] الساعة الثانية عشرة ليلاً.. في غرفتي أمام جهاز الحاسوب كل شيء بدا مزعجاً تلبسته نفسي فانتقلت عدوى البوح إلى كل شيء حولي لتستفزني الرغبة بالبوح ولكأنها تحركني بأصغر أناملها.. سنون مرت بي ولم يتغير شيئاً.. لماذا نبش قبر السر في الذاكرة وأخرج المكتوم ليهبني ورما بدأ صغيراً وها هو اليوم تجاوز مساحة ذاكرتي ليخرج للعالم.. ماكان يجب أن أعرف، وما كان عليه أن يفجر السر المخفي منذ سنين ويختفي، هل ثمة سر وراء اختفائه، أم هو كبرياء رجال العصر؟! من يفسر لي، لا أحد سواه يستطيع أن يضع النقط على الحروف لكن إلى متى سيبقى مختفياً في صومعة الغياب.. وأنا لا أجرؤ أن أدق عليه باب صومعته وأقطع مساحات الغياب؟!.. كل شيء يمنعني.. يمنعني حتى من مجرد المحاولة لكن لابد من.. يجب أن يعرف أن غيابه عقد الأمور، وخدش وجه الصدق في عيني وجعلني أنظر إليه من زاوية لا أحب لا أحب أن أنظر إلى أي أحد منها..!! حتى الدمعة لاتريد أن تخفف عني.. تملأ عيني وتزيدني غشاوة على غشاوة.. كرهت كل شيء حتى القلم والأوراق عزائي في مثل هذا الظرف.. مالي اليوم كارهة لها.. وما لها مكفهرة الوجه.. ابتعدي عني فبياضك يذكرني بخطيئة آدم وحواء الأزلية.. بياضك هذا سيوردك المهالك.. ما أجملك الآن وأنت متناثرة هنا وهناك، وما أجمل القلم المكسور إنه أقرب ما يكون شبهاً بنفسي الآن.. صوت من بعيد يناديني: أن أرمي كل شيء.. نعم، سأرمي بكل شيء.. هذا وهذا وهذا.. آه.. ماذا بك لقد أزعجتني.. الضوء.. الضوضاء.. هز الكرسي متى أرتاح.. أريد أن أنام.. أنا ما فيني النوم.. والمعنى؟! ضعي رأسك تحت الوسادة كما اعتدت. ياعيوني، أنت منذ أيام على هذه الحال فإلى متى؟! قولي ما بك؟! لاشيء.. هل هناك أشياء وأشياء وهل أنا تائهة عنك.. الله يسامحك قتلت النوم في عيوني، هيا بسرعة قولي ما عندك.. قلت: لاشيء.. لاشيء دعيني وشأني.. علي يا.. لحظة ويكون الشاي جاهزاً.. جهزي نفسك بينما أعد الشاي لنشرب سوياً وأنت تتكلمين. يا الله من يفكني من إلحاحها؟ لكن لابد أن أتكلم مع أحد، هل أخبرها بحقيقة الأمر الذي يشغلني، ولم لا أخبرها لطالما كانت بيت أسراري.. لابد أن أشرك أحداً في فك رموز هواجسي.. يا الله كم أنا محتارة يا خجلتي من نفسي ومن كل من هم حولي أشعر أنهم عرفوا كل شيء من عيوني.. والله أختي صدقت عندما قالت عني (خبلة) مثل الكتاب... بخخ...«شبيك لبيك» نورة والشاي بين يديك اطلبي وتمني.. يا الله مئة مرة قلت لك: اتركي حركات الصبينة عنك، وأغلقي الباب بهدوء أفزعتني.. يامرهفة... الحق على، هذا الشاي اشربيه وحدك وأنا سأنام.. تصبحين على... نوره غصبت مني؟ أنا آسفة لم أكن أقصد، آسفة أعصابي متوترة.. سامحيني.. أسامحك بشرط تخبريني بكل شيء.. ها.. كل شيء انفض كل مافي ذاكرتك وعقلك بين يدي..؟! سأفعل دون أن تشترطي... خذي الشاي.. لا دعيه تعلمين كم أحب شرب الشاي بارداً، وكم أستلذه بارداً.. نترك الشاي جانباً، هيا تكلمي.. هناك شخص.. شخص؟! انتظري كلكم تعرفونه جيداً حتى أبي وأمي.. أعرفه...! اصبري حتى أنتهي من كلامي.. وصلتني الأخبار أنه يفكر بي، وأن هناك أمورا تفصيلية يجب أن أعرفها.. تعلمين إحساسي دائماً يصدقني حتى هذه المرة وإن تظاهرت بعدم الفهم، دائماً منذ صغري والكل يقول: فهمي أكبر من عمري.. لكن هذه المرة بدأ وكأن حلقة مفقودة، لا استطيع استيعاب الموقف.. أحسست بشيء غريب ولأول مرة، أيعقل أن ما فهمته هو المقصود، أو هو مايفكر به.. انتهت كل الشكوك بصراحة كاشفة عندما عرفت بوضوح.. أنه يرجو أن يجمعنا رباط الشريعة على سنة الله ورسوله.. إحساسي كان في محله.. واو.. من هو؟! انتظري.. لو تعلمين كيف نزلت المفاجأة علي.. لا أخفيك وقتها دار في بالي أشياء كثيرة حسنة وسيئة وربما ظننت ظن السوء، وما كان يهدئ من روعي إلا أنه صرح- من بداية الأمر- بأنه يريد أمراً لم يحرمه الشرع ولا الدين.. من هو؟! ابنة عمه تدرس معك في الجامعة.. أيعقل أنه.. نعم هو بشحمه ولحمه..! يا الله.. لو لم يكن متزوجاً؟! هذا الأمر ليس بمشكلة كبيرة عندي تعرفين رأيي بهذا الموضوع.. صدقيني أنني لن أفكر به من هذه الناحية بشكل جدي كما هذه الأيام.. قلت في نفسي: لم لا أعيد التفكير وخاصة أنه يمتلك رصيداً من الصفات التي يحفل بها أي إنسان إن وجدها في شريك حياته.. وماذا بعد؟! لا شيء.. كما ترين أصبحت عصبية أي شيء يثيرني.. تفجرت القنبلة وأرى الموضوع يتراجع إلى الوراء، وأنا منذ ذلك اليوم متوترة لا أدري لم؟! يا الله.. اسمعي من أختك انس الموضوع وكأنه لم يكن، وانتبهي لنفسك.. صدقيني لا يوجد ما يستحق كل هذا العناء ألزم ما عليك نفسك ونحن، وإن كان صادقاً سيقوده صدقه للباب، صدقيني لن يحدث إلا ما الله كاتبه لك.. أعلم هذا، لكن هناك أشياء يجب أن تفسر.. لقد انقلبت الموازين عندي، لا أستطيع أن أفسر الأمر وكلما طرأ في بالي الموضوع يكتنفني الخوف والقلق، بصراحة أنا غير مطمئنة وأهجس أن هناك أشياء مخفية.. وليكن مايكون.. لا تستبقي الأحداث، ولا تتوقعي أشياء من عندك، ولا تظلميه فقد يكون صادقاً تذكرين كيف امتدحه أبي ذات مرة.. لا تتعجلي ياعجولة.. أنا لست عجولة، لكن الخبر وصلني في جو من الغرابة والغموض يشتت من لا يشت.. يا أختي، توكلي على الله، ولن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا.. ونعم بالله.. هل أخبر أمي؟ نعم، ولم لا تخبرينها..! حسناً، سأخبرها لكن بشرط تكوني معي ساعتها لأنني ساعتها سأذوب، سأتلاشى قبل أن أنطق بكلمة واحدة.. لكن ماذا تتوقعين أن تكون الأمور التفصيلية؟! لاأدري، وأنت ألا تتوقعين شيئاً؟ نعم، أعرف بعض الأشياء عنه منها أنه متزوج، وأنه... انس الموضوع، وخبر اليوم يشترى بالمال غداً يباع بالتراب.. أرى الوجه أنور.. الآن ارتحت؟ اشربي الشاي البارد يا(بزرة) نورة، بدأنا بثقل الدم؟ تصدقين أول مرة تعدين شاياً لذيذاً، آه.. ما أطيبه.. ماذا وضعت به؟! والله فقط غمست إصبعي به.. وأنا أقول: لم الشاي عكر، وطعمه.. آه.. يا ناكرة الجميل أهذا جزائي..إذا فكي نفسك إن استطعت.. لا.. نورة أمزح معك.. تمزحين، وأنا أمزح سألعب قليلاً الحرب بالوسائد.. نورة، ابتعدي.. اتركي الوسادة ستتمزق، أحذرك للمرة الأخيرة ستتمزق وتنامين دون وسادة ولن تأخذي وسادتي مهما فعلت.. آه.. أه.. لا تشديها، والله أمزح.. لقد تعبت لم أعد أقدر على التحمل.. أوه.. قلت لك ستتمزق ولم تردي، انظري ماذا فعلت؟! آه.. وسادتي.. ردعاً لك ولأمثالك عليك تنظيف الغرفة، وترتبيها قبل أن تنامي، والله لو رأت أمي كل هذا لقالت: هذا وأنتما الكبيرتان، ماذا تركتما لغيركما؟، وتعالي ارفعي وجهك لما يطيح.. هيا نظفي الغرفة ولاتنس أن تأخذي الشاي معك، وأنا سأنام أشعر بأني سأنام لشهر.. طبعاً، ياعم، سأفوتها لك، ربحت هذه المرة بمزاجي، سأبلعها لك.. وتذكري سيأتي اليوم الذي تتمنين أن أكون معك به ولا تجديني، ولن تجدي من يتحملك مثلي.. نورة، يا ثقيلة الدم، أنا أحبك، ولولا حبي لك لما بحت لك بكل شيء حتى أصبحت كالكتاب المفتوح لك، وعلى قول أبي: قلبت أختك رأساً على عقب.. ها.. ها أبي يمزح ولا يقصد ما يقول.. أعلم هذا أردت أن أثيرك فقط.. نورة، آه لو تعلمين بعظم الراحة التي أحسها الآن بعد أن نفضت كل مايدور بداخلي، وبحت لك بوجعي.. لو تعلمين بعظم هذه الراحة التي أجدها الآن لتمنيت معي أن تقوم الحياة على الصراحة والوضوح.. لو كانت الصراحة عنواناً في الحياة لما تعب إنسان من إنسان.. الصراحة راحة.. بدأنا بالفلسفة.. سأذهب قبل أن ندخل في معمعة فلسفتك وإلا بقيت تتكلمين حتى الصباح... نورة، أطفئي النور.. تأمرين عمتي، أي أوامر؟! لا، شكراً.. تصبحين على خير. وأنت كذلك وجميع المسلمين المخلصين الصادقين، وكذلك آخرون اعترفوا بذنوبهم وبما اقترفوا وندموا..