يعتبر التراث الشعبي في تهامة عسير صورة مشرقة لابجديات التراث الشعبي في وطني الكبير قاطبة ذلك ان الإنسان هنا قد جسد معاناته وافراحه في قوالب شعبية باتت متلازمة معه في حياته ولم يكن له ان ينفك عنها ولا هي كذلك وهي حضارته على مر العصور والازمان ومدينة القحمة في التهامة عسير واحدة من منظومة الوطن تقدم لنا ازكى الصور الشعبية في قوالب ذهبية للمتلقي. والتراث الشعبي بالقحمة له سماته المميزة ويتميز اهالي القحمة بتراث شعبي اخاذ يشاركون به في افراحهم العيدية والزواج واستقبال الضيوف وكل الوان المناسبات الوطنية في تناغم دقيق وحركات معروفة تبين مدى ارتباط ابناء الوطن بتراثهم وثقافتهم الشعبية، وقد برزت الوان من الالعاب الشعبية يمكن اختصارها في لون الخطوة، والدمة، والربخة، والسيف يؤديها الشباب وكبار السن في مناسباتهم الخاصة والعامة، بل ان هناك الواناً من الاهازيج التي يرددها الصيادون في ميناء القحمة وعبر مساحات البحر الزرقاء وهم يصطادون رزقهم، وكذلك في المزارع والرعي وغيرها بالاضافة الى الوالش والمزمار، السمرة الجماعية، والزامل، والعرضة. والقحمة في عيون الشعراء مكان أخاذ فالبحر والسهل والاودية في تهامة عسير بيوت قصائد للشعراء، فقد قال الشاعر أبو الجياش الحجري في قصيدة طويلة يبين مواطن تهامة عسير: ومنها سقيت برهة قرى خلب منها فجازان تلك فالصبياء فقرى بيش فالدويمات فالبرك فحلي معطورة غنياء والدويمات هنا أرض القحمة وما جاورها لاشتهارها بنبات الدوم، «المنطقة الممتدة من القحمة الى صبياء فقد انتشرت فيها زراعة الدوم»، كما ذكر الهمداني الطريق الساحلي الذي يربط الحجاز باليمن ماراً بالسهول الواقعة على الساحل بمحاذاة البحر الأحمر، ذاكرا المراكز والمحطات التي يمر بها بعد مروره من اليمن الى الحجاز ومنها القحمة وكنانة، والشاعر احمد عبدالخالق الحفظي من شعراء القرن الثاني عشر في مخطوط له يشدو شعراً عن تهامة عسير: وادخل بلاد عسير تجد الامر يسيرا من بعد ذاك المسير وخذ طريق تهامة اهل الحيا والشهامة وفي حلي خذ علامة ولا تخاف الملامة ونادهم بالبشائر تجد رجالاً كراما يوافقون الكلاما فاذكر لقومي السلاما وقال الشاعر عمرو بن براك الثمالي الأزدي من شعراء الصعاليك اوى تهامة ثم اصبح جالساً بشعوف بين الشث والطباق وقال جرير بن عطية الخطفي، هوى بتهامة وهى بنجد فيلتئم التهائم والنجود قال ابن عشقة يذكر تهامة عسير: والله ما اخليك يامحايل يوم من المبدأ ولا حلي قال ابن عشقة: والبحر ما عاد يقبلها قدر دورته واتلي فصولها وفي دمة لابن عشقة: ياحوض ابن شعوان جيتك مقر العصر وأرى قرايا في تهامة تعجب النظر وجبال واودية وكل ديرة سميت بأسماء رجالها أرض سعودية حيث ذكر قرايا تهامة وهي تهامة عسير وقال ابن عشقة: لو ذلف روس القلايلي ورى من رأس المحصد حتى محايلي من جانب السحاب ويقول الشاعر الشعبي العسيري القديم واصفاً تهامة عسير ومتخذاً القحمة منطلقاً له في دمة عسيرية قتلت في القحمة وفي البرك صدمت وفي محايل مروا بي على اجمال وفي خميس مشيط نصوا عزاية ان هذه الصور الشعية لتقدم للقارئ لمحات من ادبنا الشعبي الغائب عنا والذي تلفته الالسن وقبلته في فترة ومازال محفوظاً في صدور العامة وكبار السن .