* يشرفني باسمي شخصيا ونيابة عن سفارة جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة، أن أتقدم للمملكة قيادة وشعبا، والمسلمين الصينيين في المملكة؛ بأصدق التهاني وأطيب التمنيات بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك. إن شهر رمضان المبارك يتمتع بمعان مهمة في الدين الإسلامي، حيث يقوم المسلمون بالصيام والصلاة والإحسان والمساهمة، ما يظهر القيم والثقافة الإسلامية التقليدية. كما يقوم المسلمون الصينيون البالغ عددهم أكثر من 20 مليونا بالصيام وممارسة الإحسان، مدركين الأخلاق الإسلامية المتمثلة في الوطنية والوسطية والسلام والوحدة، ويقضون رمضان بأساليبهم. ففي مدينة بكين، يجتمع المسلمون -المحليون والأجانب المقيمون- للصلاة في مسجد شارع البقرة الذي يمتد تاريخه إلى أكثر من ألف سنة. وبعد المغرب، يعج مطعم "توربان" وغيره من المطاعم الإسلامية المشهورة بعملاء كثيرين يتمتعون بالإفطار، ودائما ما تحضر عائلات بجميع أعضائها كبارا وصغارا حاملين معهم البهجة والسرور، بحيث يغرق شارع البقرة كله بأجواء السعادة والمباركة بالعيد، وفي منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوى، يعد المسلمون أطعمة تقليدية لعيد الفطر، مثل الفطيرة المقلية والمكرونة المقلية واللبن بالطريقة الخاصة محليا للحفلات العائلية أو استقبال الضيوف. أما في مدينة كاشغر منطقة شينجيانغ، فيجتمع عشرات آلاف المسلمين من قومية ويغور أمام مسجد عيد كاه الذي يعتبر أكبر مسجد في الصين لصلاة عيد الفطر، وبعد ذلك يغنون ويرقصون معا في الساحة أمام المسجد احتفالا بالعيد. إن ضمان قضاء المسلمين رمضان بسلاسة وسلامة هو من أهم أعمال الحكومة الصينية، سواء المركزية أو المحلية، وفي 3 يوليو عام 2015، حدث زلزال بدرجة 6.5 ريختر في منطقة هوتان شينجيانغ، وتزامنا مع إجراء أعمال الإنقاذ ومساعدة المنكوبين، أنشأت الحكومة المحلية مواقع مؤقتة للأنشطة الدينية بأسرع وقت ممكن، بحيث سهل على المسلمين إكمال فرائضهم الدينية في شهر رمضان. ويفطر كبار المسؤولين في شينجيانغ مع رجال الدين الإسلامي وممثلي المسلمين من شتى القوميات ويحتفلون معهم بحلول عيد الفطر. لما وصلت إلى الرياض وبدأت مهامي كسفير للصيني لدى المملكة، حل شهر رمضان هذا العام. وقدمت أوراق اعتمادي إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في 22 يونيو، والتقيت عددا من الوزراء ورؤساء الهيئات ورجال الأعمال وخبراء مؤسسات الأفكار وكبار المسؤولين في مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وحضرت حفلة الإفطار المقامة من معالي أ. عادل الجبير وزير الخارجية، كما تناولت وجبة الإفطار مع كثير من الأصدقاء السعوديين بمن فيهم مسؤولو الندوة العالمية للشباب الإسلامي وصحفيون في وسائل الإعلام بالمملكة، وتحدثنا عن الصداقة الصينية - السعودية وتبادلنا الآراء حول تعاون المنفعة المتبادلة، ما يجعلني أشعر بثلاث نقاط مهمة. أولا: يعمل الشعب السعودي الآن بجد واجتهاد لبناء الوطن وتنميته تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، ويحافظ على الأمن والاستقرار ووحدة الوطن، الأمر الذي يدفع تطبيق "رؤية 2030" وبرنامج التحول الوطني 2020 بشكل شامل ويظهر مستقبلا مشرقا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للمملكة. ثانيا: تولي الحكومة وأوساط المجتمع السعودي اهتماما بالغا بتطوير العلاقة مع الصين، حيث أكدت كلها أن زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المملكة ولقائه مع الملك سلمان في يناير الماضي هي زيارة تاريخية ترمز لإقامة علاقة شراكة استراتيجية شاملة بين الصين والمملكة، وأنها دخلت مرحلة جديدة للتطور رفيع المستوى. ثالثا: يتميز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات بإمكانات هائلة، واستنادا إلى المحادثات مع عدد من الأصدقاء السعوديين، فإن أبرز مواضيعنا هو إمكانية التقاء المبادرة الصينية "الحزام والطريق" ("الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" و"طريق الحرير البحري للقرن ال 21") مع "الرؤية السعودية 2030" والفرص الهائلة التي يوفرها ذلك لتعزيز وتوسيع التعاون العملي الثنائي. إني على يقين بأنه مع تشكيل اللجنة المشتركة رفيعة المستوى والتقاء وتطبيق البرامج والاستراتيجيات التنموية للبلدين، ستصبح آفاق التعاون للجانبين أوسع في مختلف المجالات، بما فيها الطاقة والقدرات الإنتاجية والتجارة والاستثمار والتكنولوجيا وبناء الترابط الإقليمي.. وغيرها. أود هنا أن أدين بالشدة ما شهدته المملكة الصديقة من التفجيرات الإرهابية في كل من المدينةالمنورة ومحافظتي القطيفوجدة، معربًا عن تعازي للضحايا ومواساتي لذويهم والتمنيات بالشفاء العاجل للمصابين. ومع الأمل بأن يحضر شهر رمضان الكريم بالخير والمباركة على الأمة الإسلامية، أجدد أطيب التهاني بعيد الفطر، متمنيا للجميع موفور الصحة والعافية، ولشجرة الصداقة والتعاون الصيني - السعودي مزيدا من الثمار اليانعة. * السفير الصيني لدى المملكة