في الفصل الأول من الاستراتيجيّة (المواجهات.. التساؤلات.. الاستنتاجات) يتساءل الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين من اين وكيف جاء هذا العدد من الإرهابيين في مواجهة محافظة (الرسّ) على سبيل المثال كأنموذج لأشرس مواجهة تمت مع رجال الأمن والتي استمرّت ثلاثة ايام وأسفرت عن قتل عدد كبير منهم واكتشاف مبالغ مالية كبيرة وكميّة ضخمة من الأسلحة والمتفجرات وهو الأمر الذي يدعو الى قراءة سوسيولوجية والإجابة على عدد من الأسئلة الهامّة مثل من اين اتى هذا المال ومن أين جاءت هذه الأسلحة..؟؟ وأعتقد بأن معظم المهتمين بقضايا الإرهاب يعرفون أن التمويل قد أتى من خلال جمع الأموال في المساجد وبعض الجمعيات الخيرية والدعوية التي تدعي أنها تقوم بانشطة لخدمة المحتاجين من المسلمين وبناء المساجد وخصوصاً في الخارج وهذه خطّة تمويه خبيثة حتى لايكتشف المتبرع اين تذهب أمواله وفيما تصرف أما الأسلحة فقد كانت تأتي كما هو معروف عن طريق التهريب من الدول المجاورة وخصوصاً من الجنوب ثم العراق مؤخراً ولكن كيف يستطيع الإرهابيون التنقل بها بعد دخولها ثم تخزينها وجعلها في جاهزية دائمة للتنفيذ.؟؟ أجزم بأن الأجهزة الأمنية لم تُفاجأ أثناء التحقيق مع المقبوض عليهم باكتشاف دوائر كبيرة من المتعاطفين والمشجعين لهذا الفكر من المواطنين السذّج الذين يعتبرون الخط الثاني الداعم للارهابيين يقول الباحث إن هناك دوائر واسعة ومتداخلة وبدرجات متفاوتة من التواطؤ الفكري والتعاون والتسهيل والتمرير والتمويل والتبرّع وغضّ الطرف والتعاطف النفسي واللوجستي مع الفئة الضالّة وفي أخفّ الأحوال وجود مشاعر من التسامح وعدم الاكتراث وذلك من جانب قسم معتبر من شرائح المجتمع السعودي تجاه الإرهابيين وماينادون به وإن كان بعض هؤلاء الناس قد لايتواطؤون حركياً بحمل السلاح والمواجهة أو لايقدّمون أنفسهم أو ذويهم أو ابناءهم على للانخراط في صفوفهم،هذه الدوائر هي مكمن الخطر الحقيقي لأنها المستقبل الأول والحاضن الناقل لفيروس الإرهاب والرحم الذي يدفع لنا بأفواج من الإرهابيين ولذا يجب على الدولة مواجهتها والانتباه لها ودراستها والتركيز عليها وتوجيه استراتيجية المكافحة لها أكثر من الإرهابيين الفعليين. إن الفهم العلمي لدوائر المتعاطفين مع الفئة الضالة والتعرّف على المناخات الفكريّة التي تغلفها والإطار الاجتماعي الذي تعيش فيه يمثّل (المفتاح) الأساس لأسلوب التعاطي الأمثل مع الظاهرة ومن ثم المعالجة الشاملة لظاهرة الإرهاب الداخلي من جذورها. فهذه الدوائر أخطر بمراحل من القوائم التي تصدرها وزارة الداخلية حيث إن هذه الأسماء معروفة ومقدور عليها أمنيا عاجلاً أم آجلاً وقد أثبتت الأيام قدرة الأجهزة الأمنية على اصطيادهم واحداً بعد الآخر فلم يبق منهم سوى القليل أما الشرائح المتعاطفة فتلك قصّة أخرى. (يتبع) aalkeaid @alriyadh.com