تزخر المنطقة الشمالية كغيرها من باقي أقاليم ومناطق المملكة بفنونها الشعبية المختلفة ولعل من أشهر الرقصات في الشمال رقصة «الدحة» والتي تعتبر من الرقصات الشعبية الخاصة بالشمال وغير المألوفة لباقي مناطق المملكة حيث يؤدى هذا اللون في مناسبات الزواج والختان ولكن لماذا سميت «الدحة» بهذا الاسم؟ وكيف تؤدى في المناسبة؟. يعود تسمية «الدحة» بهذا الاسم للهمهمة الصادرة من المشاركين بها حيث تتم عملية الشهيق والزفير وبصوت مرتفع فتشبه تلك الأصوات الغليظة كلمة دح.. دح. يقف المشاركون في الدحة على شكل صفين متقابلين وهم يرتدون الثياب البيضاء وعليها الزبون الأبيض ويعلق على الصدر «المجند» والمصنوع من الجلد وفي جرابه يوضع المسدس وعلى الرأس يضع الرجل الشماغ والطاقية والعقال، ويقف بجوار كل صف شاعره ويسمى بلهجة أهل الشمال «القصاد» والذي يلعب دورا رئيسياً في الرقصة حيث يفتتح الدحة بإلقاء أو ارتجال الأبيات الشعرية فلا يلبث أن يجاوبه شاعر الصف الثاني وتستمر المساجلة الشعرية بين الشاعرين ويكرر أبيات كل شاعر رجال صفه الذين يقفون بمحاذاته. وعند استجابة المشاركين تبدأ عمليات الدح الصادرة من التنفس يزاملها التصفيق باليدين مع الضرب بشدة بالقدم على الأرض. وجرت العادة في هذا اللون بأن لا يصاحبه أي إيقاع بل يكتفي بالتوقيع الصادر من القدم والتصفيق بالكفين مع ترجيع الصوت الصادر من عملية التنفس. من هذا اللون هذه الأبيات: يا لحو لباس الشاش أكتبن عند فراش يا خدمة بلا معاش لا أريد فلوس ولا أبغاها وأن أرسلتني ما أعييي يا طيعة من بعد حي كل اللي تريده مني والحاجة غير ألقاها كل من شان النشمية أنا أدرن شاي بايديه لأحبه في الزمزمية وأغسل كأسه وأجلاها يالظافر يا سواد العين يا كثيف لا تجازين يا شوا من جز عيني والله لأنقذ جزاها كما لا ننسى أن نتحدث عن لون آخر من الألوان الشعبية في الشمال وهو «الهجيني» والذي ارتبط بحياة البادية حيث رعي الإبل وهذا النوع من الغناء الحر من ناحية الوزن ويمكن تأديته بدون مصاحبة أي آلة بل على صوت إيقاع مشي الإبل لذلك سمي «بالهجيني» اقتباساً من كلمة الهجن. ولطبيعة الصحراء دور في نفسية البدوي حيث اتساع الأفق والجو النفسي الخلاب مما يجعل الشاعر يطلق لقريحته العنان ومن ذلك: يامل قلب على ميهاف متولع والقدم حافي عليك يا أبو ثمان رهاف انته سبب داي وأتلافي والله لولا الحيا لانوح كن كسير يملونه خلوه وسط العضنا مسدوح والجمر فوقه يهلونه