في حصاد الموسم الشتوي الأدبي الفرنسي الفاصل بين عامي ألفين وخمسة وألفين وستة ثلاث مائة وخمس وستون رواية لعل من أهمها بالنسبة إلى الكتاب الذي ذاع صيتهم رواية فيبليب سولرس الذي يعد أيضاً احد النقاد الأدبيين الفرنسيين الكبار. وعنوان روايته الجديدة الصادرة على غرار أعماله السابقة هو «حياة إلهية» ويستمد مادتها من عوالم الفيلسوف نيتشه. ويسعى الكاتب عبر بعض شخوص هذه الرواية إلى الدفاع عن مشروع فلسفة عالمية يعتقد في قرارة نفسه أنه أحد مؤسسيها. ومن الطبيعي أن يتقمص سولرس مثل هذه الشخصية وهذا الدور. فكثير من الكتاب الكبار أو الذين فرضوا أنفسهم على هذه الساحة الأدبية أو تلك يتقصمون في كثير من الأحيان أدوار البطولة في شخوص رواياتهم ويكتبون عن شخصيات يرون أنها قريبة منهم أو أنهم مؤهلين للتعبير عنها أو تقمصها. وبين كتاب الموسم الشتوي الأدبي الفرنسي الحالي الطاهر بن جلون الذي تقلصت أعماله المنشورة في فرنسا في السنوات الأخيرة. وكان بن جلون ينشر في دار لو سوي فحط الرحال في دار غاليمار التي تنشر لفليب سولرس. وقد استلهم مادة «الرحيل» روايته الجديدة من مأساة عشرات الآلاف من المغاربة والأفارقة الآخرين وغير الأفارقة الذين يحلمون بعبور مضيق جبل طارق انطلاقاً من الأراضي المغربية للدخول إلى القارة الأوربية في إطار الهجرة غير الشرعية. ويسعى بن جلون في روايته الجديدة إلى تلمس آمال هؤلاء المرشحين للهجرة السرية وأحلامهم ومختلف أنواع الألم الذي يحول أحلامهم في كثير من الأحيان إلى كوابيس يبتلعها المحيط الأطلسي بابتلاعهم معها. مما يشد الانتباه أيضاً في هذا الموسم الكتاب الأول ضمن خمسة كتب صاغها الكاتب الفرنسي ماكس غالو عن عالم الامبراطورية الرومانية. وما يشد الانتباه عادة في آثار هذا الكاتب انها غزيرة وان قلمه سيال إلى حد انه يستطيع ان يكتب عن كل شيء بلغة ادبية جميلة. وتصدر أعمال ماكس غالو الجديدة عن دار «فايار». وإذا كان الكتاب الناشئون قد اصدرت لهم دور النشر الفرنسية في الموسم الأدبي الشتوي الماضي خمسة وخمسين عملاً فإن عدد الروايات الأولى التي يصدرها اصحابها في الموسم الشتوي الحالي بلغت هذه السنة سبع وسبعين عملاً. واصغر الروائيين المبتدئين سناً في هذه السنة شابتان في العشرين من عمرهما. وإن دل هذا على شيء فإنما يعني ان فيروس الكتابة لا يعرف حدوداً بين الشباب والشيخوخة.