عشت تجربة انسانية جميلة ورائعة خلال الفترة الماضية، وانا أشارك الأيتام تفاصيل حياتهم اليومية، في دور رعاية الخاصة بهم والمنتشرة في أحياء الرياض، تعرفت من خلالها عن قرب على الجهود الجبارة التي تبذلها وزارة العمل والتنمية لرعاية الأيتام وتأهيلهم وتلبية حاجياتهم، وتوفير البيئة المناسبة التي تؤهلهم لتحقيق ذاتهم، بل تمكنهم من النجاح والتفوق والتميز، والاندماج في المجتمع. الحقيقة أنني ازددت فخراً وزهواً بانتمائي لهذا البلد، الذي يضع قيم الدين والانسانية في قمة أولوياته ويعض عليه بالنواجز. فمن خلال تجربتي التطوعية البسيطة، التي زرت خلالها عددا من المراكز الخاصة بالقسم النسائي، رأيت اهتماماً وحرصاً ومتابعة على كافة المستويات، لم أكن اتوقعها أو حتى اتخيلها، فالصورة الذهنية المرسومة في عقولنا أن هذه الفئة تعاني وتعيش حياة سيئة، ونادراً ما يحاول المرء ان يجتهد ليقف على حقيقة اوضاعهم في المراكز التي تؤويهم. على المستوى الشخصي تغيرت الصورة بعد زيارتي للمراكز، التي وقفت فيها على تفاصيل الحياة التي تعيشها هذه الفئة الغالية على قلوبنا، والجهود التي يبذلها القائمون على مراكز الايواء، وخصوصاً القسم النسائي في الوزارة، فالمراكز توفر كافة أوجه الرعاية الاجتماعية، ان كانت نفسية أو صحية أو تعليمية أو ترفيهية، الى جانب الاهتمام الكبير بتوفير البيئة الاجتماعية التربوية السليمة، باتباع طرق علمية حديثة، تساهم في بناء الفرد ليكون عضواً فاعلاً يساهم في بناء مجتمعه، وبمجرد دخولك الى هذه المراكز تشعر انك في منزل بنيت جدرانه بالفرح والسعادة والتعاضد والتآزر. حقيقة ما أسعدني أكثر اهتمام القسم النسائي بالوزارة بمتابعة ادق تفاصيل النزيلات في كل دار، والمتابعة اليومية الدقيقة لهن، بطريقة قد لا تتوفر في كثير من منازلنا تجاه ابنائنا وبناتنا، ولي تجربة شخصية مع مديرة القسم النسائي في الوزارة الأستاذة هيلة المكيرش، التي تجاوبت معنا بشكل لافت، لتمكيننا من زيارة مراكز الرعاية التابعة للقسم، من خلال البرنامج الذي تتبناه الوزارة وتدعمها هي بشكل شخصي، ويهدف الى ربط المجتمع بالايتام ومراكز ايوائهم ليكونوا قريبين من المجتمع، وكذلك المجتمع قريب منهم، حتى يسهل عملية اندماجهم في المجتمع، لأنهم جزء من هذا المجتمع وليس من منظور الشفقة والرحمة. القدر ومشيئة الله فقط من اجبرتهم بأن يكونوا في هذه الدور، فهم إما معاقون بدرجات متفاوتة، أو ظروف اسرهم الصعبة جعلتهم يضطرون للبقاء والعيش في دور الايتام، لذلك من واجب المجتمع عليهم، زيارتهم والتواصل معهم لتوفير الأمان المجتمعي لهم ودعمهم معنوياً ووجدانياً. من خلال ما رأيته، واضح بأن الوزارة، تتبع أفضل الأساليب التربوية في عملية التنشئة الاجتماعية وإدماج الأيتام في مجتمعهم بطريقة سلسة وتلقائية، وتعرفت على أحد تلك البرامج التي تستخدم نظام الوحدات السكنية الصغيرة، وهي عبارة عن مرحلة تمهيدية لاستقلال الأبناء عن الرعاية المؤسسية بطريقة تدريجية، من خلال إيجاد البدائل المناسبة عن طريق التوزيع الجزئي للأبناء الأيتام، وهو برنامج معتمد عالمياً ومن احدثها تجربة، اضافة الى الاهتمام الملاحظ في سعي الوزارة لتوفير بيئة سعيدة ومرحة لهم، من خلال تعاملهم كأسرة واحدة، يهتم كل فرد فيها بشؤون بقية افرادها في تعاون وتواصل نادراً ما يشاهده المرء في اماكن خارج هذه الدور والمراكز. قناعتي بأن واجبي كمواطنة ومشاركة في الإعلام، يحتم علي أن اتمسك بالنزاهة وادعم من يعمل بإخلاص وجد. وأن أدعو المهتمين بالشأن الإعلامي والعام، لمشاركتي وزميلاتي المتطوعات زيارة الدور والمراكز تلك الإيوائية، لعلمي بأن ذلك متاح لمن يتقدم بطلب التطوع والمشاركة ويساهم في دعم هذه الفئات.