حادثة التدافع عند جسر الجمرات في منى كان مروعاً ومحزناً وآلمنا جميعاً، ونسأل الله الرحمة لمن مات تحت الأقدام أو تحت الأمتعة، ويشفي الله الجرحى ويلهم أهل القتلى الصبر والسلوان.. وبعيداً عن أي مديح أو تجن على دور جميع الأجهزة ذات العلاقة لحفظ أمن الحجيج وأمن المكان والوطن.. فلا بد أن هناك خللاً ما سواء فيمن سمح للحجاج المفترشين أن يبقوا في مواقعهم أثناء الرمي وكان بالإمكان منعهم خصوصاً أن هناك ستين ألفاً من رجال الأمن في الموقع في منى وكان بالإمكان إجبارهم على عدم الافتراش منذ بدء النزول في منى.. وإحكام طوق أمني بشري حول المنطقة يمنع الزحام والتدافع ويسمح بالتفويج خصوصاً أن طواف الإفاضة كما هي شهادة الجميع كان ميسراً ولله الحمد ولم تحدث أي حالات تدافع أو دهس.. .. نعم هناك حجاج لا يدركون ويجهلون التيسير في فتوى توقيت الرمي.. فلماذا لا نتعامل مع عدم الوعي هذا بما لدى أجهزتنا من آليات وتقنيات وجهود يشكرون عليها ولا ينكرها إلا متجن أو ظالم لنفسه وللآخرين.. ثم ذكر العميد خالد التركي أن مما ساهم في الحدث المروع ما يرمى على الأرض من نفايات مع حمل الأمتعة من قبل الحجاج، فلماذا لم تكثف أعمال النظافة في تلك المنطقة قبل ساعات الرمي؟ خصوصاً أن هناك مئات الكاميرات التي ترصد حركة الحجيج؟؟ أدرك أننا نتساءل من محبة وحرص ونحن نعرف أن لجان التحقيق التي شكلت لم تنته بعد من اكتمال تحقيقاتها ورصد ما سجل في أشرطة التصوير وما سجله الذين كانوا في طائرات الهيلوكبتر فوق المنطقة، فهذه جميعها وثائق مهمة لدحض أي اتهامات من الخارج بأن هناك موكباً سبب التدافع أو سيارات كانت تقترب من موقع الجمرات ليقوم من بداخلها بالرمي منها!! وهذه الإشاعات لا بد من دحضها بنشر ما تم رصده في سجلات الأجهزة الرسمية عن هذه المنطقة قبل الرمي وأثناء التدافع وبعده.. .. إن ثقتنا في ولاة الأمر والمسؤولين عن الحج في كل الأجهزة تدفعنا لأن نكون عوناً لهم لتحقيق مزيد من الشفافية والموضوعية والمحاسبة أيضاً في أمثال هذه الأحداث المؤلمة. .. وما نشر يوم الأحد عن البدء في هدم جسر الجمرات لإنشاء جسر جديد على أحدث النظم الهندسية والمعمارية لزيادة الطاقة الاستيعابية والحد من عمليات التزاحم والتدافع التي يتسبب فيها الحجاج خلال رمي الجمرات. وذكر أن المشروع سيكلف 4 مليارات و200 مليون ريال، وهو مبلغ ضخم ولكن إذا كان حقاً هذا المشروع سيوفر الأمن للحجاج فكما نشر عنه أنه يتكون من خمسة طوابق ويوفر 11 مدخلاً للجمرات و12 مخرجاً في الاتجاهات الأربعة وهذا الجسر الجديد يتكون من دور سفلي يتم استخدامه لتجميع ونقل الحصى والمخلفات من مختلف أدوار الجسر ونقلها خارج منطقة الجمرات، وأن كل دور يضم سلالم متحركة وسلالم عادية، وأنه سيتم إنشاء أبراج خدمة في الجسر الجديد اثنان منها يتضمنان مهابط للطائرات العمودية وتصل هذه الأبراج إلى الدور السفلي وتتضمن مكاتب لمختلف الجهات المعنية بالحج، وأن هذا الجسر سيكفل توفير طاقة استيعابية لأربعة إلى خمسة ملايين حاج على الأقل، وأن هناك نظام مراقبة ونظاماً للصوت يغطيان كافة أجزاء المنشآت بكافة الأدوار والمنحدرات. إلى جانب إنشاء لوحات توجيهية وإرشادية على الجسر والمنحدرات وعند المداخل مع إنشاء بوابات على مداخل المنحدرات وأبنية السلالم المتحركة للتحكم بدخول الحجاج.. هذا المشروع رغم ضخامته وضخامة المبلغ المرصود له يحق لنا أن نتساءل: هل تم عرضه على خبراء ومتخصصين كي يحقق (الهدف منه) خصوصاً أن تعداد الأدوار قد يكرر الأحداث المؤلمة.. ودعونا نسأل ما الداعي لوجود مكاتب في هذا المشروع؟! إن المطلوب هو تسهيل الرمي فقط ولو عبر سلالم متحركة تمر عبر الجمرات تحمل الحجيج دونما داع لأي طوابق أو أدوار.. بالطبع نحن لسنا مهندسين ولكن من واقع احتياجنا كحجاج هو سهولة الرمي حتى لو من طابق واحد أو طابقين.. ولكن باستخدام تقنية الحركة وسهولة نقل الحجاج. كم نتمنى أن تعقد من أجله ندوة هندسية متخصصة يسهم فيها جميع ذوي الخبرة والمخلصين حتى لا نعود بعد أعوام لنقوم بهدمه وإعادة بناء مشروع آخر. .. إننا جميعاً مسؤولين ومواطنين نتحمل مسؤولية تحقيق أمن الحجاج ضيوف الرحمن في كل موقع في مكة وعرفات ومنى.. بل في جميع مواقع رحلتهم منذ قدومهم إلى هذا البلد الذي كرَّمه الله بأنه مهبط الوحي ومكان الشعائر والعبادات وأركان العمرة والحج.. .. جزى الله المخلصين حسن الثواب وبارك في جهودهم ولنحاسب المقصرين والمتهاونين ونتصرف بحكمة وموضوعية في مواجهة هذه الحوادث ونعمل جميعاً على عدم تكرارها.. إن شاء الله.