الدعاية والحديث عن سيلفي لا يقابله الواقع من خلال حلقات هذا المسلسل التي عرضت في شهر رمضان. لقد قيل بما معناه إن السؤال ليس من يشاهد سيلفي بل عن تلك الأقلية التي لن تشاهده لجودته. ربما الجزء الأول من العبارة السابقة صحيح لأن كثيرا منا يشاهده بأمل أن نجد ولو بضع حلقات معدودة ممتعة وجيدة في قصتها وإخراجها وتمثيلها. بالنسبة لي شعرت بالمرارة لضياع ساعة في مالا يسمن ولا يغني من جوع. والحقيقة إنني كنت أترك متابعة الحلقة عندما يتضح الكتاب من عنوانه من البداية. لكي أكون عادلة، هناك حلقات معدودة كانت لا بأس بها. أما الأخرى فحدث ولا حرج، مجرد عرض ممل لقصة واهية وأحداث غير مترابطة لا قيمة لها. ربما لا أبالغ أني لمست من البعض خجله من القول أنه يشاهد سيلفي خاصة من الشباب الذي يستطيع نظراً لتوفر مادة ترفيهية هائلة في الانترنت أن يقضي تلك الساعة في مشاهدة فيلم أو مسلسل أكثر متعة وأحسن إخراجا. الفرد السعودي ليس لديه العديد من المسلسلات التي تناقش قضاياه ومشاكله الاجتماعية لذا ينتظر طوال العام ليرى سيلفي وعندها يشعر بخيبة الأمل وأن ما تم عرضه لا يستحق الانتظار. سأضرب مثلاً لحلقة أبيض وأسود. الفكرة جيدة ونعاني منها ولكن الإخراج والسيناريو كانا في منتهى الضعف بل بعض المشاهد تصل لمرحلة السخف والاستهتار بعقلية المشاهد وتفكيره. وكذلك الحلقة التي ناقشت قضية المخدرات. القصة رائعة وتحدثنا مع صاحبها أنا والأستاذة نوال بخش فى برنامج الأسرة والمجتمع. قصة في منتهي الروعة ولها حكمة ذات قيمة تنفع كمثل لمدمني المخدرات بالذات. ولكن للأسف حال وقوع القصة في يد صناع سيلفي خرجت بلون باهت وتفاصيل مطاطية لشغل وقت الحلقة المحدد لها وجاء التركيز على بيت القصيد ضعيفاً وهو كيف رمي بالمدمن في حاوية النفايات. قصة رائعة مفيدة لشبابنا ضاعت قيمتها مع سيلفي. ضعوا سيلفى فى مقارنة مع مسلسل مأمون وشركاه مثلا مع الاختلاف ومع الإيمان التام بالفرق بيننا وبين الأخوة المصريين في هذا المجال ولكن بإمكاننا أن نتعلم. مأمون وشركاه يبحر بك في عالم من التفاصيل في الحلقة الواحدة تخرج بعشرات الفوائد والأفكار. ولا نبعد كثيراً فمسلسل جود الكويتي هو الأخر مثل لجودة جيدة من الإخراج والتمثيل. ضربت مثلا بهذين المسلسلين لأنهما يشتركان مع سيلفي في تسليط الضوء على قضايا مجتمعية محلية. إذا كنت تشاهد مسلسلا أو فيلما فالحقيقة التي تدل على جودة التمثيل هو اندماجك مع الممثل أو الممثلة لدرجة تشعر بأنه ليس تمثيلاً. فينتهي العرض ولكن لا ينتهي تفكيرك فيه. هذا حقيقة ما فقدناه في معظم حلقات سيلفي. في النهاية واذا كان لدى القائمين على سيلفي النية في الاستمراريه في رمضان القادم، فلابد أن يعيدوا النظر طويلا في أدواتهم الاخراجية وحبكة النص واختيار الممثلين. بدلا من الاعتماد الكلي على لهفة المشاهد لعمل يشبهه ويحاكي واقعه، وبالتالي إهمال إتقان أدوات العمل ككل. المطلوب عمل محلي متقن وبحرفية عالية، يحاكي المشاهد ويجعله يضحك وربما يبكي وأيضا يفكر ملياً في واقعه. وقبلها يحترم هذا المشاهد ووقته. [email protected]