القرار الذي صدر عن مجلس الوزراء تأسيس صندوق الصناديق برأسمال أربعة مليارات ريال للاستثمار الجريء والملكية الخاصة، وإنشاء جمعية مهنية تعنى برفع مستوى المهنية والاحترافية في قطاع رأس المال الجريء يأتي في سياق تعزيز اقتصادنا الوطني وزيادة روافده من خلال تمويل بالمشاركة لمرحلة إنشاء مشروع مبتدئ ذي إمكانية نمو عالية، وهو مجال مهم لمساعدة المشروعات الصغيرة التي تواجه صعوبات التمويل، والتي يحجم معظم المصارف عن منحها القروض نظراً لعدم قدرتها على توفير الضمانات. توافر هذا النوع من التمويل يدفع بالاقتصاد الوطني إلى مزيد من التوسع وتنشيط الحركة الاقتصادية، ويساهم بجدية في خلق فرص العمل. وكما أكد الباحثون فقد ازدهرت الثورات الصناعية، والإلكترونيات والمعلومات الدقيقة والتكنولوجيا الحديثة وغيرها من الصناعات ازدهارا مذهلا بفضل التمويل برأس المال المخاطر، حيث أضحت تلك المشروعات بعد سنوات قليلة مشروعات متوسطة ناجحة قفز أغلبها بعد ذلك إلى مصاف المشروعات الكبرى التي تغزو منتجاتها وخدماتها أسواق العالم كافة، والأمثلة على ذلك كثيرة. وبحسب تقرير لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية فإن رأس المال الجريء يساهم بما يزيد على 100 مليار دولار سنوياً لتمويل المشروعات على مستوى العالم. رأس المال الجريء، يعتبر بديلًا تمويليًا للمصادر التقليدية؛ كالقروض المصرفية والأسهم والسندات، نشأ كرد فعل على إحجام البنوك عن تقديم التمويل للمشروعات الصغيرة والمشروعات ذات المخاطر العالية والأفكار غير التقليدية.. حتى لا تتعرض تلك البنوك للمخاطر الناشئة عن تلك المشروعات، وتبني الدولة لهذا المشروع الوطني يأتي في إطار برنامج التحوّل الوطني 2020 ورؤية 2030 التي أكدت أن المنشآت الصغيرة تسهم بنسبة لا تتعدى 20 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالنسبة التي حققتها الاقتصادات المتقدمة التي تصل الى 70 بالمائة، واوضحت ان المنشآت الصغيرة في المملكة لازالت تعاني من تعقيد في الإجراءات النظامية والادارية وبطئها، وضعف القدرة على جذب الكفاءات، وصعوبة الحصول على التمويل، اذ لا تتعدى نسبة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة الخمسة بالمائة من التمويل الإجمالي، وهي نسبة ضئيلة مقارنة بالمعدلات العالمية، وإن كان الهدف رفعها الى 20 بالمائة بحلول 2030 أي أربعة أضعاف مما هي عليه الآن، وأكدت «الرؤية» أنها ستسعى إلى مساعدة تلك المنشآت وهو ما حصل بالفعل من خلال قرار مجلس الوزراء إنشاء صندوق الصناديق. بالتأكيد أن «البرنامج» و»الرؤية» طموحان بما فيه الكفاية لتحقيق منجز وطني اقتصادي واجتماعي من أجل بلوغ نقلة نوعية لوطننا، تعزز من مكانته بين دول العالم التي هي بالفعل مكانة مرموقة تتحدث عن نفسها، وكون المملكة واحدة من أكبر عشرين اقتصاداً في العالم، فإن تعزيز هذه المكانة بالاستفادة القصوى من الإمكانات المتاحة وتسخير كل الموارد هو هدف نسير على الطريق الذي يؤدي إليه بخطى حثيثة.