مع حلول الذكرى الأولى لوفاة صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل التي تصادف اليوم السبت، نشرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) تقريراً عن الدور الكبير للراحل في القضايا العربية والاسلامية مستذكرة موقف المملكة تجاة دولة الكويت ابان الغزو الصدامي للكويت عام 1990 قبل ما يقارب ستة وعشرين عاماً من اليوم. وقال التقرير ان ذكرى الراحل لا تزال مفعمة في وجدان الكويتيين بمواقفه الحاسمة تجاه محنة الغزو العراقي عام 1991 وجهوده الفاعلة في دعم تحرير البلاد وعودتها إلى أهلها. ويستذكر الكويتيون الدور المهم الذي اداه مهندس السياسة الخارجية السعودية في حشد التأييد والدعم الدولي لتحرير بلدهم من الاحتلال العراقي قبل ربع قرن من الزمن وذلك انسجاما مع الموقف الحازم للمملكة العربية السعودية المؤيد قولا وفعلا لإعادة الشرعية والحق إلى شقيقتها الكويت. وكشف ذلك الدور المهم للأمير الراحل في دعم جهود تحرير بلده الثاني الكويت عن مدى محبته الكبيرة لهذه البلاد حيث أخلص في مساعيه لأجلها حتى تكون حرة كاملة السيادة وتحت قيادة حكومتها الشرعية. فمنذ أن تعرضت دولة الكويت لتلك المحنة الكبيرة قاد الأمير سعود الجهود الدبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي بالتعاون والتنسيق المتواصل مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وبخاصة مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي كان يتولى في تلك الفترة العصيبة منصب وزير الخارجية بالإضافة إلى تواصله مع كبار قيادات الكويت آنذاك. وعمل الأمير سعود الفيصل جنبا إلى جنب مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون على حشد التأييد الإقليمي والعالمي لدعم الحق الكويتي من خلال جولات مكوكية إلى العديد من الدول العربية والأجنبية لنقل الحقائق وتوحيد المواقف والجهود الرامية إلى تحرير دولة الكويت. وما ميز نهج الأمير سعود في التعامل مع محنة غزو الكويت هو استناده إلى التمسك بالشرعية السياسية والقانونية وتسخير العلاقات الدولية والاستفادة من تأثيرها الإيجابي وتوحيد المجتمع الدولي وكسب تأييده واعتماد الشفافية والوضوح في كشف الحقائق ما أكد على دبلوماسيته الناجحة وأنه رجل المواقف المبدئية والرؤى المتكاملة التي ساهمت في النهاية بطرد قوات الاحتلال. وتأكيدا على مدى تأثر الأمير سعود بمحنة غزو الكويت، فقد كشف أبرز المقربين منه الأمير خالد بن سعود بن خالد الذي عمل مساعدا له ان الأمير سعود الفيصل كان "مصدوما لقيام دولة عربية باحتلال دولة عربية وإحداث شرخ في العالم العربي" وأنه كان يتحدث عن تلك الأزمة بمرارة بقوله إن "لدى العرب دولة عربية محتلة هي فلسطين ونطالب العالم بحقنا في وقف الاحتلال في حين أن دولة عربية تحتل دولة أخرى". وليس غريبا أن يترك الأمير الراحل ذكرى طيبة لدى الكويت قيادة وشعبا على ما بذله من جهود تجاه بلده الثاني الكويت وخصوصا في حرب التحرير، فقد أشاد أمير الكويت بما كان يتمتع به الأمير سعود الفيصل من خبرة واسعة وحنكة سياسية رفيعة المستوى وبعد نظر وقدرة على معالجة القضايا السياسية في ظروف كانت بالغة الدقة والتعقيد جعلته يحظى بتقدير واحترام إقليمي وعربي ودولي متميز. واستذكر سموه في برقية تعزية بوفاة الأمير سعود مواقف الأمير سعود المشرفة والنبيلة تجاه دولة الكويت وشعبها إبان الغزو العراقي ودعمه لقضاياها العادلة. وعرفانا بالدور الذي قام به الأمير الراحل في تحرير الكويت من الغزو فقد تم إطلاق اسم الأمير سعود الفيصل على الشارع الرئيسي في المنطقة الدبلوماسية بمشرف تقديرا للدور المميز له في دعم وخدمة القضايا العربية والإسلامية. وعاصر الأمير سعود الفيصل خلال أربعة عقود من تربعه على رأس الدبلوماسية السعودية مرحلة صعبة من حياة الأمة العربية شهدت تحديات وأزمات كبيرة. فمع توليه منصب وزير الخارجية في العام 1975 واجه الأمير سعود مجموعة من القضايا البارزة في المنطقة العربية من أبرزها القضية الفلسطينية ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وحالة التوتر الشديد بين العراق وإيران قبل دخولهما في حرب وكان على الوزير اتخاذ القرارات الحاسمة التي تنسجم مع ثقل بلاده. وفي فترة توليه وزارة الخارجية شهدت الدبلوماسية السعودية عام 2002 إعلانها عن المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل مقابل انسحابها من كل الأراضي المحتلة وتسوية مشكلة اللاجئين كما ساهم الأمير سعود في إعادة إطلاق مبادرة السلام العربية عام 2007. واستطاع الأمير سعود الفيصل خلال توليه منصب وزير الخارجية أن يؤسس علاقات سياسية قوية مع عدد من الدول الكبرى ذات الثقل وزاد من ثقل حضور بلاده في كثير من المحافل الدولية واستمر في ذلك النهج إلى أن أعفي من منصبه في ابريل 2015 بناء على طلبه لأسباب صحية. وكان الأمير الراحل يتقن سبع لغات بالإضافة إلى العربية منها الإنكليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والإسبانية والعبرية وعاصر خلال توليه منصب وزير الخارجية اربعة ملوك في بلاده.