أطلق بعض المراقبين على ما حدث مؤخراً في سوق الأسهم السعودي صفة «الحركة التصحيحية» وذلك عندما أنخفض مؤشر الأسهم 465 نقطة خلال أسبوع واحد فقط. وعلى الرغم أن ما يصفه البعض حركة تصحيحية قد لا يكون كذلك إلا إذا تم تصحيح أوضاع السوق فعلاً وتم تفادي بعض السلبيات التي أدت إلى هبوط السوق بشكل عام. ومن هذا المنطلق فإنه من الواجب توضيح وتشخيص العوامل التي أدت إلى هبوط السوق السعودي حتى لا يتكرر ما حدث مستقبلاً، وحيث ذكرنا في مقالة سابقة دور المستثمرين في هبوط السوق، فإنه سيتم التركيز في هذه المقالة على دور المعلومات في هبوط السوق. إن المتابع للسوق السعودي خلال السنتين الأخيرتين يلاحظ كثرة التغطية الإعلامية الإخبارية لأحداث السوق اليومية العادية ذات الطابع التاريخي الوصفي «مثل حالة المؤشر». كما أن التغطية الإخبارية لم يصاحبها تحسن في نوعية المعلومات التي تقدم للمستثمر مثل توفير التحليلات المستقبلية. ولا شك أن التغطية الإخبارية غير المتخصصة قد خدعت وضللت كثيراً من المستثمرين البسطاء حيث ركزت هذه التغطية على الصفات النوعية للسوق «ولا أقول المزايا الإيجابية» دون أي ذكر للمخاطر المحتملة. ومن الصفات التي يتردد ذكرها أن السوق السعودي أكبر سوق أسهم في العالم العربي، واكبر ثامن سوق ناشئ في دول العالم الثالث، وغيرها مما أغرى صغار المستثمرين بدخول السوق على أساس أن الربح مضمون. ولهذا فإن من أكثر الأمور إلحاحا في تطوير السوق السعودي أن يتم العمل على إيجاد وتطوير نظام شامل للمعلومات يشمل الصحف والمجلات الاقتصادية المتخصصة، ومراكز البيانات Data Banks والتنبؤات المستقبلية Forecasting بحيث يوفر هذا النظام المعلوماتي للمستثمرين بيانات مالية وسوقية آنية وبتكلفة معقولة. فمن المتعارف عليه في أسواق المال أن المعلومات هي المحرك الأساسي للسوق كما أنها العامل الرئيسي لتحديد السعر الذي يباع به السهم. فقرارات الاستثمار تتحدد على ضوء المعلومات المتوفرة عن السوق ككل وعن المنشأة بوجه خاص. ولا شك أن وجود تلك المعولمات سوف ينهض بالسوق من خلال زيادة ثقة المستثمرين فيه وبالتالي توجيه الأموال إلى الاستثمار في سوق الأسهم . وعلى العكس من ذلك فإن نقص المعلومات من شأنه أن يضعف كفاءة السوق ويقلل من ثقة المستثمرين وبالتالي قلة حجم التعاملات فيه . ومن الامور المستقرة لدى المحللين الماليين أن كفاءة «فاعلية» السوق هو الدعامة الأساسية التي تتركز عليها أسواق المال. وحيث أن المعلومات تعتبر حجر الزاوية في الحكم على كفاءة السوق أو عدم كفاءته، فإن إصلاح سوق الأسهم السعودي يجب أن يأخذ في الحسبان توفير وتطوير متطلبات السوق من المعلومات، فالتعامل في سوق الأسهم بدون المعلومات لا يعدو كونه نوعاً من أنواع المضاربة العشوائية التي لا تستند على أساس. فالمعلومات المالية سوف تضبط حركة سوق الأسهم من خلال استخدام تلك المعلومات في المفاضلة بين فرص الاستثمار المختلفة. ولا شك أن تولي زمام المبادرة في إنشاء وتطوير نظم معلومات السوق وتشجيع البحوث والدراسات المتعلقة بأسواق المال يقع بالدرجة الأولى على اللاعبين الأساسيين في السوق وفي مقدمتهم حاليا البنوك لأنها المستفيد الأولي من عمولات التداول ولقيامها بدور الوسطاء في السوق السعودي، وإن كان هذا لا يعفي الجهات الأخرى ذات العلاقة مثل هيئة سوق المال، ومراكز البحوث في الجامعات، ومراكز البحوث في الغرف التجارية، فتوفير المعلومات لجميع فئات المستثمرين سوف يقلل عدم التكافؤ في الحصول على المعلومات Information Asymmetry وسوف يقلل استئثار فئات معينة بالمعلومات الخاصة مما يؤدي في النهاية إلى توجيه أمثل للاستثمارات. ٭ قسم المحاسبة - جامعة الملك سعود