الجهاز الهضمي من المواضيع التي درسناها في مرحلتي المتوسط والثانوية ومن الأعضاء التي مرت بنا المريء والذي كنت لا افرق بينه وبين الإثني عشر إلا بعد أن دخلت كلية الطب. وأنا هنا أعترف بتجاهلي لهذا الدرس الذي لم يخطر في بالي حينها أنني سأدرسها مرات عديدة. فما هو المريء؟ وما هي وظيفة؟ وكيف يؤثر علينا مرضه؟ المريء عبارة عن عضو أنبوبي الشكل مغلف بطبقتين عضليتين، الأولى خارجية ذات ألياف مرتبة بشكل طولي، والثانية داخلية ذات ألياف دائرية، يغذيهما العصب العاشر المعروف بالعصب الحائر. يوجد المريء لدي الحيوانات الفقاريات ولدى الإنسان، ويتكون من ألياف عضلية، وهو جزء من أجزاء جهاز الهضم. يمتد المريء من البلعوم الحَنْجَري، من عند مستوى فقرة الرقبة السادسة، ماراً عبر النصف الخلفي من الصدر حتى يدخل تجويف البطن عبر عضلة الحجاب الحاجز بمستوى الفقرة الصدرية العاشرة، ويسير لمسافة قصيرة 1,5 سم في داخل تجويف البطن قبل أن يلتحم مع فم المعدة أو ما يسمى بفؤاد المعدة. يبلغ طول المريء الطبيعي عند الإنسان البالغ حوالي 25 سم، قد يزيد وقد ينقص عن هذا. فقد لا يتجاوز 10 سم وقد يصل إلى 50 سم حسب طول الإنسان. يقسم المريء إلى: رقبي وصدري وبطني. وظيفة المريء الأساسية هي نقل الطعام من البلعوم إلى المعدة. عند البلعوم تتجاور فتحة المريء العليا مع فتحة القصبة الهوائية مما يجعل هذه العلاقة خطرة على الإنسان من مرور الطعام خطأً – لا سمح الله - الى القصبة الهوائية بدل المريء مما قد ينتج عنها أن تنسد القصبة الهوائية وما قد ينتج هنا من نقص حاد في الأوكسجين الذي قد يؤدي للوفاة. إلا أن صبغة الله أحكم وأجود، فقد خلق لنا المولى عز وجل عضواً وغطاءً يسمى لسان المزمار والذي يقوم بدوره بغلق فتحة القصبة الهوائية عند البلع وعند وصول الطعام الممضوغ من الفم للبلعوم وذلك لتمريره للمَرِيء. وعند دخول الطعام الى المريء عبر عضلة تتحكم في مدخله تسمى العضلة العاصرة العليا (وهي الحلْقة البلعومية)، تقوم عضلات المريء بدفع الطعام بحركة عضلية طاردة للأسفل حتى يمر عبر العضلة العاصرة السفلى التي تسترخي بدورها ليمر الطعام إلى المعدة، وتلك العضلة تمنع عودة الطعام وافرازات المعدة إلى المريء لذلك لا تتأثر حركة الطعام بوضعية الجسم وتأثير الجاذبية. تحتاج عملية البلع إلى تنسيق متناهي الدقة بين عضلات متعددة في الفم واللسان والحلق والبلعوم والحَنْجَرَة والمريء، فتبارك الله أحسن الخالقين. يُغذّي المريء شبكة واسعة ومعقدة من الأوعية الدموية ولذا من النادر أن نسمع أن المريء قد أصيب بغرغرينا. يصاب المريء بأمراض عدة سأتطرق في هذا المقال لأكثرها شيوعاً، ألا وهو ارتجاع المريء. يعرف ارتجاع المريء برجوع العصارة الحمضية من المعدة الى قناة المريء مما يسبب التهابات بالمريء. يؤدي كل ذلك إلى ظهور العديد من الأعراض منها الأعراض المباشرة الواضحة مثل الشعور بالحموضة والحرقان المتكرر على الصدر أو الشعور برجوع الطعام عبر المريء أو الشعور بعصارة مُرة تعود إلى الحلق ومنها الأعراض غير المباشرة التي تجعل المريض يدور ما بين أطباء الباطنة والجهاز الهضمي الصدر والقلب والأنف والأذن أحيانا. وقد تتساءل عزيزي القارئ عن أسباب الارتجاع وأنا أقول لك تخيل أخي العزيز وتخيلي أختي العزيزة أن وزنك زائد وتحب الوجبات الدسمة المليئة بالدهون بل وتعشق الوجبات الحراقة والشطة والمخللات وتعتقد أن المشروبات الغازية تساعدك على الهضم وتقوم بعدها بشرب الشاي أو القهوة مع أخذ سيجارتك المفضلة، هل تستغرب إذن أن تعاني من ارتجاع المريء؟ إذن هناك اسباب عدة أهمها: السمنة التدخين العادات الغذائية الخاطئة مثل: الافراط في تناول الوجبات الغنية بالدهون والمقليات حيث تقوم الدهون بإرخاء العضلة الصمامية التي تمنع حدوث الارتجاع، هناك الحمضيات مثل الليمون والموالح، الافراط في شرب المشروبات الغازية والشاي والقهوة، والنعناع أيضا يقوم بإرخاء تلك العضلة الصمامية ويزيد من ارتجاع المريء. عدم الانتظام في تناول الطعام كتناول وجبة واحدة طول اليوم خاصة لو كانت في المساء. الأكل ثم النوم أو الاستلقاء مباشرة. هناك بعض العلاجات التي تزيد من ارتجاع المريء. الهرمونات التي تصاحب فترة الحمل. هناك بعض الأمراض تزيد من ارتجاع المريء مثل مرض السكر يعتبر ارتجاع المريء مرض مزمن، يمكن اعتباره كمرض السكر والضغط، بمعنى أنه يحتاج إلى علاج فترة طويلة ويحتاج إلى وجود بعض الأدوية بشكل مستمر للحفاظ على عدم رجوع الأعراض ونمط حياة يعتاد عليه المريض. وعليه فإنه لا بد من خفض الوزن والتوقف عن التدخين، والاقلال من شرب الشاي والقهوة والمشروبات الغازية. كما يجب أن تحاول الامتناع عن أو التقليل من الأغذية التي تزيد من الأعراض مثل الموالح والنعناع والوجبات السريعة والغنية بالدهون والتوابل (وببساطة يجب على المريض الابتعاد عن الوجبات التي تسبب له الأعراض ويستطيع أن يحددها بنفسه). وتجنب الأكل مستلقيا وعدم النوم مباشرة بعد الأكل. ومن الأمور التي تخفف من الشعور بالارتجاع هو تجنب الملابس الضيقة التي تضغط على أعلى البطن خاصة عند النوم. ومما قد يساعد على التقليل من هذه الأعراض هو رفع رأس السرير بوضع قطع من الأخشاب أو قالب من الطوب تحت السرير لكي ينام المريض بحيث يكون الرأس والأكتاف أعلى من مستوى الجسم فلا يسمح بحدوث الارتجاع. يعرف برجوع العصارة الحمضية من المعدة الى قناة المريء ما يسبب التهابات بالمريء الارتجاع يؤدي إلى الشعور بالحموضة والحرقان المتكرر على الصدر تغيير العادات الغذائية مطلب ضروري