بارانورمال كلمة لاتينية تشير إلى طائفة كبيرة من الغرائب والمواهب الذهنية الخارقة. فهناك مثلاً من يملك القدرة على الشفاء بمجرد المس، وهناك من يدعي الاتصال مع الجن والارواح، وآخر يملك القدرة على التأثير عن بعد، ورابع يدعي التنبؤ ورؤية المستقبل. ومنذ فجر التاريخ وهناك اشخاص تميزوا بهذه المواهب العجيبة وتم تبجيلهم - أو حتى عبادتهم- بسبب ذلك.. وبالطبع يصعب حصر الشخصيات التي امتلكت مثل هذه القدرات؛ ولكن كما أن هناك من يولد بموهبة (فنية او رياضية أو علمية) معينة هناك من يولد بموهبة خارقة أو قدرة مميزة. ومن الطريف ان معظم الدجالين والنصابين ينتمون لهذه الفئة ولكنهم استعملوا مواهبهم في غير محلها أو بالغوا في تضخيمها. وغالباً ما يكون هذا الشخص أول المكتشفين لقدراته الغريبة في سن مبكرة؛ فقد يكتشف بالصدفة مثلاً قدرته على الشفاء، أو الإحساس بقدوم الغائب، أو توقع الكوارث والنتائج السيئة، أو الشعور بمكامن المياه تحت الأرض ..! * وتشير آخر الابحاث الى احتمال وجود أساس عضوي حقيقي لهذه المواهب، فدماغ الانسان ما يزال في معظمه لغزاً يصعب فهمه، فالمهمة الاساسية للغدة الصنوبرية مثلا ما تزال غير معروفة بدقة وهناك شبه فجوات ومناطق ضامرة تحت القشرة الدماغية لا يعرف دورها بالتحديد ناهيك عن أننا نجهل أين تختفي اخلاقيات ملموسة كالشجاعة والكرم وتأنيب الضمير. وبمقابل هذا الجهل تراكمت الخوارق الذهنية الى حد لا يمكن انكاره. وهي - في نظر علماء النفس - ظاهرة طبيعية وعادية رغم ضعفها لدى الانسان .. أما لدى الحيوانات فهي قوية ومشاهده ولا يمكن التشكيك بوجودها، فالحيوانات مثلا تملك موهبة التنبؤ بالزلازل قبل وقوعها بزمن يسير وتشعر الطيور بمجال الأرض المغناطيسي فتعرف اتجاهها وطرق هجرتها كما تشعر الفئران عن بعد بما يحدث لأبنائها . وتستطيع الفيلة في صحراء ناميبيا «شم» المياه تحت الأرض. وهذه المواهب بالتحديد موجودة لدى (بعض) الناس؛ فهناك من يشعر باضطراب و «ضيقة صدر» قبل حلول الكارثة. ويدرك رجال البادية الاتجاهات بطريقة مبهمة وتشعر كثير من الأمهات بمعاناة أبنائهن من أماكن بعيدة. ويستطيع «النصاتون» تحديد مخازن المياه تحت الأرض .. الفرق الوحيد أن هذه المواهب تكاد تكون دائمة ومتأصلة لدى الحيوانات بينما هي ضامرة ومختفية لدى معظم البشر. وهذا ما ولد الاعتقاد بأن القدرات الخارقة «كانت» موجودة في الانسان قبل ضمورها بسبب رقيه المادي وقلة الاستعمال. * وما يؤيد الرأي الأخير الاكتشافات المتوالية لأعضاء بشرية ضامرة يوجد لها شبيه في الحيوان. فعلى سبيل المثال في أكتوبر الماضي أعلن في جامعة هارفادر عن اكتشاف آثار عضو ضامر في الأنف البشري «كان» يلعب دوراً كبيراً في التقاط الاشارات الكيميائية. وهو عضو ضخم وفعال في أنوف الفئران والكلاب يتيح لها الشعور بالآخرين والتواصل معهم. ومهمة هذا العضو تختلف عن حاسة الشم حيث يعمل على تمييز الإشارات الكيميائية وربطها بمصدرها. وتقول الدكتورة كاثرين دولاك (من كلية الطب وصاحبة الاكتشاف) ان وجود هذا العضو يعني ان البشر في العصور القديمة كانوا اكثر قدرة على التواصل والاحساس ببعضهم من خلال الاشارات الكيميائية الدقيقة .. وهي الموهبة الموجودة لدى معظم الحيوانات حيث يتواصلون بها وتتعرف من خلالها الماشية على أبنائها (.. حيث .. يملك الجميع وجوهاً متشابهة)!!