في أحد العروض الترفيهية، تحدث الكوميدي "تريفور نوا" عن الصورة النمطية المشوهة للمسلمين في الإعلام الغربي. كان حديثه منصفاً إلى درجة كبيرة. قال: "أعلم أن هناك عدداً من الإرهابيين، مسلمون لكن هل تعلمون من هم غير الإرهابيين؟ هم الغالبية العظمى من المسلمين، أعلم ذلك لأننا لازلنا على قيد الحياة. لو أراد المسلمون إبادتنا لفعلوا ذلك ببساطة.. إن عددهم يفوق المليار إنسان. كان بإمكانهم قتلنا ولو بالفلافل التي يبيعونها لنا آخر الليل!". تذكرت حديث تريفور وأنا أتابع تعليقات القراء في الصحافة العالمية على خبر مذبحة "نيس". كانت التعليقات عنصرية جدا ومليئة بالكراهية. أحد المعلقين كتب متهكماً: "هاهو دين المحبة والسلام يضرب من جديد" وكتب آخر "99٪ من المسلمين يشوهون سمعة البقية منهم" في إشارة ساخرة إلى أن الغالبية العظمى من المسلمين إرهابيون. فيما علق آخر "سياسيو أوروبا هم المسؤولون بسماحهم لهؤلاء الهمج (المسلمين) بالدخول إليها". هذه التعليقات هي نموذج بسيط لكم هائل من ردود الفعل العنيفة تجاه المسلمين دون تفريق. ورغم قسوة هذه التعليقات إلا أننا يجب ألا نقف موقف المدافع عن نفسه، فنحن لا ننظر لمثل هذه العمليات القذرة إلا بذات التقزز والاشمئزاز الذي ينظر به بقية العالم لها. لكن هل يجب أن نظل مكتوفي الأيدي ونحن نرى الدين الذي ننتمي إليه مختطفاً من جماعة مختلة تلبس لباسنا وتجوب العالم تلوثه برائحتها النتنة؟. نحن نملك أكثر من مفصل معطل نستطيع تحريكه من أجل إحداث تغيير يستأصل هذه النزعة العنيفة لدى بعض المنتمين للإسلام. لكن قبل أن نتحدث عن التغيير، علينا أن نعترف بالخلل وأن نتوقف عن رمي التهم على الغير بعد كل كارثة تحل بالعالم. فالحوقلة ورمي المسؤولية على الآخر هو أسهل الطرق للبقاء على ذات الحال البائسة التي لازلنا عليها. أما أبرز الحلول لتحريك تلك المفاصل فتكمن في الإجابة على هذه التساؤلات: الدين الإسلامي يزخر بمساحات خضراء شاسعة من التسامح والإحسان والإقساط بل وحتى البر لغير المسلمين فهل نستطيع أن نعد جيلاً من الدعاة المتنورين المعتدلين ليذهبوا للأقليات المسلمة في أنحاء العالم ويغرسوا مثل هذه القيم التي تساعدهم في التعايش مع مجتمعاتهم الإثنية؟ ألا يمكن استغلال الطلاب الذين قدموا من العالم الإسلامي للتعلم في جامعاتنا بزرع ثقافة السلم والاعتدال وقيم التعايش ليعودوا بها الى قومهم وينشروها؟شخص واحد قد يكون سبباً في نشر ثقافة اللاعنف في بلد بأكمله. قواعد اللعبة الإعلامية تغيرت، إذ لم يعد الأمر بحاجة إلى حملات منظمة وميزانيات كبيرة فقد يكمن التغيير والتأثير في فيديو لا يتجاوز الدقيقة الواحدة إذا ماتمت تعبئته برسالة عميقة وبطريقة مدروسة، فلماذا هذا الغياب الإعلامي غير المبرر؟ هذه بعض التساؤلات التي نحتاج أن نراجعها مع أنفسنا والتي من الممكن أن نأخذ من خلالها زمام المبادرة ودور الريادة لتخفيف الاحتقان في العالم الإسلامي ولكي نخلق جيلاً من المسلمين أكثر تسامحاً وأبعد عن العنف بكل أشكاله.