. إن ما يطرحه، بالإيحاء السطحي، عنوان، مثل: «التيارات الفكرية: إشكالية المصطلح النقدي- 2005» لسلطان القحطاني، لينبىء بالأثر الأوديبي صوب عنوان نعرفه، هو: «التيارات الأدبية الحديثة في قلب الجزيرة العربية- 1959» لعبدالله عبدالجبار، لكن إن أبدينا تمعنا يذهب إلى عمق أبعد سيكتشف، ما الذي جرى بين ما هو مأمول حقا- أو ماهي عليه- تلك التيارات التي تكلم عنها، عبدالجبار، سواء في سياق تصنيفاته الأدبية، عبر صفاتها الجمالية ونظرياتها الإبداعية،مثل: الكلاسيكي، الرومانسي، الواقعي أو في سياق تصنيفات إيديولوجية في طابع سياسي كالثوري أو القومي، وما كان اصطلاح عبارة: «التيارات الأدبية»، عند عبدالجبار، إلا ليعطي ذلك الإيجاء المجازي- في زمن تحولات كبرى على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، من أمواج البحر ولجتها أو جريان المياه وتدفقها. إنما ما سنراه في عبارة: «التيارات الفكرية» عند القحطاني، هو ذلك الإيحاء المجازي- في زمن سقوطات كبرى على الصعيد السياسي والإيديولوجي والتعليمي، من نوعي تيارات الكهرباء، وهما: «المتناوب»، أي:المتردد بين قطبي السلب والإيجاب، و «المتواصل»، أي: الذي يسيل في اتجاه واحد. .. وما بين تيار التناوب والتواصل، تتضح تلك التصنيفات التي قام عليها كتاب: «التيارات الفكرية» للقحطاني، حيث نرى أن استراتيجية خافية تعمل بحكم مسبق لا يخفي الوهم، موجودا وغير موجود، في تقسيم الكتاب الذي يبدأ، من فصوله الأربعة، بطرح إشكالية المصطلح عبر قراءة انتقائية واحترازية في التاريخ العربي مؤسلماً (ص: 15-34)، ثم انكشاف ذلك الوهم في التقسيم عبر الفصل الثاني الموسوم: التيار العربي الإسلامي في مواجهة التيارات الثقافية الأخرى (ص:37-40)، عبر جزئيتي المرجعية الفكرية ومرجعية الأصول، ويستمر «التفكير الانتقائي»، من خلال حضارة مريضة، يقف باحثاً عبر وهم مريع بين الدين وإيديولوجيا الحل والعقد من جهة، ومن أخرى إبقاء المغاير والمختلف من الينابيع المتناوبة، من الثقافة وسواها، في إطار وهم المتواصل من الإيديولوجيا. .. وإذا ما أراد، القحطاني، الذهاب إلى قراءة الفكر الإنساني، يختزل في إطار منتقى ما بين العصبية القومية والعصبية الإيديولوجية، وهذا المتواصل هو أساس الثابت والمؤسسي والمكرس، ومن هنا يتحقق الوهم، وإذا ما نرى في الإيديولوجيا، لا في السبب والإيجابية منها، بل في الدافع والسلبية منها ما يوازيها في مفهوم الاعتقاد/ الإيديولوجيا الدافع والسلبية، وهذا ما يعرفه الفيلسوف عبدالله القصيمي بأنه: «رفض وتمويت وهزيمة لكل الحواس والتجارب. إنه إصابة بالعمى الشامل» (1). .. وحين يذهب في استراتيجية مؤدلجة، ذات حكم مسبق، عبر الانتقال إلى الفصل الثالث تحت عنوان: أهم التيارات الفكرية المعاصرة، مقسما إياها على ضوء أسئلة نهضوية عارية، أي: لم تعط حقها، بتعبير: «أزمة التربية، أزمة التراث وأزمة الصراع (أي: الحوار والتفاعل)» (ص: 62)، وأول التيارات هذه، هو التيار الفلسفي الذي وقع في وهم البحث عن المشابة في الفلسفة «الأدبية المثالية المؤمنة» (ص:64)، فتوصدت الأبواب أمامه لسببين، هما: استعداء الاستعمار ورفض حضارته بأثر من إرث الكره والصراع مع الحملات الصليبية ما فوت «استيعاب النهضة الإنسانية الحضارية الجديدة» (ص:67)، والثاني، هو: عقدة الفلسفة في الفكر الفلسفي (2)، والوقوع في جدلية النقل والعقل، ما بين توابع الأول من الأصول والقواعد، والثاني من التجربة والتساؤل حتى انكشف الموقف من الفلسفة هو اتهامها وإدانتها فيما هي مقصاة وغائبة (3)، وإذا ما حاول عبر الوهم البحث عن «منهج عربي إسلامي» (ص: 72) للفلسفة كان من الأجدر الوعي بمفهوم الحكمة والحكيم في الفكر العربي القديم، لكن حال التفكير الانتقائي لا يبعد عن سبله، ويقف مكتوفاً عن كشف أزمة المعرفة في إطارها وأزمة العقل في دوره، بين اليقينية والوظيفية المؤدلجتين حسب المفهوم السلفي، فإن «رفض جدوى واستحالة الفلسفة فما ذلك إلانتاج فهم الأصوليين للفلسفة على أنها ذلك الفرع من المعرفة الذي يحدد لنا ماهية الأشياء وليس كيفيتها، وهي موضوع مباحث العلوم» (4). .. أما التيار الثاني، هو: «التيار العلماني» الذي لم يحظ بتعريف ولا رصد سوى إخفاقات بعض التوفيقيين من الذين تداولوا بعض نواحي التاريخ العربي أو سير شخصياته من جهة «ص:75-77)، ومن أخرى قضية اللغة ومستوياتها بين لغة الأدب والصحافة (ص:85)، وهنا يقع القحطاني في مأزق كبير ما بين تغطيته بسرد أمثلة مضللة، بين أسباب تطورها وحرف نتائجها، وما كان اللجوء الفج والمفتعل إلى نقاط فضفاضة واستيهامية إلا تأكيداً عن غياب المنهجية والموضوعية (88-91). .. كأن الحقيقة والخرافة، هي جدلية تحكم معرفة تيار العلمانية بتيار التفكير، فلا أوضح الأساس العلمي و المعرفي أو المرجعية الفكرية ومرجعية الأصول- حسب تعبيره المضلل!-، وهنا بقدر ما تتخفى وتتمظهر، تلك التقسيمات بدفع من التفكيرالانتقائي، فهي ما بين المعجمية والاصطلاح المعنويين سواء عبر هاجس العلمانية والتكفير، أو عبر الحقيقة والخرافة، هو في «نموذج الخرافة أن الحشرة والإنسان قد خلقا بتدبير ومنطق ليصنعا الحياة وليتناسلا، ويؤديا أهدافاً مقصودة ومرادة ومعلومة للآلهة أو للحياة أو للوجود، أما نموذج الحقيقة فهو، أنهما- أي الحشرة والإنسان- قد وجدا ولم يخلقا أو يدبرا أو يراد منهما أو بهما أي شيء» (5). .. وما دام الوقوف الاختزالي عند التيار العلماني، لا بمراعاة خط إشكالية المصطلح النقدي، بل لا بأس من الخلط في مفهوم التاريخ والتعامل مع التراث، فلا يعدم أن يكون هذا هو التناول أثناء التيار الثالث، وهو «التيار الحداثي»، كذلك دون الوقوف على توفير مهاد منهجي وموضوعي لقبض الاصطلاح مع أصل المعنى المعجمي، وإذا ما أطل على بنية التغير الاجتماعي وانفصالها عن التوازي مع بنية التطور الثقافي، فلا يقف عند أثر التحولات وعلاقة المبدع/ المبدعة، إن كان من الشعر أو السرد يجيء، أومن الفكر أو النقد يمتح، وهذا ما يوقع القارىء في بلبلة ربما لم تقصد، لكنها تكشف أزمة قراءة الحالة، وما كان تعيين مواقف عبر أحكام مدرسية،معلولة بالحكم المسبق عند تناول مفهوم الحداثة والموقف منها في سياق المؤسسة الدينية، سواء الكنيسة (ص:103) أو تيار التكفير من الفكر السلفي، إلا لتكشف أزمة الخطاب الديني وعلاقته بالبنية الاجتماعية، من وضع الوصاية والامساح به نحو مجالات تتباين بحدة و اعتراض في تقابلها وتقاطعها تفريقاً بين «البدعة والتطور»، وعقدة التآمر الناشئة من نظرية الفراغ، نحو خلق عدو لمتبوع فاشل، وهذا الذي يكشف عن توتر طائفي ومذهبي انسحب أو اندفع نحو حقول الفن والأدب والعلوم، وهي المجالات التي تتباين فيها الإيديولوجيا سواء من موقف الالتزام أو فرض الوظيفية، نحو الأدب الإسلامي الذي سنقرأ تناوله له لاحقاً. .. وإذا كان التيار الحداثي، يلعب في منطقة التناوب بين السلب والإيجاب، لكونه حقلاً في هندسة الدائرة، استطاع بكثير من الجدارة ودون قصد الكشف عن تيار التكفير في منطقة المتواصل، عبر الاتجاه الأحادي والمتشنج، من خلال أزمات حادة بين آفة تسييس الديني وأدلجته خفاء، والانطواء على جرح الهوية في توترها الانفصامي، وافتعال استعداء الآخر عبر الوهم، والفقر المعرفي أو الاقتصار العلمي ما بين الدروس الدينية المؤدلجة، في غير مصالحة الفرد والحياة، بل نحو عقلية الانعزال والاغتراب، وهذا بان من خلال النماذج المتناولة (6). .. وإذا ما أردنا أن نؤكد مسألة مبدئية، هي مفهوم الفكر الإنساني في سياقه الإبداعي (العقلي) والاتباعي (النقلي)، يعمد إلى حركية دائرية تعيد تشكيل عناصرها بين الحياة والموت في إطار أفقي، ولا يقع في عامودية إلا من باب مفارقة النوع في درجات أو مطاولة الزمن في طفرات. .. وحين نقول هذا سواء في التقديم من بعد عرض مبدئي، لنصف الكتاب، من أجل تثبيت مفهوم للفكر الإنساني في منتوجاته الكبرى: الفن والأدب والعلم، وهذا ما يغيب عنه الاهتمام من الباحث القحطاني، ولا يزيد عليه سوى السير في تصفح الفصل الرابع والأخير من الكتاب لينكشف لنا، الكثير من خط الكتاب، في رسم حال إخفاق، للتيارات الفكرية العربية الإسلامية عبر استراتيجية التفكير الانتقائي الذي يحقق من مكاسب الحكم المسبق المعتمد في رصد فصول الكتاب، وهذا يعيدنا إلى جدلية الوهم الموجود وغير الموجود، فهذا الوهم أو «المعتقد بقوة يظل أبدا يعاود تجربة الخطأ الأول أو الخطأ الدائم أو الخطأ الذي لا يصبح خطأ. إن الخطأ الذي لا يموت ولا يكتشف ولا يعاب ولا يعاف بل ولا يتهم أو يساءل» (7). .. وإذا ما كان لنا أن نرى في التصنيفات أو التقسيمات الآتية، سوى حال الرجوع أو رد الفعل، في سبب المنشأ أو التكوين أو الاقتراح المقروء على غير وجهة، فهنا أول التيارات، هو «تيار الإخوان المسلمين» الذي يرى في العالم الحاضر «جاهلية» حسب أحد رموزه (ص:131)، وإذا هذه بدايته، فلا نستغرب بعض آثاره مصدرة، كما في اصطلاح إيديولوجي «القطبية والسرورية» (ص:136)، حيث تمازجت الأولى وتيار سلفي في السعودية، انتجت التيار الذي وقف أمام الحداثة، متوهماً مهاجمة العدو الصهيوني، كمثل وهم تيار الأدب الإسلامي مواجها تيار الشيوعية، ياللغرابة يا بني أمي!. .. إن ما يغري في رصد تلك التزاوجات، سواء التهجينية أو الخلاسية، بين خطوط فرعية لاتجاه واحد ينتج أولاده وأحفاده بأقوى مما تمنى وخطط الأجداد الأول، فما غرسه سيد قطب نتج في أيمن الظواهري وما غرسه أخو سيد محمد قطب نتج في سفر الحوالي (ص: 137). .. وإذا كان هناك خطوط فرعية لذات التيار سوف تحاول ان تغرق ضمن أخطر مآزقها في علاقتها والنص المقدس: القرآن الكريم، بدخاله ضمن لعبة الوهم الايديولوجي الذي اتخذ ذريعة، عبر مصطلح التوفيقية العلمية أو التلفيقية بشكل أوضح وأدق (ص: 143) وذلك تستراً عن العجز والفشل في المساهمة الحضارية، كما في الإنتاج الصناعي والتقني وسواهما. .. هل استعادة «التيار العلماني»، عبر مسمى: «تيار العروبة القومي» محاولة لرصف تقسيمات أو عذر لإيراد مقولات المكونات الفكرية عبر التأثر بمدرسة الاستشراق عند طه حسين أو مداخل العروبة والإسلام ما بين مفاهيم ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار، في موقف القومية من الشيوعية في الطريق إلى حزب البعث (ص: 154) أو مفاهيم ساطع الحصري وقسطنطين زريق، سواء عند الأول في ان العلمانية والقومية وجها عملة واحدة أو عند الثاني في تشكيل القومية والدين عبر انسجام لا تعارض بينهما (ص: 156)، ثم ينط لى تيار اسماه: «القومية العربية الرومانسية»، ولا آفة تبين في مباحث هذا الباب سوى اعتماده على كتاب «الفكر العربي وصراع الأضداد - 1996م» للبحريني محمد الأنصاري، فمن أين اختزال كل ارث انطون سعادة (مع تغييب كمال جنبلاط!) وتحقير فكره دون ان وعي ودليل أو نظرة تحليلية تتعمد الابتسار والعزل عن السياق، من خلال قراءة الأنصاري له، لا مباشرة القحطاني فكره فما الجدوى من تناول فكر تجهل - ربما تنكر أيضاً! - مرجعياته عند الناقل والمنقول منه؟ (8). .. كان من الأجدر لتقوية تناول هذه الشخصية الفكرية لأنطون سعادة الذي يعد من أول طارحي دراسة في القرن العشرين في الانثروبولوجيا - علم الإنسان، من وحي أصيل لا مستعار، عبر كتابه: «نشوء الأمم - 1939»، ان توجه إلى كتاب ذي شأن مهم يدعم دراسته ويقوي حجتها ويطورها بدل تشنجها واختزاليتها، أو استمرار التفكير الانتقائي في تحقيق الحكم المسبق، وهو كتاب: «الصراع الفكري في الأدب السوري - 1942م»، فمن العيب على باحث بمثل قيمة القحطاني - إن تكن له! - الأكاديمية والأدبية، ان يقول عن تحليله بأنه: «تعليل تاريخي سقيم» (ص: 158)، أو في موضع آخر «ولو تتبعت كل أبحاثه فلن أخرج بأكثر من هذا» (ص: 159) ماذا عن مجلة شعر (أو مواقف أو حوار) التي استلهمت فكر سعادة وما الذي فعلته من جديد على صعيد الشعر والرسم كذلك المسرح والدراسات الفكرية؟ .. يتجول، القحطاني، في مبحثه هذا بكثير من لا منهجية أو تراتبية البحث وتفعيل عناصره فمن الفكر الاجتماعي عند انطون سعادة إلى الفكر التاريخي عند المستشرقين أو نصارى العرب - بهذا التوتير الطائفي! - (ص: 160) ومن شغل نقالي ترجمة كمحمد غنيمي هلال (ص: 161) إلى رومانسية جبران خليل جبران (رعشة الحداثة الأولى لنزيه أبو عفش أو خميرة الحداثة الأولى عند أدونيس!) (ص: 163)، فكل شيء ممكن وكل شيء يساعد، فمن يقرأ ومن ينشر؟! .. ولا عجب ان نرى أصحاب المتون السردية التاريخية كاسم كارليل (ص: 166) أو جورجي زيدان (ص: 168)، ولا بأس من ورود عبدالقدوس الأنصاري (ص: 169) بعد أحمد الزيات، فمن يستغرب أو يستنكر أو يبحث عن المشترك والفاعلية؟ .. وما دام هناك تيار «القومية العربية الرومانسية»، فلا بأس من تجزئة لتيار آخر، هو: «تيار القومية والناصرية»، والعودة لداء الاخوان المسلمين وتيارهم الذي غرس عقدة التآمر والعنف، على إثر نظرية الفراغ، فمن معارضة وتصادم جاء من قبلهم نحو سياسة جمال عبدالناصر (ص: 179) إلى تدخل الحزب البعثي الملحد برأيه - استمرار التوتير الايديولوجي! - (ص: 180). .. إلى أين سيذهب الباحث، في أوهامه وحيرته، خنادق وأخاديد، ما هذه التيارات الفكرية؟ .. ماذا بعد تريد في حال أزمة كبرى مع الزمن، بطريقة النظر إلى حركة النهاية لا البداية الأخرى ذلك التواصل الديناميكي نحو النهاية المحتومة أو الدفع إليها بدل التاريخ المفتوح نحو دوائر ارتقائية؟ .. كيف نستطيع ان نقول عن تيار بدأ غير انه رد فعل (أو رجوع)، وسبب نشوئه المعتمد على حال رهاب وتنظير ينطوي على عقدة شعوبية قديمة ترشح من التاريخ الإسلامي؟ .. كيف نستطيع ان نمنح اصطلاح: «أدب إسلامي»، وما فيه من الصراخ والتلفيق الايديولوجي؟ .. هل يكفي تناول بنود رابطة العالم الإسلامي (ص: 182)، ومحاولة قراءة النموذج الباكستاني: أبي الحسن الندوي، وتعظيمه شاعر الأوردية محمد قبال (ص: 185- 187) (9). .. بماذا أجدى مصطلح «الأدب الإسلامي» سوى اخراج الأدب العربي، وابقاء الأدب الإيراني والباكستاني أو الأيوبي (الكردي) والمملوكي (الشركسي) والعثماني (السلجوقي) (ص: 213)؟ .. هل ستكثر الأسئلة عن جدوى الرواية الإسلامية والنقد الإسلامي، وعن تقسيم الأدب ونزع الهوية والانتماء جغرافيا البيئة والارث العرقي؟ .. هل سنعيد القول في (دعوى تقادمت) عمالة المناذرة للفرس والغساسنة للروم؟ إذن ماذا عن العصبية الأموية للعروبة؟ وماذا عن الحزب الفارسي في الدولة العباسية وتسليم بني الأحمر الأندلس لايزابيل وفرديناند والعقدة السلجوقية في خيام الحكم العربي والتحالف الرومي الجديد مع العم سام والمستر جون؟ .. كان لدى الباحث فرصة كبرى لو أعاد النظر مفرقاً بين حقول الفن والأدب والعلم في الأفكار والمفاهيم عبر تياراته: الفلسفي، العلماني والحداثي، نحو المسار التاريخي والأساس المعرفي والتراكم الإنتاجي وأعاد النظر في «سعير الايديولوجيا» ذات الدافع والسلب، لا السلب والايجاب، عندما أراد معالجة تيار الاخوان المسلمين وتيار الأدب الإسلامي، والتقسيم غير المبرر في الدافع والعناصر سواء في تيار القومية العربية الرومانسية أو القومية والناصرية. .. ربما لو أعطى نفسه فرصة وهذا لا ينفي وقوع مقترحه عبر نقاط لا علاقة لبعضها ببعض جدلاً أو تواءماً، عندما استمدها بشكل مفتعل وفج، من الآيات القرآنية، بلا منهجية أو موضوعية، على إرسال وفوضى (ص: 220)، وليس ذلك بجديد عندما نكشف أزمة التواصل الثقافي العربي بين بلد وآخر. .. ربما كان يريد ان يبحث عن المصطلح فتعوم بين يديه تعويماً وأراد ان يصنف الايديولوجيا فتوهمت عيناه توهماً وهذه الأوهام هي التي أوقعت الكتاب في مأساة نظرية العزل والاقصاء لتاريخ العرب عن تاريخ أجدادهم، الآراميين: الآكاديين، الآشوريين والبابليين أو الكنعانيين: الفينيقيين، الثموديين والعاديين.. والعلاقات التناوبية بين الأديان السماوية الثلاثة: اليهودية لا القرائيين (طائفة تؤمن بالتوراة فقط) والمسيحية لا النصرانية (اليهودية - المسيحانية)، والإسلام لا ايديولوجياته (الاخوان والسلفية وسواهما)، ان الخرافة استحكمت ولا من سلامة إلاّ بعد المحرقة. .. هي محرقة لتيار المتناوب بين السلب والايجاب، اعلاء لتيار المتواصل الحقيقة بالخرافة.. .. ربما لا يحق لي ان أنهي هذه المراجعة، القارئة والمتسائلة بسوى رفقة فيلسوفي عبدالله القصيمي: «نحن نحيا لأن للحياة معنى. هذا نموذج الخرافة. نحن نحيا لأننا نحيا. هذا نموذج الحقيقة. تفسير الحياة أو الإنسان أو أي شيء بنفسه لا لأي منطق آخر حقيقة. أما الخرافة فإنها تفسير الأشياء بغير نفسها بأي منطق ذاتي أو خاجي..» (10). *أصدره نادي الطائف الأدبي 1- فرعون يكتب سفر الخروج، عبدالله القصيمي، الانتشار العربي - 2001 ط: 2، مقالة: لماذا الوهم أعظم مجداً من الحقيقة؟ ص: 261. 2- استطاع الفكر السلفي في رموزه كالغزالي، عبر كتابه: «تهاف الفلاسفة»، كتاب المستظهر (المشهور بفضائح الباطنية)، وابن تيمية في كتابه: «درء التعارض بين العقل والنقل»، «رد المنطقيين»، فأدى استعادة (أو نقل) مقولات ابن تيمية في الحركات الأصولية وتكرارها (الأبله) في سياق ايديولوجي إلى معادات الفلسفة بدءاً من تحقير معناها ثم موازاتها بالكف، وكان ذلك دعامة في اختفائها من مدارسنا، سواء المرحلة الثانوية أو اختصاص عام وخاص في المرحلة الجامعية، واستبقاء مواد «ردية»، في برنامج قسم «الثقافة الإسلامية»، من كلية التربية في جامعة الملك سعود، إزاء الفكر العربي، في نتاجه المتنوع: الفلسفي والمنطقي والصوفي أو الفقهي الباطني كالاسماعيلي والعلوي. 3- ملف: ماذا حل بالفلسفة في العالم العربي 14، يناير 2004م ٌٌٌّّّ.مٌفِو.كٍُ.4002. 4- موسوعة الحركات الإسلامية، أحمد الموصللي، مركز دراسات الوحدة العربية - 2004م ص: 50. 5- فرعون - القصيمي، المرجع السابق ص: 174. 6- تناول نموذجين من النقد الايديولوجي، الأول للفلسطيني أحمد فرح عقيلان في كتابه: «جناية الشعر الحر»، الذي غاب عنه الفهم واعتمد الفوضى (ص: 114)، والثاني لعوض القرني في كتابه (أو منشوره): «الحداثة في ميزان الإسلام»، الذي استغل فيه سماحة المفتي ابن باز - رحمه الله - ليكتب مقدمة له دون اطلاع عليه، وهو براء من التجني والرجم الذي فيه (ص: 115). 7- فرعون - القصيمي، المرجع السابق، ص: 161. 8- اعتمد، القحطاني، على كتاب: «الإسلام في رسالتيه (المسيحية والمحمدية)، «انطون سعادة، بيروت - 1956م، الذي يعرف أيضاً بعنوان آخر: «جنون الخلود». 9- يذكر أن الصاوي شعلان ترجم قصيدة له، رغبة من أم كلثوم لتغنيها تحت اسم: «حديث الروح - 1967م»، ولم يقصر رياض السنباطي ألبسها لبوس لحنه الصوفي بوقاره وتفخمه. 10- فرعون - القصيمي، المرجع السابق، ص: 174.