أكد إمام وخطيب جامع الملك خالد بحي الشفاء الشيخ سعد بن عبدالرحمن الزير على أهمية الأمن وأهمية تكاتف المواطنين مع رجال الأمن ضد الأعداء، وقال الشيخ الزير في خطبته ليوم الجمعة قبل الماضية: إن الأمن مطلب عزيز وكنز ثمين هو قوام الحياة الإنسانية وأساس الحضارة المدنية تتطلع إليه المجتمعات وتتسابق لتأمينه الحكومات وتسخر له الإمكانات المادية والوسائل العلمية والعسكرية وتستنفر له الطاقات البشرية مطلب الأمن يسبق طلب الغذاء فبغير الأمن لا يستساغ طعام لا يهنأ عيش ولا يتلذذ بنوم ولا ينعم براحة قيل لحكيم أين تجد السرور قال في الأمن فأنى وجدت الخائف لا عيش له. عباد الله الأمن والدين متلازمان بل لا يستقيم أمر الدين إلا مع وجود الأمن، لذلك امتن الله عزّ وجل في آيات كثيرة على عباده بنعمة الأمن التي يستقيم بها أمر الدين إذ لولا الأمن استطاب لناس عباده قال الله جل وعلا: {أولم يروا انا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم}. وقال: {فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف} وروى أحمد والبيهقي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فوالذي نفسي بيده ليتمن هذا الأمر حتى تخرج الضعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت من غير جوار أحد بل إن إبراهيم عليه السلام لما دعا ربه بدأ بطلب تحقيق الأمن لتحقق لهم عبادتهم وتتحقق لهم أرزاقهم {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلاً ثم اضطره إلى عذاب النار وبئس المصير} لأنه إذا اختل الأمن يا عباد الله إذا اختل الأمن والعياذ بالله ظهرت الفتن وتزلزلت الأمة وتخلخلت أركانها وكثر الخبث والتبس الحق بالباطل واستعصى الإصلاح على أهل الحق وإذا اختل الأمن حكم اللصوص وسادت شريعة الغاب وعمت الفوضى وهلك الناس. أيها المسلمون الأمن ليس كلمة تقال بالألسن ثم بعده تستقيم الأمور، بل إنه يحتاج إلى جهد ومصابرة، الأمن لا يقوم إلا برجال مخلصين وشعب متماسكين تحت حاكم يسوسهم ويقيم فيهم شرع الله فلا يستقيم أمر السلطان إلا برجال مخلصين يقومون معه يحرسون البلاد والعباد ويحمون الثغور من أهل الكفر والفجور، فبدونهم لا تستقيم حياة الناس ولا أمنهم، ولذلك اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم حرساً يحرسون المدينة كما روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: أرق النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال: ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني الليلة إذ سمعنا صوت سلاح، فقال من هذا فقال أنا سعد بن أبي وقاص جئت أحرسك يا رسول الله، فنام صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا غطيطه، وفي رواية قالت فدعا له صلى الله عليه وسلم ولما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر جعل عبدالله بن عمر وأوس بن ثابت وأوس بن عرابة أيضاً ورافع بن خديج حرساً على المدينة حتى رجع، وهكذا كان الصحابة من بعده وعلى هذا سارت الأمم إلى وقتنا الحاضر، إلا أن الله خص الذين يقومون بالأمن والحراسة أولئك الذين بذلوا أرواحهم في حراسة المسلمين خصهم بأجر عظيم كما قال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} قال ابن كثير - رحمه الله - المرابطة هي حفظ ثغور المسلمين وصيانتها عن الأعداء إلى حوزة بلاد المسلمين انتهى كلامه - رحمه الله - فكيف إذا كان العدو من داخل البلد يا عباد الله ولقد تتابعت نصوص الشريعة لفضل الرباط في سبيل الله كما روى الشيخان كما روى البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، وروى مسلم عن سلمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رباط يوم وليلة خير من صيام شهر أو قيامه، وإن مات جاء رزقه وأمن الفتان أيها الأحبة إن كل رجل أمن في بلاد المسلمين متى ما أخلص لله القصد فهو في رباط من حين بدأ إلى أن يفجأه الموت قال ابن باز - رحمه الله - عمل المتطوعين في كل بلد ضد الفساد مع رجال الأمن يعتبر من الجهاد في سبيل الله لمن أخلص نيته وهو من الرباط في سبيل الله لأن الرباط هو لزوم الثغور ضد الأعداء، وإذا كان العدو قد يكون في الباطن يحتاج المسلمون أن يتكاتفوا مع رجال الأمن ضد العدو الذي يخشى أن يكون في الباطن يرجى لهم أن يكونوا من المرابطين، يقول الشيخ يرجى لهم أن يكونوا من المرابطين ولهم أجر المرابط لحماية البلاد من مكائد الأعداء الداخلين، وقال - رحمه الله - وهكذا التعاون مع الهيئة مع هيئة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر يعتبر من الجهاد في سبيل الله في حق من صلحت نيته لقوله تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المرسلين}. وقول النبي صى الله عليه وسلم: ما بعث الله من نبي في أمة قبلي إلا كان له من أمته الحواريون وأصحابه يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخرب من بعده القلوب، يقولون ما لا يفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل. انتهى كلامه - رحمه الله - هذا فليعلم كل رجل أمن يعمل بحراسة هذه البلد أنه متى ما أخلص لله النية فهو مجاهد في سبيل الله ومرابط إنشاء الله بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعنا بما فيه من الآيات والحكمة أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه. وأضاف قائلاً: إنما حصل خلال الأيام الماضية من قتل لرجال الأمن والاعتداء عليهم ما هو إلا عمل منكر وجرم شنيع لا يرضاه الله ولا رسوله ولا المؤمنون ولا يرضاه أي عاقل ولكم أن تتأملوا الفرق أيها الأحبة بين القاتل والمقتول، فأما رجال الأمن فقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطاً في سبيل الله فإنه ينمي له عمله أو ينمي له عمله إلى يوم القيامة، ويأمن فتنة القبر. وفي رواية من مات مرابطاً في سبيل الله أجري عليه عمله الصالح الذي كان يعمل وأجري عليه رزقه وأمن من الفتان وبعثه الله يوم القيامة آمناً من الفزع قال الطيبي - رحمه الله - أي يقدر له من العمل بعد موته كما جرى منه قبل الممات وأجري عليه رزقه أي يرزق بالجنة كالشهداء، ذلك إذا قصد حراسة الدين وحراسة المسلمين وإعلاء كلمة الله. هذا رجل الأمن، وأما القاتل له من هؤلاء البغاة الخارجين عن الجماعة فقد روى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أهان سلطان الله في أرضه أهانه الله قال أهل العلم ومن إهانة السلطان إهانة جنده، أي إهانة جنده في تلك البلاد وأي إهانة أعظم من القتل فلينتظر القتلة لرجال الأمن الهوان في الدنيا ويوم القيامة إن لم يغفر الله لهم كما قال جلَّ وعلا {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً} نعوذ بالله من الخسران اللهم احفظ علينا أمننا وإيماننا اللهم احفظ رجال أمننا اللهم اجعلهم نصرة لدينك اللهم اعنهم على حفظ عبادك المؤمنين اللهم أعنهم على حفظ عبادك وبلادك يا رب العالمين.