الخطوات الجادة والصارمة التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم في إطار إعادة هيكلة وتنظيم إداراتها بالمناطق تمثل في نظري بداية الطريق الصحيح نحو اصلاح وتطوير التعليم بالمملكة، صحيح ان تعديل وتطوير محتوى المناهج التعليمية يشكل ركيزة الانطلاق نحو اصلاح النظام التعليمي إلاّ ان اصلاح جوانب التعليم الأخرى وتحديداً الهياكل التنظيمية والأنظمة الإدارية تمثل في مجملها عوامل رئيسة في تهيئة النظام التعليمي السعودي لتواكب مع تحديات المستقبل ومتطلباته. والخطوات التي أعنيها والتي تستحق الإشادة والتأييد هي القرارات الأخيرة التي أصدرتها الوزارة بشأن إعادة تنظيم الهيكل الإداري في إدارات تعليم البنين بالمناطق والمتمثلة في الغاء ودمج بعض الإدارات إضافة إلي الجدية والصرامة في إعادة المئات وربما الآلاف من المعلمين إلى قاعات الدرس وباحات المدارس بعد ان أمضوا سنوات في وظائف إدارية لا علاقة لها بالعملية التعليمية والتربوية إلاّ من ناحية الاسم، وهي خطوة ولا شك ستواجه بمقاومة شديدة من قبل حراس النظام الإداري التقليدي القائم على الوساطة والأهواء الشخصية من هنا يتعين على الوزارة ان تمضي بقوة وحزم في تطبيق خطواتها الاصلاحية وان لا تتراجع أمام ضغوط الإدارة التقليدية، كما ان عليها ان تنشط في متابعة هذه القرارات والتأكد من تطبيقها خاصة المتعلق بإعادة المعلمين إلى الميدان التربوي إذ ليس من العدل ان يتساوى في المزايا والحقوق معلم يبلغ نصابه اثنين وعشرين درساً في الأسبوع مع معلم آخر ينعم بمهام إدارية بسيطة كما انه ليس من الأمانة ان تعيش بعض المدارس عجزاً فاضحاً في عدد المعلمين في الوقت التي تكتظ فيه مكاتب الإدارات التعليمية بالمعلمين من ذوي الخبرات التربوية والتعليمية الطويلة، أيضاً ينبغي ان لا يقتصر هذا الإجراء الحازم على إدارات البنين وإنما ينبغي ان يشمل أيضاً الإدارات النسائية في تعليم البنات إضافة إلى مدارس تعليم البنات التي تعيش حالة مشابهة ان لم تكن أكثر وضوحاً فهناك عشرات من مدارس البنات تكتظ بأعداد كبيرة من الإداريات المثبتات على وظائف تعليمية والغريب في الأمر ان هذه المدارس تعاني من عجوزات في أعداد المعلمات بل ان بعض المدارس بقيت أشهراً بانتظار ندب معلمات في الوقت الذي يوجد فيه بالمدرسة عدد من الوكيلات والمعلمات المكلفات بأعمال إدارية بسيطة وهو أمر لا يمكن النظر إليه بوصفه خللاً في التنظيم الإداري وإنما هو في أبسط حالاته نوع من التفريط بالأمانة واللوم لا يقع على المعلمات المعنيات وإنما يقع على المسؤولين بالوزارة الذين يملكون بأيديهم اصلاح الوضع. وعلى الوزارة ان تضع ضمن أدواتها الاصلاحية خيار اعفاء مديري التعليم وتكليف آخرين بدلاً منهم، فالمدير العام الذي يأتي إلى الوزارة للتفاوض حول إبقاء أكبر قدر من المعلمين في الأعمال الإدارية وهو يدرك في قرارة نفسه ان العمل يمكن يسير دونهم يجب ان يضع في حسبانه ان الوزارة قادرة على إعفائه وتكليف موظف آخر بدلاً منه. والاقتراح الذي أسوقه في هذا المقام إلى المسؤولين في الوزارة هو التخلص من الحساسية الزائدة من كلمة «دمج» والإفادة من موظفي إدارات تعليم البنات فبما ان شؤون تعليم البنات بالوزارة قامت مؤخراً بنسونة بعض الإدارات ومنها إدارة شؤون المعلمات وإدارة شؤون الطالبات وغيرها وهو ما نتج عنه فائض في الموظفين الذين يشكلون عبئاً على هذه الإدارات فإن من المصلحة ان يتم نقلهم إلى إدارات تعليم البنين تملك من الموظفين الإداريين ربما أكثر من حاجتها. أخيراً، أرجو من المسؤولين في الوزارة وعلى رأسهم معالي الوزير ونائباه ان يتحروا الحكمة الإدارية أينما تكون فإنها ضالة الموظف المخلص أني وجدها فهو أحق بها، وأعني بذلك ان تنتهج الوزارة مبدأ الوضوح والشفافية في قراراتها وان تحاول الاستفادة بقدر المستطاع من موظفي الفروع والعاملين في الميدان التربوي وان تعمل على اشراكهم في اتخاذ القرارات لكي يكونوا سنداً لها في التنفيذ والتطبيق.