حظيت الجولة التي يجريها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لأربع دول آسيوية هذا الأسبوع بتغطية واسعة في وسائل الإعلام الأمريكية التي اعتبرت الزيارة مهمة كونها أول جولة خارجية يقوم بها الملك عبدالله بعد توليه مقاليد الحكم في المملكة في شهر اغسطس الماضي. وركزت وسائل الإعلام الأمريكية على تنامي العلاقة التجارية بين المملكة العربية السعودية والصين خصوصا في العام الماضي، اذ ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 59 بالمائة في العام الماضي وصولاً الى 14 بليون دولار سنوياً. كما تحدثت هذه الصحف عن تنامي علاقات المملكة مع دول آسيوية اخرى، خصوصا الهند التي قالت هذه الصحف ان علاقاتها مع المملكة العربية السعودية تشهد تحسنا ملحوظا في ضوء تزايد الطلب الهندي على النفط بفضل التوسع الاقتصادي الملحوظ في الاقتصاد الهندي. وأشارت هذه الصحف الى انه ورغم هذا التحسن في العلاقات السعودية الآسيوية، فإن من غير المتوقع لذلك ان يترك اي آثار سلبية على العلاقات الوثيقة بين المملكة والولاياتالمتحدة. وقالت محطة التلفزيون الأمريكي السابعة في ولاية فلوريدا ان زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى الصين «هي الأولى التي يقوم بها ملك سعودي الى الصين منذ إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين في العام 1990». وقالت المحطة ان العلاقات التجارية بين السعودية والصين «تنامت بصورة كبيرة جداً في السنوات القليلة الماضية، اذ ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 59 بالمائة، وصولاً الى 14 بليون دولار سنوياً، وهو في غالبيته مشتريات نفطية سعودية من قبل الصين». وأضافت المحطة الأمريكية ان هذه الزيارة تمثل «اهتماماً صينياً متزايداً بتوفير موردين يعتمد عليهم لمصادر طاقة هي بحاجة متزايدة اليها بفضل تنامي اقتصادها المطرد في السنوات القليلة الماضية». وقالت المحطة ان شركة ارامكو السعودية وشركة اكسون الأمريكية وشركة صينية تشارك في مشروع إقامة مصفاة نفط ضخمة في جنوب الصين تقدر تكاليف اقامتها بثلاثة بلايين ونصف بليون دولار. وكشفت المحطة النقاب عن ان الطرفين السعودي والصيني اتفقا على ان تبلغ حصة المملكة العربية السعودية في المشروع نسبة 51 بالمائة بعد ان وافقت المملكة مؤخراً على خفض نسبة تملكها للمشروع من 65 بالمائة. وذكرت المحطة ان المملكة هي المورد الرئيسي للاحتياجات النفطية الصينية، اذ ان الصين تستورد 14 بالمائة من احتياجاتها النفطية من المملكة، وهو رقم مرشح للارتفاع في السنوات القليلة القادمة على ضوء الارتفاع المتوقع لطلبات الصين النفطية في السنوات القليلة القادمة. وقالت صحيفة (وول ستريت جورنال) ان زيارة الملك عبدالله الآسيوية هذه انما تهدف الى ترسيخ علاقات المملكة بأربعة من العمالقة الآسيويين. وقالت الصحيفة ان جولة الملك عبدالله الآسيوية «ستوطد علاقات المملكة بالعمالقة الآسيويين» مشيرة الى الدول التي تشملها الجولة العالمية للملك عبدالله التي بدأت يوم الأحد، وهي الصين والهند ثم ماليزيا وأخيراً باكستان. وقالت الصحيفة ان هذه الزيارة تأتي بعد ان طرحت المملكة فرص استثمار للمستثمرين الأجانب تبلغ قيمتها 624 بليون دولار في ميادين البتروكيماويات والغاز وتوليد الطاقة والسكة الحديد وتحلية المياه في المملكة، وهي لابد ستحصل على الكثير من الشركاء المحتملين في تنفيذ المشاريع اللازمة لهذه الاستثمارات الضخمة. وقالت صحيفة (الواشنطن بوست) في تغطيتها الصحفية لجولة الملك عبدالله العالمية ان زيارة «الملك السعودي للهند خصيصاً تعتبر مهمة على اساس ان الهند باتت الآن سادس مستهلك للنفط في العالم، وهي دولة صناعية بحاجة الى زيادة في امداداتها النفطية بنسبة تصل الى اكثر من 4 بالمائة سنوياً، والمملكة العربية السعودية هي العنوان الرئيسي لحل هذه المشكلة بالنسبة اليها». وأضافت الصحيفة انه ما لم تعمل الهند على حل مشاكلها الخاصة بموارد الطاقة، فإنها ستكون بعد 15 سنة مضطرة الى استيراد 90 بالمائة من احتياجات الطاقة الخاصة باقتصادها من الخارج،«وهو ما يفسر اهمية الزيارة التي يقوم بها الملك السعودي للهند التي كانت علاقاتها مع المملكة العربية السعودية متأرجحة بسبب العلاقات الوثيقة بين السعودية وباكستان، جارة الهند وخصمها اللدود في شبه القارة». وذكرت نشرة أمريكا (أون لاين) الاقتصادية المتخصصة ان زيارة الملك عبدالله الى الصين بالذات هي زيارة في «غاية الأهمية، اذ انها تأتي بعد ايام فقط من الاجتماع الرسمي الأول الذي عقده المسؤولون الصينيون مع ممثلي منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» في ديسمبر الماضي. ولكن النشرة الاقتصادية الأمريكية نقلت عن مسؤول صيني قوله ان زيارة الملك السعودي لن تؤثر في العلاقة الخاصة بين المملكة والولاياتالمتحدة. وقال المسؤول الصيني للنشرة الأمريكية ان «المملكة تحتفظ بعلاقات خاصة مع الولاياتالمتحدة، ولن تؤثر إقامة علاقات متميزة بين المملكة العربية السعودية والصين او الهند على تلك العلاقة». ولكنه اضاف ان زيارة الملك السعودي الى الصين «هي نقطة تحول بارزة، اذ انها هي الأولى التي يقوم بها الملك عبدالله الى الخارج بعد توليه الحكم». ولم يفت المسؤول الصيني التنويه بأن الملك عبدالله كان قد قام بزيارة للصين في العام 1998 حين كان ولياً للعهد في المملكة وأنه اقام في تلك الزيارة علاقات «متميزة مع القادة الصينيين». ولكن النشرة ذكّرت بأن الصين تسعى الى إقامة منطقة تجارة حرة مع مجلس التعاون الخليجي، وهي تعتبر ان المملكة هي المفتاح الرئيسي لهذا المجلس المهم اقتصادياً واستراتيجياً لعلاقاتها بالمنطقة. وقالت ان الملك عبدالله سيبحث مع المسؤولين الصينيين امر إقامة هذه المنطقة التجارية الحرة التي ينظر اليها الغرب ببعض «التوجس».