قام وزير الخارجية اليابانية تارو آسو بزيارة إلى الهند والباكستان مدتها أربعة أيام بدءاً من يوم الثلاثاء الماضي لإجراء محادثات مع كبار مسئولي البلدين حول التعاون الأمني وإصلاح مجلس الأمن والاتحاد الشرق آسيوي المزمع بعد انعقاد قمة دول شرق آسيا الشهر الماضي وعدة مجالات أخرى. فقد وصل آسو إلى الهند يوم الثلاثاء الماضي برفقة مسئولين رفيعي المستوى. وهي الزيارة الأولى له لدولة آسيوية وأجرى محادثات مع وزير الصناعة والتجارة كمال ناث ومستشار الأمن القومي السيد يارايانان ووزير الخارجية السيد أهاميد. وخلال محادثاته مع وزير الدولة للشؤون الخارجية الهندي يوم الأربعاء، قيم الوزيران إيجابياً الوضع الحالي للعلاقات الثنائية وأشارا إلى تطور العلاقة بين البلدين وخصوصاً منذ الزيارة الهامة التي قام بها كويزومي إلى الهند في إبريل العام 2005 . وأكدا على مبادئ التفاهم التي تضمنها البيان المشترك الموقع من رئيسي وزراء البلدين في 29 إبريل 2005، كما اتفقا على مجموعة قضايا لتعزيز الشراكة الدولية بينهما انطلاقاً من منظور استراتيجي. كما اتفق الجانبان على تبادل الزيارات على مستوى رفيع، ومن المتوقع أن يزور رئيس وزراء الهند اليابان بدعوة من رئيس الوزراء كوزيومي. واتفقا أيضاً على بدء حوار استراتيجي لتعزيز التعاون بين البلدين في الأمن ومجالات أخرى ودعا آسو وزير خارجية الهند لزيارة اليابان من أجل هذه المحادثات الاستراتيجية. واتفق الجانبان أيضاً على النظر جدياً بإمكانية التوصل إلى اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة في سياق العمل المستمر لمجموعة البحث الهندية اليابانية المشتركة والمتوقع أن تقدم تقريرها بحلول يونيو 2006. وفي مجال التعاون في قطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وبالإشارة إلى النتائج الإيجابية للمنتدى الأول في هذا المجال الذي انعقد في نيودلهي في أغسطس 2005 ، اتفق الجانبان على تغطية كاملة للإمكانية الكبيرة للتعاون في هذا القطاع. أما بخصوص التعاون في قطاع الطاقة، فقد عبر الجانب الهندي عن تقديره لدعم اليابان لمشاركة الهند في المفاعل النووي الدولي الحراري التجريبي ITER . واتفقا على تفعيل التعاون في قطاع الطاقة من خلال التطبيق المناسب لخطة العمل المتفق عليها بين وزير النفط الهندي ووزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني في طوكيو في 29 سبتمبر 2005 . كما اتفق الجانبان على تشكيل ورشات عمل مشتركة لتحديد مشاريع التعاون لتنفذ كجزء من «مبادرة العلم والتكنولوجيا» التي أعلنها رئيسا وزراء البلدين عبر استشارات متبادلة انسجاماً مع المناقشات التي جرت في الاجتماع السابع للجنة الهندية اليابانية المشتركة حول العلوم والتكنولوجا في نيودلهي في نوفمبر 2005. وبخصوص مساعدات التنمية الرسمية، قال وزير الخارجية الياباني آسو أن الهند ستبقى الدولة الأكبر للسنة الثالثة على التوالي من حيث تلقي المساعدات اليابانية للسنة المالية الحالية. وعبر الجانب الهندي عن امتنانه لما تقدمه اليابان من مساعدات. وبناءً على التفاهم الذي تم التوصل إليه خلال زيارة كويزومي إلى الهند بخصوص ممرات الشحن متنوعة الوسائل مع نظام تحكم القطار الآلي على طريقي بومباي - دلهي ودلهي - هوراه، اتفق الجانبان على دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع من قبل الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا). ونقل وزير الخارجية الياباني آسو قرار الجانب الياباني البدء بما يسمى «برنامج آسو» لتبادل الموظفين ويتضمن أربعة آلاف موظف خلال السنوات الثلاث القادمة في مجالات مثل تعليم اللغة اليابانية والتكنولوجيا وتفاعل الشباب وغيرها بتمويل ياباني. وعبر الجانب الهندي عن تقديره لهذه الخطوة. وبخصوص تأشيرات الدخول أشار وزيرا خارجية البلدين إلى أنه سيتم إجراء استشارات مبكرة من أجل مزيد من التسهيلات في إجراءات منح تأشيرات الدخول، مع الإشارة إلى ارتياح للإجراءات الأخيرة بمنح تأشيرات متعددة صالحة لثلاث سنوات لرجال الأعمال الهنود. وفي مجال التعاون والحوار الأمني أكد الوزيران على مزيد من الحوار والتبادل بين البلدين في مجال الدفاع والأمن. ويتوقع أن يقوم وزير الدفاع الهندي بزيارة رسمية إلى اليابان. وفيما يتعلق بنزع الأسلحة ومنع الانتشار اتفق الجانبان على البدء بحوار سنوي بهدف تشجيع الخصائص المشتركة وتوسيع مجالات التقارب لأجل التعاون المتبادل بأسلوب بناء مما يساهم في تقدم العلاقات الثنائية عموماً. ودعا آسو إلى اشتراك الهند في مبادرة أمن الانتشار بقيادة الولاياتالمتحدة في ضوء التهديد النووي المحتمل من كوريا الشمالية وإيران. وجاءت وجهات نظر وزيري خارجية البلدين متوافقة في وجوب أن تلعب قمة شرق آسيا دورا رئيسيا في تأسيس اتحاد شرق آسيا المزمع، في تحرك ظاهر لكبح النهوض الأخير للصين في مجالي السياسية والاقتصاد. واتفقا على إطلاق المحادثات بين كبار مسئولي الشؤون الخارجية للبلدين حول نزع السلاح وعدم الانتشار. وأكد الجانبان على مزيد من التعاون بين اليابان والهند لتحقيق إصلاح عاجل وشامل لهيئة الأمم بما فيه توسيع مجلس الأمن بزيادة أعضاء دائمين وغير دائمين في نهاية الدورة الحالية للجمعية العمومية لهيئة للأمم المتحدة في سبتمبر. وأكدا بأن اتفاق مجموعة الأربعة ( اليابان، ألمانيا، البرازيل والهند) كانا تطوراً هاماً، وأن المجموعة تسعى للحصول على أكبر تأييد ممكن من الدول الأعضاء، حيث تقدمت بمشروع قرار مشترك لتوسيع مجلس الأمن إلى جلسة الجمعية العامة السابقة في يوليو الماضي، في محاولة للحصول على عضوية دائمة في مجلس الأمن. ولكن ألغي مشروع القرار تلقائياً حيث لم يخضع للتصويت. وكان الوزير آسو قد التقى يوم الثلاثاء بوزير الصناعة والتجارة الهندي كمال ناث واتفقا على أن علاقات البلدين تتقدم بثبات. وأكد آسو ذلك مشيراً إلى أن كلا البلدين لديهما اقتصاد سوق وقيم مشتركة أخرى. ووافقه الوزير كمال القول آملاً أن تتخذ اليابان المبادرة في قيادة المنطقة الآسيوية. آسو في الباكستان وختم الوزير آسو لقاءاته مع المسئولين في الهند متوجهاً إلى الباكستان ليل الأربعاء. واجتمع يوم الخميس مع الرئيس الجنرال براويز مشرف ورئيس الوزراء شوكت عزيز. ثم أجرى محادثات مع نظيره خورشيد محمد كاسوري توصلا في نهايته إلى توقيع اتفاقيتين تقضيان بمنحة يابانية بقيمة 55 مليون دولار أمريكي ليبلغ بذلك إجمالي حجم المساعدات اليابانية لضحايا زلزال 8 أكتوبر الذي ضرب الباكستان إلى 200 مليون دولار أمريكي. وفي مؤتمر صحفي ونظيره الباكستاني خورشيد محمد كاسوري في وزارة الخارجية عبر وزير الخارجية اليابانية آسو عن تقديره لدور الباكستان في الحرب على الإرهاب وعن دعمه لجهودها المستقبلية. وقال أيضاً «لقد اتفقنا على إجراء محادثات ثنائية لمنع الإرهاب» وقضايا من الانتشار. وبدوره قال كاسوري «لقد اتفقنا مع السيد آسو على القضايا التي يمكن أن نناقشها في حوار أمني سنوي». وصرح وزير خارجية الباكستان كاسوري بأنه طلب مساعدة يابانية في مشروع سكة حديد كراتشي، وطريق إندوس السريع قيد الإنشاء بطول 1200 كيلومتر والذي يربط مدينة بيشاور الحدودية في الشمال مع مدينة ميناء كراتشي في الجنوب والذي يبنى بمساعدة يابانية وسمي بطريق الصداقة الباكستانيةاليابانية، كما طلب تشجيع السياحة في المناطق الشمالية من باكستان التي تجذب عدداً كبيراً من السياح اليابانيين كل عام. وأضاف أن آسو وعد بالنظر في الطلبات الباكستانية بجدية.