عاش الآثاريون والمؤرخون ليلة الاثنين الموافق 24/11/1426ه بنشوة وافتخار، فخلالها التقوا صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض رئيس مجلس ادارة دارة الملك عبدالعزيز ليحضروا تكريمه عدداً من المؤرخين والآثاريين الذين فازوا بجائزة سموه للرواد ومنحته للباحثين المتميزين في مختلف المجالات التاريخية والدرجات العلمية. بدأت تلك الليلة بآيات من الذكر الحكيم، تلتها كلمة سعادة الدكتور فهد بن عبدالله السماري أمين عام دارة الملك عبدالعزيز بين فيها مسيرة الدارة والدعم الذي تحظى به من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز. ثم القى صاحب الجائزة الأمير سلمان كلمته مبيناً تاريخ الدارة واهتمامه بها ومتابعته لأنشطتها وحبه لعلم التاريخ. وبعد ثناء الرواد الاربعة المكرمين على التطور الكبير الذي قطعته دارة الملك عبدالعزيز خلال مسارها منذ ان تولى رئاسة مجلس ادارتها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وتولى سعادة الدكتور فهد بن عبدالله السماري امانتها العامة. ولاشك ان نشاط الدارة واضح للجميع فهي تتحرك في مجالات التاريخ المختلفة وفي انحاء المملكة العربية السعودية الى ان عرفت بنفسها وشرحت حالها، فهي التي تسعى الى الباحثين، وهي التي ترحب بالباحثين، وهي التي تقدر اعمال الباحثين. تنوعت أنشطة الدارة لتشمل مختلف الميادين التاريخية بقطبيها، السابقة على ظهور الاسلام والاسلامية بما فيه في الحديث والمعاصر. واولت آثار الجزيرة العربية اهتماماً يشار اليه بالبنان اذ لم يقتصر على دعم نشر الكتب والابحاث بل تجاوز هذه المرحلة الى مرحلة دعم الابحاث الميدانية والمساهمة في توفير المادة العينية. ومن آخر أنشطة الدارة التطورية تأسيسها لجائزة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ومنحته البحثية في مجال التاريخ بمختلف ميادينه. وكما قال الدكتور عبدالله بن يوسف الشبل في كلمته اثناء الحفل لقد رفعت الجائزة قدر المؤرخين وشدت من ازرهم. الباحث الاول الذي نال جائزة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز للرواد هو الاستاذ الدكتور عبدالله بن يوسف الشبل مدير جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية سابقاً والمؤرخ المعروف. ويربطني بالدكتور الشبل بحث قرأته له قبل اكثر من عشرين عاماً بعنوان «الاخيضريون في اليمامة». واظن ان هذا البحث على قصره واحد من الابحاث التي ساهمت في جعل اسم الدكتور الشبل معروفاً بين المؤرخين نظراً لوضوحه وتقديمه لمادة مجموعة في وعاء واحد لم يسبقه في طريقته على تقديمها أحد. وقد أكون مصيباً في تشبيهي لبحثه المذكور بين بحوثه الاخرى بجوهرة الالماس في عقد لؤلؤ. الباحث الثاني الذي نال الجائزة هو الاستاذ الدكتور عبدالرحمن الطيب الانصاري الذي تربطني به علاقة التلميذ بأستاذه. ولكن ما يربطني بالدكتور الانصاري ويذكرني به دائماً هو تأنيه واسلوبه في الادارة الذي دوماً أتذكره واعجب به. ارتبط اسم الدكتور الانصاري بالآثار فهو أول من تأهل من السعوديين في هذا المجال، كما ارتبط ايضاً بموقع قرية «الفاو» التي قضى فيها ما يقرب من ربع قرن منقباً ومستكشفاً. وللدكتور الانصاري العديد من الابحاث من بينها ما ارتبط بما كتب عن تاريخ مملكة كندة في ضوء نقوش قرية الفاو اكثر من غيره. ويشكر للدكتور الانصاري احترامه لتخصصه وحبه له واخلاصه في خدمته، فبدأ بشعبة في قسم التاريخ، ثم قسم في كلية الآداب يمنح درجة البكالوريوس، ثم طور القسم ليمنح درجة الماجستير، ثم طوره ليمنح درجة الدكتوراه. وهذا يعني ان خط تطور القسم الاكاديمي قد اكتمل خلال وجود الدكتور الانصاري على رأس العمل. وعليه تأتي ريادة الاستاذ الدكتور الانصاري في مجالي الادارة والبحث العلمي. الباحث الثالث الذي نال الجائزة هو الاستاذ الدكتور عبدالله بن صالح العثيمين أستاذ التاريخ الحديث وأمين عام جائزة الملك فيصل العالمية وعضو مجلس الشورى. ويربطني بالدكتور العثيمين العديد من الابحاث التي أقرأها من وقت لآخر وبخاصة تلك الابحاث التي تتضمن نقداً لأعمال اخرى منشورة لسبب ما يتميز به اسلوبه النقدي من وضوح واحترام لوجهة نظر غيره. إلا ان الرابط الذي دوماً أتذكره هو كتابه المعنون ب «نشأة امارة آل رشيد» نظراً لاشتماله على معلومات ميدانية لا تتوافر في غيره من الكتب ولوضوح التبويب والطرح الذي انتهجه المؤلف. الباحث الرابع الذي نال الجائزة هو الاستاذ الدكتور ابو داهش الباحث في التاريخ الحديث، ولم يسبق لي ان قرأت شيئاً من انتاجه الغزير، ومعرفتي به جاءت عن طريق مشاركاته الصحفية وما يرويه الباحثون عن انتاجه العلمي. نهنئ دارة الملك عبدالعزيز على هذا الانجاز كما نهنئ الفائزين بجائزة الرواد، والفائزين بالمنحة والتهنئة موصولة لكل الآثاريين والمؤرخين. وندعو الله العلي القدير أن يمد في عمر صاحب الجائزة ويسبغ عليه نعمته.