يغير تدهور صحة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون المشهد السياسي في (إسرائيل) قبل حوالي ثمانين يوما من الانتخابات التشريعية في وقت كان حزبه (كاديما) يتصدر استطلاعات الرأي. ويخشى الا يتمكن شارون (77 عاما) من مواصلة نشاطه السياسي على رأس الحكومة والحزب الذي انشأه في تشرين الثاني - نوفمبر بعد انشقاقه عن الليكود، كما يقول اطباؤه بسبب الانعكاسات المحتملة للنزيف الحاد في الدماغ الذي اصيب به مساء الاربعاء ونقل اثره إلى المستشفى حيث يخضع لعملية جراحية.فحزب (كاديما) يتمحور حول شارون نفسه. فهو الذي قرر وحده الانشقاق عن الحزب الذي كان بين مؤسسيه سنة 1973، بسبب معارضة المتشددين لسياسته وخصوصا بعد الانسحاب من قطاع غزة. ونجح شارون في اقناع حوالي 15 من نواب الليكود العشرين في الكنيست بالانضمام إلى (كاديما) وكذلك عدد من كبار مسؤولي حزب العمل مثل رئيس الوزراء السابق شمعون بيريز. وبفضل ارييل شارون، تقدم (كاديما) الاستطلاعات التي توقعت فوزه بأربعين مقعدا من اصل 120 في الكنيست متقدما على حزب العمل والليكود والاحزاب الاخرى. ولا يقتصر الامر على جاذبية شارون السياسية التي لم تنجح اتهامات بالرشاوى بالتأثير عليها. فالاسرائيليون يعترفون لشارون بتحسين امنهم، وان لم يحقق لهم السلام، مع انخفاض عدد القتلى في هجمات فلسطينية بصورة كبيرة في السنة الخامسة للانتفاضة. كما ساهم الانسحاب من غزة وتفكيك المستعمرات في زيادة شعبيته لانه يستجيب لتطلعات اغلبية صامتة من الاسرائيليين. ووعد شارون في حال فوزه في انتخابات 28 اذار - مارس بمواصلة برنامجه السياسي واعلن حزبه انه يعتزم «رسم حدود اسرائيل» ولكن من جانب واحد وبدون اتفاق سلام مع الفلسطينيين في عملية أبعد ما تكون عن السلام. وكان شارون يبدو مصمما على مواصلة ما بدأه مع الانسحاب التاريخي من قطاع غزة بعد 38 سنة من الاحتلال المباشر عبر اعادة قسم كبير من الضفة الغربية إلى الفلسطينيين مع الاحتفاظ بالتجمعات الاستيطانية الكبرى وبالقدسالشرقيةالمحتلة. ولا يتوقع ان تتغير سياسة (كاديما) مع تولي خليفته المؤقت، رئيس الوزراء بالوكالة وزير المالية ايهود اولمرت مهامه. وترأس اولمرت اجتماع الحكومة أمس.وغادر اولمرت (60 عاما)، رئيس بلدية الاحتلال السابق في القدس الليكود مع شارون. وكان اولمرت احد مهندسي خطة الانسحاب من غزة، حتى انه كان صاحب المبادرة ويقف وراءها. لكن شعبية اولمرت لا توازي شعبية شارون حتى انه من غير المؤكد ان يحظى بقيادة (كاديما) الذي لم يرسخ قواعده التنظيمية بعد. وتنعكس حالة الغموض التي تحيط بمصير (كاديما) على الاحزاب الاخرى نظرا لدور شارون المركزي الذي لا يتوانى المعلقون المخدوعون عن مقارنته بشارل ديغول منذ الانسحاب من غزة. ولكن الطبقة السياسية تحجب حتى الان خلافاتها وتتكتم على حساباتها. وكان رئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو الذي خلف شارون في كانون الاول - ديسمبر على رأس حزب الليكود اليميني بين اول من تمنوا له الشفاء العاجل. وفي الطرف الاخر من المشهد السياسي، اعرب النائب يوسي ساريد من حزب ميريتس اليساري المعارض عن تمنيات مماثلة. وقال ساريد «ما يجري زلزال سياسي وامل ان تتوقف الارض سريعا عن الاهتزاز».