلاً للخروج من ورطة شوال، ولكني لا أستطيع أو بالأحرى لا أعمل عليها بشكل جدي. وتمنت فداء الميموني -وكيلة مدرسة- أن يتم إيداع مرتب شهر شوال لكافة موظفي الدولة في منتصف الشهر، وتلك أمنية الكثير معللة السبب بأنه في شهر شوال تكثر المناسبات ابتداء من اليوم الأول من أيام عيد الفطر المبارك، والذي عادة يجتمع فيه الأقرباء وتكثر لقاءات الأصدقاء داخل المنزل أو خارجه مما يستدعي إعداد الولائم وغالباً إما في الاستراحات أو أحد الشاليهات بأسعارها المرتفعة والتي زاد لهيب ارتفاعها بدءا من شهر شوال. اما ابو راكان-موظف- فيذكر انه اضطر الى إلغاء الأسبوع الثاني من رحلته بسبب قرب نفاد راتبه، مضيفا استدعى الأمر منع أفراد أسرتي من ارتياد الأسواق أو أماكن الترفيه وعدم الخروج من المنزل إلا للضرورة، معترفا بأنه أخطأ في توقيت السفر، حيث ازدياد المصروفات في شهر رمضان واستهلاك سلع غذائية خاصة في هذا الشهر في ظل غلاء الأسعار وكذلك الاستعداد لعيد الفطر المبارك بمشتروات خاصة وأسعار مضاعفة، مبيناً أنه ظل ينتظر الراتب بشوق كغيره. استعجال السفر وقالت عهود المحسن-سكرتيرة- : لم يكن شهر شوال ثقيلاً علي كما البعض ربما يعود لارتباطي في العمل وحضوري لمناسبات قليلة في هذا الشهر ولأول مرة يمر علي هذا الشهر(لطيفاً) حيث لم أنتظر المرتب بشغف كغيري. وتعجب عبدالعزيز الفالح –معلم- استعجال الناس على السفر في هذا الشهر ممن لا تمكنهم ظروفهم المالية لذلك، أو ممن يستطيع تأجيل السفر للشهر الذي يليه ومع هذا لا يؤجل، وخاصة وأن إجازة الصيف لهذا العام تمتد لأربعة أشهر، مبيناً أن استعجال الناس بالسفر في فترة هم بأمس الحاجة لالتقاط أنفاسهم بعد أن صرفوا مبالغ كبيرة خلال شهر رمضان وفي أيام العيد خطأ كبير، إن لم تستدع الضرورة ذلك. وترجع أمجاد - ربة بيت- سبب نفاد مرتبات البعض في وقت مبكر من هذا الشهر إلى المشتروات المرهقة والتي أجبر الناس أنفسهم عليها، سواء في رمضان أو في أيام عيد الفطر، وقد حمل البعض أنفسهم ما لا يطيقون بالمبالغة في شراء الكماليات في هذين الشهرين والمبالغة في البحث عن كل ماهو جديد واقتنائه. موازنة واقترح عبدالمجيد الثويني-طالب جامعي- بأن يحاول كل فرد بالإعداد مسبقاً لهذه الحالة والتي تتكرر سنوياً وذلك بما لا يقل عن ثلاثة أشهر، بمعنى أن يدخر كل منا مبلغاً شهرياً، واضعاً في حسبانه متطلبات شهري رمضان وشوال وحسبانها بدقة، مبيناً أن غالبية أفراد المجتمع يدورون في فلك الفشل في تدبير مصروفاتهم التدبير الأمثل، ويرجع السبب في التقشف الإجباري والذي يبدأ حوالي منتصف شهر شوال وحتى موعد ايداع المرتب إلى أن الغالبية يقومون بصرف المرتب فور تسلمه وبشكل عشوائي دون موازنة أو تخطيط. وأوضحت "أماني المانع"- سيدة أعمال - أن البيت الذي تعلو مصروفاته على مدخولاته فإن مصيره التورط، ولهذا يمكن الاختصار والاقتصاد في المصروفات المرنة والقابلة للتغيير، والحرص على تحديد كيفية وضع ميزانية للأسرة وذلك بتحديد المدخولات والموارد، مبينة أن كل أسرة تواجه شهرياً مصروفات لم تكن بالحسبان، وموضحة أن الأسرة غير المستقرة اقتصادياً يعرضها المصروف الطارئ لأزمة مالية، ولهذا عندما نعد خطة للميزانية فأول خطوة يجب أن نلتفت لها هي خصم أو اقتطاع ما نسبته 10% من الدخل الشهري مباشرة، وإضافة هذه النسبة لإجمالي المصروفات الشهرية المتوقعة، حتى نتعامل بيسر مع المصروفات الطارئة وغير المتوقعة، مبينة أن الأفراد يمكن أن يتجاوزوا أزمة شهر شوال المالية عند محاولتهم السعي في أن تفوق الزيادة بين الدخل الشهري وإجمالي المصروفات المتوقعة شهرياً نسبة 10% لصالح الدخل الشهري، موضحة أنه من خلال ذلك يمكن القول بأن الوضع الاقتصادي للأسرة مستقر، ويمكن للأسرة أن تدخر وتوفر وتستطيع عبور هذه الأزمة بسلام، مشيرة بان الحاجة اليوم إلى ثقافة الاستهلاك باتت ضرورية رغم أن المستهلك قد يعتبرها معقدة وصعبة وقد تكون شبه مستحيلة، ناصحة بكتابة قائمة بالمشتريات قبل الخروج إلى السوق حسب الاحتياجات الضرورية، مع تجنب المحاكاة والتقليد والعاطفة، وعدم جعل الماركات المشهورة هدفا مبينة أن الجودة والسعر هو المقياس للسلعة الجيدة. التغني بالراتب عند استلامه البعض يرى في مرتب شوال حلاً لأزمته إيداع راتب شوال قبل يوم 25 من الشهر سينفع غير المدخرين