الإحصاء: نمو الإيرادات التشغيلية للأنشطة الصناعية خلال 2024 بنسبة 1.3%    إعلان حالة الطوارئ في اليمن لمدة 90 يوما قابلة للتمديد    وزارة الخارجية: المملكة تعرب عن أسفها لما قامت به الإمارات من ضغط على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لدفع قواته للقيام بعمليات عسكرية على حدود المملكة الجنوبية في محافظتي حضرموت والمهرة    مهاجم الهلال يتربع على قائمة أمنيات جماهير فلامينغو    خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد يعزيان أسرة الخريصي    سمو الأميرة تهاني بنت عبدالعزيز بن عبدالمحسن آل سعود ترعى اختتام برنامج التدريب على جهاز برايل وتدشّن كتابها بالمدينة المنورة    مبادرة رافد الحرمين تستأنف عامها الثَّالث بتدريب المراقبين الميدانيين    تراجع أسعار النفط    الصين تجري مناورات عسكرية لليوم الثاني على التوالي حول تايوان    مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة بشأن الاعتراف الإسرائيلي بإقليم "أرض الصومال"    قيادة القوات المشتركة للتحالف (تحالف دعم الشرعية في اليمن): تنفيذ ضربة جوية (محدودة) استهدفت دعم عسكري خارجي بميناء (المكلا ).    "مسك" تحتفي بتخريج "قيادات واعدة"    رونالدو يُشعل الصحف العالمية بثنائية الأخدود    تتويج أبطال المملكة للمبارزة    قائد الأمن البيئي يتفقد محمية الملك سلمان    300 ألف متطوع في البلديات    فيصل بن بندر يزف 106 من أبناء «إنسان» للحياة الزوجية    غزال ما ينصادي    معرض «بصمة إبداع» يجمع مدارس الفن    وزير التعليم يزور جامعة حائل    غياب ضعف وتراجع!    جيل الطيبين    حين يغيب الانتماء.. يسقط كل شيء    "الرياض الصحي" يدشّن "ملتقى القيادة والابتكار"    سماعات الأذن.. التلف التدريجي    بعد مواجهات دامية في اللاذقية وطرطوس.. هدوء حذر يسود الساحل السوري    نتنياهو يسعى لخطة بديلة في غزة.. حماس تثق في قدرة ترمب على إرساء السلام    «عريس البراجيل» خلف القضبان    أمانة جدة تتلف 4 أطنان من اللحوم الفاسدة    حكاية وراء كل باب    نقص حاد في المساعدات والمأوى.. والأونروا: الشتاء القاسي يفاقم الكارثة الإنسانية في غزة    المزارع البعلية.. تراث زراعي    افتتاح أول متنزه عالمي بالشرق الأوسط في القدية    أكد أهمية الكليات والهاكاثونات في تحفيز الإبداع.. السواحه: تمكين رواد الأعمال من التوسع في مجالات التقنية    رامز جلال يبدأ تصوير برنامجه لرمضان 2026    التقدم الزمني الداخلي    في روشن.. الحزم يعبر الرياض.. الفتح يواصل صحوته والتعاون يصعق النجمة    في كأس أمم أفريقيا بالمغرب.. تونس تسعى لعبور تنزانيا.. ونيجيريا تلاقي أوغندا    رجل الأمن ريان عسيري يروي كواليس الموقف الإنساني في المسجد الحرام    «الهيئة»أصدرت معايير المستفيد الحقيقي.. تعزيز الحوكمة والشفافية لحماية الأوقاف    أندية روشن وأوروبا يتنافسون على نجم دفاع ريال مدريد    ولادة مها عربي جديد بمتنزه القصيم الوطني    التحدث أثناء القيادة يضعف دقة العين    محمد إمام يحسم جدل الأجور    اليوان الرقمي يحفز أسواق العملات الرقمية    %69 من مساكن المملكة بلا طفايات للحريق و87% بلا أجهزة إنذار    نجل مسؤول يقتل والده وينتحر    معارك البيض والدقيق    الدردشة مع ال AI تعمق الأوهام والهذيان    انخفاض حرارة الجسم ومخاطره القلبية    القطرات توقف تنظيم الأنف    التعاون لوصافة دوري روشن بالفوز على النجمة    الهلال والنصر يسيطران على الريشة    «ريان».. عين الرعاية وساعد الأمن    رئاسة أمن الدولة تستضيف التمرين التعبوي السادس لقطاعات قوى الأمن الداخلي "وطن 95"    دعوى فسخ نكاح بسبب انشغال الزوج المفرط بلعبة البلوت    دغدغة المشاعر بين النخوة والإنسانية والتمرد    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضيوف الملك..
بالفصيح
نشر في الرياض يوم 14 - 01 - 2005

غضب الدكتور عبدالله المعطاني عندما قلت في مقالة سابقة إنه تخلى عن الغذامي وعني ليلة الهجوم علينا بساحل برايتن. وقال: أنت رجل قصاص تخلط الجد بالهزل والصدق بالكذب.. فقلت: وما الأدب ان لم يكن هذا صدقاً ممزوجاً بكذب.. وحقيقة ممزوجة بخيال. واشتد بنا النقاش، حول هذه النقطة، ونحن على متن الطائرة، متوجهين إلى مؤتمر الفكر العربي في المغرب، وكنا قاصدين الدار البيضاء. وطالت بنا الرحلة، وتفرع بنا النقاش، والحوار، وهبطت الطائرة، وحينما اقتربنا من الجوازات لوح المعطاني لأحد المسؤولين وقال: نحن قادمون لمؤتمر يترأسه الأمير خالد الفيصل، ويرعاه الملك محمد السادس..! فرحبوا بنا، وأخذوا جوازاتنا، وأنهوا إجراءاتنا بشكل سريع، وحينما خرجنا من بوابة المطار، قال لي: هل تعرف ان هذا هو المطار الجديد...؟! واستغربت السؤال!! ثم انشغل يبحث عن السائق، الذي قدم لاستقبالنا، وراح يتلفت يميناً وشمالاً فلم يره.. ففتح حقيبته اليدوية وأخذ يبحث عن رقم هاتفه الجوال، ثم اتصل به وهو يقول: أين أنت يا أخي..؟ لماذا تأخرت علي..؟ فرد: أنا لم أتأخر، أنا واقف أمام البوابة، فأين أنتم..؟
أخذ المعطاني يلوح بيديه ولكنه لم ير السائق، وصار يتحدث معه ويقول: أين أنت..؟ انظر إلينا، إننا شخصان، وطلب مني أن أرفع يدي وألوح بها مثله، ففعلت..! ولكننا لم نر أحداً ولم يرنا أحد..!! في هذه الأثناء مر بنا رجل يبدو أنه صاحب تاكسي، فقال: هل تريدون الدار البيضاء..؟ فنهره المعطاني قائلاً: ابتعد.. ابتعد.. نحن في الدار البيضاء فكيف تقول هل تريدون الدار البيضاء..؟ فخاف الرجل، وهرب من أمامه، غير أن سائق عربة الحقائب، انحنى وقال بصوت خفيض: يا سيدي أنتم في مراكش، ولستم في الدار البيضاء..! فصاح المعطاني: نعم.. نعم.. ماذا تقول.. قال: نعم أنتم في مراكش..! نظر إليّ.. ونظرت إليه، قلت هل تسمع ما أسمع..؟ ثم رجعنا إلى المسؤول فقال: نعم بكل أسف الطائرة هبطت بكم في مراكش، بسبب الأحوال الجوية.. وأنتم مخيرون فإما المنام على حساب الخطوط، أو السفر إلى الدار البيضاء في الحافلة - الغريب أنهم لم يشيروا إلى ذلك ونحن على متن الطائرة أو في أرض المطار -.
وكان صديقنا الدكتور عثمان الرواف يتصل بنا من الدار البيضاء ويسأل عنا فقلنا له: ان الطائرة أخذتنا إلى مراكش فقال: «أنتم يا شيخ تكذبون».. فقال أحدنا قصيدة مطلعها:
حاشاك شيخ العلم يا عثمان
قد صرت شيخاً والزمان زمان
فهددنا بأنه سيهجونا بترنيمة شعرية.. فقلنا رنّم عافاك الله..!
ثم قلت للمعطاني: اتصل بصاحبك في مطار الدار البيضاء ودعه يذهب إلى بيته.. أما نحن فمن الأفضل أن نأخذ سيارة خاصة. وفعلاً استأجرنا سيارة بعد قصة طويلة لا يستوعبها المقام.. ولم يكن في جيوبنا نقود مغربية. ومررنا على بوابتين من بوابات الطرق بعد مراكش مباشرة حيث تدفع ضريبة الطريق. فدفع السائق ثم عبأ السيارة بالوقود، ولم يعد في جيبه شيء، وحينما أقبلنا على الدار البيضاء ووقفنا عند عبور البوابة لدفع الضريبة وحيث انه لا نقود مغربية معنا، تحدث المعطاني الى محاسب البوابة بلباقة، ولطف قائلاً: ليس لدينا نقود مغربية.. معنا عملة سعودية، ودولار، ونحن ضيوف مؤتمر الفكر العربي، الذي يقام تحت رعاية الملك.. نحن ضيوف الملك. فرحب بنا أجمل ترحيب، وفتح لنا الطريق.. وقبل أن تتحرك السيارة قال: اسمع يا أخ نحن ليس معنا نقود كما تعلم، ونحن مقبلون على البوابة الأخرى، فهل لديك عشرون درهماً ندفعها..؟!! فاعتذر الرجل بأدب.. وضحكت وقلت: ما هذه القرصنة يا أخا هذيل..؟ ففهمها على غير ما أردت، أو أنني اردتها فلم أبدها صراحة، وأخذ يهاجم مسيلمة، ووادي مسيلمة، ولم نصل إلا الساعة السادسة صباحاً، وكانت ليلة أمضيناها في الطريق بالأحاديث، والمسامرة، ونمنا ولم نفق إلا قرابة الساعة الثانية عشرة.
وكان لدينا اجتماع بفاس فرأى المعطاني ان أفضل الوسائل للسفر إلى فاس وحضور الموعد دونما تأخير هو القطار.. وقال إن المسافة ساعة ونصف، ومن ثم فإن لدينا متسعاً من الوقت.. وفعلاً ركبنا القطار، وبعد أن جلسنا في المقصورة، اكتشفنا أن الرحلة تستغرق قرابة الأربع ساعات، وفقا لما هو مكتوب في التذكرة. فأسقط في أيدينا. قال المعطاني: ماذا ترى..؟ قلت: لو ذهبت الى سائق القطار، وقلت له: نحن ضيوف الملك.. فإنه ربما زاد السرعة ولن يتوقف في أية محطة حتى نصل. فنظر إلي في غضب وعبوس، وسكت..! وحينما وقف القطار في أول محطة صادفتنا، أخذ حقيبته ونزل، فتبعته ثم أخذنا القطار العائد وفاتنا الموعد..
في اليوم الذي يليه عدنا الى مراكش عن طريق القطار، وركب معنا بالصدفة بعض المثقفين المغاربة، ودخلنا في حوارات ثقافية، وأدبية، وسياسية، حيث أحاطهم المعطاني علماً بأننا جئنا لمؤتمر الفكر الذي يترأسه الأمير خالد الفيصل، ويرعاه الملك، فنحن إذاً ضيوف الملك.. واحتدم الجدل حول: ثقافة التغيير وتغيير الثقافة، «عنوان المؤتمر»، حيث يرى البعض منهم أنه لا فرق مادام أن المسألة مسألة تغيير، وتبديل..
وامتد بنا الحوار حتى توقف القطار..!!
استقبلنا الدكتور عثمان في المحطة وسلمنا فوراً ترنيمة هجائية مطلعها «إحنا أعطيناك».
«حينما قابلنا في المؤتمر سمو الأمير تركي الفيصل سفيرنا، ورئيسنا في البعثة بلندن، رحب بنا وقال: أنتم ضيوفي، وستعودون معي في الطائرة..
نظرت إلى المعطاني وخشيت أن يقول نحن ضيوف الملك..! ولكنه سكت.
شكرنا الأمير واعتذرنا له عن السفر معه، وقلت إننا سنعود الى فاس في مهمة.
ولم أذكر للأمير قصة القطار.. والعودة من أول محطة، حيث أضاعنا الدكتور المعطاني.. أو ضيف الملك كما يطلق على نفسه.!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.