قتل 48 شخصاً على الأقل واصيب العشرات بجروح أمس الأربعاء في تفجير انتحاري تبناه تنظيم داعش في مدينة القامشلي ذات الغالبية الكردية في شمال شرق سورية، وهو الأكبر في هذه المنطقة منذ بدء النزاع السوري قبل اكثر من خمس سنوات. ونقلت وكالة أنباء النظام السوري "عن مصادر طبية وصول جثامين أكثر من 48 قتيلاً اضافة الى 140 جريحاً الى عدد من مشافي القامشلي بعد تفجير "ارهابي انتحاري لسيارة مفخخة" في القسم الغربي من المدينة، فيما تحدث المرصد السوري لحقوق الانسان عن 48 قتيلا بين مدنيين وعناصر من القوات الكردية. وذكرت القيادة العامة لقوات الاسايش الكردية في بيان ان التفجير نجم عن "شاحنة مفخخة". ونقل مراسل وكالة فرانس برس عن عناصر كردية في موقع التفجير ان "انتحاريا" كان يقود الشاحنة. واظهرت مقاطع فيديو التقطها مصور فرانس برس دمارا هائلا في شارع واسع على جانبيه مبان مدمرة جزئيا ويتصاعد الدخان من عدد منها. ويسير رجل مسرعاً وهو يمسك بيد طفله والدماء والغبار تغطي وجهيهما وعلى بعد امتار منه يتصاعد صراخ امرأة تسير مسرعة مع طفلين. وفي مشاهد اخرى، يهرول عشرات الناجين ومصابون تسيل الدماء منهم وهم مذهولون ويصرخون في وسط الشارع وسط انتشار للقوات الكردية. ويساعد شبان نساء ورجالا متقدمين في العمر على السير فوق الركام، في وقت يعمل شبان وعناصر بزي عسكري على اخراج مصاب يصرخ وهو عالق في سيارته التي لم يبق منها الا هيكلها الحديدي. وتبدو سيارة اخرى مدمرة بالكامل وداخلها جثة سائقها ويحاول احد الشبان سحبها من دون جدوى. وعلى مقربة منه يسير اربعة شبان وهم يحملون رجلاً من يديه ورجليه والدماء تغطي جسده. ويعمل عشرات الشبان على البحث عن ضحايا تحت الانقاض ويرفعون الركام بأيديهم، فيما تتصاعد اعمدة الدخان من ابنية مجاورة. وتبنى تنظيم داعش بعد ساعات تنفيذ التفجير. وجاء في بيان تناقلته حسابات ومواقع متطرفة، زعم فيه ان تنفيذ هذا الهجوم يأتي رداً على غارات طائرات التحالف على مدينة منبج، معقل التنظيم المحاصر من قوات سورية الديموقراطية التي تضم فصائل كردية وعربية في شمال سورية. وتحاول قوات سورية الديموقراطية منذ 31 مايو السيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية الواقعة على خط الامداد الرئيسي للتنظيم المتطرف بين محافظة الرقة، أبرز معاقله في سورية، والحدود التركية. وتمكنت من دخول منبج، لكنها تواجه مقاومة تحول دون طرد المتطرفين الذين يلجأون الى التفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة. واعقب تفجير الشاحنة المفخخة بعد دقائق من حدوثه دوي انفجار ثان، وتحدثت تقارير في مرحلة اولى عن تفجيرين، ثم تبين انه ناجم عن انفجار خزان مازوت قريب يستخدم لامداد المولدات الكهربائية التي تغطي القسم الغربي من المدينة، وفق ما أكد مراسل وكالة فرانس برس نقلاً عن عناصر من قوات الاسايش الكردية في موقع التفجير، والمرصد السوري. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن ان "انفجار خزان المازوت ضاعف حجم الاضرار وعدد الضحايا"، لافتا الى ان التفجير الانتحاري "هو الاضخم من ناحية الحجم والخسائر البشرية التي تسبب بها في المدينة منذ اندلاع النزاع" منتصف مارس 2011. ونقل مراسل لوكالة فرانس برس عن مصدر في قوات الاسايش الكردية قوله "انه اكبر انفجار تشهده المدينة". وذكر المصدر ان المستشفيات ضاقت بالعدد الكبير من القتلى والجرحى الذين نقلوا اليها. ووجه محافظ الحسكة، وفق ما اورد التلفزيون السوري، نداء الى أهالي المدينة "للتوجه الى المشافي العامة والخاصة للتبرع بالدم" للضحايا. وتشهد المنطقة حيث وقع التفجير اجراءات امنية مشددة وفيها حواجز عدة للقوات الكردية، وفق عبدالرحمن لوجود مقرات ومؤسسات كردية فيها، ووقع التفجير بالقرب من نقطة امنية قرب مقر للمؤسسات التابعة للإدارة الذاتية الكردية في المدينة بينها وزارة الدفاع. واوضحت قيادة قوات الاسايش في بيانها أن "تحقيقاتنا جارية على قدم وساق للوصول إلى الجهة التي تقف وراء هذا العمل الإرهابي"، متعهدة "بالثأر". وتعرضت مدينة القامشلي في الاشهر الأخيرة لتفجيرات مماثلة استهدف بعضها القوات الكردية التي تخوض معارك عنيفة ضد تنظيم داعش في مناطق عدة من سورية. ويتقاسم الأكراد وقوات النظام السيطرة على مدينة القامشلي منذ العام 2012 حين انسحبت قوات النظام تدريجا من المناطق ذات الغالبية الكردية محتفظة بمقار حكومية وادارية وبعض القوات، لا سيما في مدينتي الحسكة والقامشلي. واثبت المقاتلون الأكراد انهم قوة رئيسية في التصدي لتنظيم داعش. وبعد انسحاب قوات النظام، أعلن الأكراد إقامة ادارة ذاتية موقتة في مناطق كوباني وعفرين (ريف حلب الشمالي والغربي) والجزيرة (الحسكة)، أطلق عليها اسم "روج آفا" (غرب كردستان). وفي مارس الماضي اعلنوا النظام الفدرالي في مناطق سيطرتهم في شمال سورية. انفجار خزان المازوت ضاعف حجم الأضرار وعدد الضحايا