ما تزال تسكن مرآتي.. أخال طيفها يطل على عبرها كلما دققت النظر.. أنها تسكن بعضي وبعضي يسكنها ذلك البعض الذي شق عليه كثيراً ذلك الرحيل.. أكاد أشم عبير عطرها المفضل ها هو أمامي على الطاولة، زجاجته شبه فارغة.. كم بدت غرفتي مؤلمة وموحشة وقد بسط الفراغ وجوده الكئيب بين أركانها، فعلاً لقد أسأت تقدير المساحة هذه المرة فصدمني الاتساع الشاسع، قبل قليل فقط... كانت أختي تختال كالملكات في موكب زفتها، وباقة الورد تعانق كفيها.. والفرح يكاد يقفز من عينيها في سباق بينه وبين هدير اللؤلؤ الذي بدأ ينساب من عينيها والآن أجول بعيني في أنحاء غرفتنا التي ضمتنا معاً في سالف الأيام، والتي اخترنا أثاثها سوياً قطعة قطعة، كانت تفضل اللون الأزرق الهادىء كطبيعتها دائماً.. بينما كنت أحب اللون الوردي، ولكني تنازلت لها عن مسؤولية اختيار الألوان تلك إيماناً مني بذوقها الراقي في اختيار الألوان، ليس فقط الألوان بل كل قطعة انتقتها بعد ذلك من إكسسوارات الغرفة تصرح بذلك الذوق الرائع. أخذت احتضن تلك القطع الواحدة تلو الأخرى، أحسست بشعور اليتم طاغياً عليها، حاولت عبر لمساتي تلك أن أعيد تلك الحيوية المعهودة لغرفتي ولكن عبثاً كان ذلك، فلم يعد أي شيء كما كان... (هيا ابنتي سمر جهزي القهوة فأختك هديل ستزورنا الليلة مع زوجها) ابتسمت من أعماقي لحجم المفارقة، سبحان الله.. كيف استحالت قطعة من قلبي ضيفة عليه، تطلب الأذن في الدخول وعند الخروج بل وأصبحت تطرق الباب، أصبحت بانتظار من يفتح لها الباب.