منذ إنشاء هيئة السوق المالية قبل أكثر من عام حرصت على تطبيق الشفافية العالية لمعلومات الشركات سواء المتعلقة بالنتائج او أي أخبار تؤثر على قيمة السهم السوقية، وان تنشر تلك المعلومات ليطلع عليها جميع المتداولين، وحذرت في نفس الوقت من الشائعات التي تنتشر بمواقع بعض المنتديات الاقتصادية على الانترنت، بأعتبار انها لا تستند على حقائق او معلومات صحيحة، وأكدت على المتداولين بسوق الأسهم ان يأخذوا المعلومات عن الشركات المساهمة من مصادرها الرسمية، وقامت الهيئة مؤخراً بالتنسيق مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بإغلاق عدد من مواقع تلك المنتديات بسبب إنها تبث إشاعات وتوصيات اعتبرت مظللة وخصوصاً لصغار المتداولين . ولكننا في الجانب الآخر برزت أساليب ومتغيرات لم يشهدها سوق الأسهم السعودي من قبل وهدفت الى رفع مستوى القدرة على تحقيق أعلى الأرباح وبأساليب جديدة، وكان من تلك الأساليب استغلال إعلانات الشركات، والتي سبق وان حذرت من استفحال هذه الظاهرة بمقال نشر بتاريخ 6/4/1426ه ولكن للأسف لم تتخذ الهيئة أي شيء بخصوص الإعلانات التي تنشر على شاشة تداول والتي أصبح الأمر يتطلب ان تتم مراجعتها والتأكد من صحتها وأهميتها قبل نشرها . ومؤخراً فإن إعلانات الشركات أصبحت لا تحضى بمصداقية عالية كما كانت في السابق، لكون تلك الإعلانات تصاغ بطرق ذكية وتنزل في توقيت محدد، وبعد استغلال الإعلان من قبل المضارب، يتم الإعلان مرة أخرى عن تصحيح في مبلغ او تاريخ او معلومة ليقوم المضارب باستغلال الإعلان لصالحه مرة أخرى، وقد تكرر ذلك عدة مرات . ان خطورة الإعلانات لم تقتصر على تصحيح مبالغ او معلومات، بل ان الذي برز وبشكل كبير مؤخراً هو عدم المصداقية في الإعلان الذي تصدره الشركة، فبعد ان يرتفع السهم بشكل ملفت يتم الاستفسار عن ما لدى الشركة من معلومات قد تكون مؤثرة على قيمة السهم ليكون الجميع على علم بذلك، فتقوم الشركة بالإعلان بأن ليس لديها أخبار جديدة تتطلب الإفصاح عنها او تنفي صراحة ما يشاع عن زيادة رأس المال للشركة - وهو اكبر محفز للسهم بالسوق- وهنا يستغل الإعلان لإنزال السعر، ويقوم المتداولون بالبيع اقتناعا منهم بصدق الإعلان وكذب ما نشر بالمنتديات، ولكن سرعان ما تتضح الحقيقة للأسف بأن ما نشر بتلك المنتديات كان صحيحا وذلك بعدما تعلن الشركة بعد أسابيع قليلة تقدمها للجهات المختصة بطلب الموافقة على زيادة رأس مال الشركة!! وهنا ألا يجب على هيئة السوق التحقق من ذلك ومعاقبة إدارة الشركة على هذا التظليل والرجوع للصفقات السابقة لتحديد من استفاد من اعلانات الشركة؟ ان التطور الجديد في الإعلانات ما حدث مؤخراً عندما أعلن احد البنوك قراره بزيادة رأس مال البنك بمنح سهم لكل سهم والذي أدى الى ارتفاع السهم الى حدود ال 1600 ريال، ثم ارتفع بشكل مريب الى حدود ال 2000 ريال قبيل إعلان البنك مؤخراً بأن احتياطيات البنك لا تسمح بمنح سهم لكل سهم، وان الزيادة ستكون بمنح سهم لكل سهمين! فهل يمكن قبول ذلك من بنك؟ بينما هذا الامر يعتبر من البديهيات التي يجب معرفتها قبل طرح فكرة المنح، ولكن ايضا يجب ان لا نستبعد بعد نزول قيمة السهم بسبب هذا الإعلان، ان يقوم البنك بالإعلان مرة أخرى بزيادة رأس المال بالاكتتاب طالما ان الحاجة ماسة لزيادة رأس المال! وهي الطريقة المناسبة التي كان يجب على البنك اتخاذها قبل الإعلان الأخير، للتغلب على هذه المشكلة ولتخفيف الضرر الذي سيلحق بمالك السهم، وهنا ربما سنتساءل مرة أخرى من المستفيد مما حدث وسيحدث؟ إنني ارغب من هيئة السوق العودة الى إعلانات الشركات وتصريحات مسئوليها - وبدون تحديد لكونها كثيرة وواضحة للجميع- وستجد انه تم استغلال الشفافية بذكاء وان تلك الإعلانات لا يعقل ان تصدر من شركات مساهمة ليست لها مصلحة منها، وان هناك فعلا من يستفيد من صياغة وتوقيت نزول الإعلان، ولذلك يجب ان تقارن الهيئة تفاعل السهم قبل وبعد نزول كل إعلان لتحديد المستفيد من التلاعب في تلك الإعلانات . ان المتداولين عندما يرون بأن إعلانات الشركات الرسمية غير دقيقة او غير صحيحة أحيانا، ويرون في نفس الوقت ان هناك كتاباً بالمنتديات(وليس جميعهم) لديهم مصادر يأتون بأخبار تثبت الأيام صحتها وتفضح أساليب المضاربين، ويساهمون برفع مستوى الوعي للمتداولين الذين بلا شك سيلجؤون الى تلك المنتديات للحصول على المعلومات والتوصيات للشراء او البيع، وبالتالي سيستغل كتاب آخرون ذلك في بث إشاعات وأخبار غير صحيحة، وربما تتسبب في إحداث ضرر كبير للسوق ككل، وحينها يصعب على هيئة السوق إقناع المتداولين بعدم صحة تلك الأخبار لأنهم ومن واقع التجربة تم تضليلهم وخداعهم من قبل الشركات التي تنشر إعلاناتها على شاشة تداول الرسمية . [email protected]