شرعت السلطات الجزائرية، منذ نهاية الأسبوع الماضي، وضمن تداعيات ملف الهجرة السرية الذي بات هو الآخر يعكر العلاقة بين الجارتين المتخاصمتين الجزائر والمغرب إلى جانب ملف الصحراء الغربية، في نشر 13 ألف عنصر من جنودها على طول حدودها مع المغرب، ويأتي قرار الجزائر بتكثيف تعزيزاتها الأمنية وحشد هذا الكم الضخم من قواتها على شريطها الحدودي، بعد أسبوع من قيام الرباط بتنفيذ مشروع بناء جدار أمني يفصل الجزائر والمغرب. وقال مسؤول أمني جزائري رفيع في تصريح صحفي، إنّ الإجراء يندرج في إطار محاربة الجريمة والتهريب وحراسة الحدود البرية الجزائرية، وتعزيز منظومة المراقبة بعد تنامي ظاهرة الهجرة السرية، ما كان وراء قرار السلطات المختصة زيادة نقاط التفتيش والمراقبة عبر الشريط الحدودي الممتد على طول 6 آلاف كلم وبحسب المسؤول ذاته، فإنّه «تم تشكيل 19 مجموعة أمنية منتشرة عبر مختلف النقاط الحدودية، تضم أكثر من 13 ألف جندي». وجاء هذا التطور، بحسب خبراء، في إطار تجسيد استراتيجية جزائرية شاملة ترتكز على تأمين ومراقبة الحركة على مستوى الحدود، كما يعد بصورة ما، ردا مباشرا على الإجراء المغربي الأخير، بالرغم من استمرار المحاولات المتبادلة بين الجزائروالرباط، لتلطيف الأجواء ووضع حد لمسلسل الانتكاسات في العلاقات بين البلدين، طبعها قرار الجزائر في نوفمبر الماضي بتعيين الجنرال المتقاعد العربي بلخير سفيراً لدى المغرب كمؤشر لرغبة الجزائر في تطبيع العلاقات،علما أن الرئيس بوتفليقة ألمح في عدد من المناسبات أن تأخر الجزائر عن فتح حدودها مع المغرب رغم رفع التأشيرة على مواطني البلدين موضوع يخص الجزائر التي «تخشى الترابندو ( تجار الشنط ) والتهريب» قبل أن يشير إلى أن الجزائر «لا تلوم جارتها» . وكان ملف الهجرة غير الشرعية محل تجاذب بين الجارتين المتخاصمتين المغرب والجزائر، بعدما اتهم المغرب، بناء على تقارير لمنظمات حقوقية من بينها «لجنة حقوق الإنسان والشعوب التابعة للاتحاد الإفريقي» بسوء معاملة المهاجرين، بالأخص بعدما لقي 15 مهاجراً مصرعهم على أيدي قوات الأمن المغربية الشهر الماضي . وفي محاولة منها الدفاع عن نفسها لجأت المغرب إلى اتهام الجزائر ب «التراخي في حماية الحدود المشتركة» و«عدم اتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من تدفق الأفارقة على حدودها»، وكان ملف المهاجرين الأفارقة قد ألب على الطرفين (الجزائر والمغرب) الشريك الأوروبي، الذي أخذ على هذين البلدين تقاعسهما في مواجهة الظاهرة فضلاً عن عجزهما عن توفير الظروف المواتية ل «منع أبنائهما من الهجرة نحو الشمال» .وكانت الجزائر وسعياً منها للتحرك لوقف التدفق غير الشرعي للأفارقة على مدنها الحدودية بالأخص الغربية، باشرت نهاية العام المنصرم عملية ترحيل واسعة هي الأكبر والأهم من نوعها، لما يربو على 1500 مهاجر غير شرعي من 15 جنسية إفريقية لإعادتهم إلى أوطانهم الأصلية، ضمن برنامج خاص بمكافحة الهجرة السرية على ضوء اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وجندت السلطات المختصة الجزائرية إمكانات بشرية ولوجيستية هامة، وسط تعزيزات أمنية مشددة، لإنجاح الجسور الجوية والبرية التي وفرتها سلطات الحدود لترحيل هؤلاء، على الرغم من تخوف ذات السلطات من فشل كل هذه الجهود، لتقاعس بعض حكومات بلدان الجوار في حماية حدودها ما يسمح لهؤلاء المهجّرين بإعادة الكرّة .