لا يزال معظم الناجين من كارثة الأمواج العاتية التي ضربت المحيط الهندي قبل سنة بدون مأوى ثابت لهم بالرغم من أن الكثيرين منهم اصبح لديه دخل يعيش منه مرة أخرى. ويمكن لاكبر عملية إغاثة إنسانية تم تنظيمها لمساعدة ضحايا تلك الكارثة الطبيعية المرعبة أن تحقق العديد من النجاحات الكبيرة لضحايا ذلك الزلزال. فقد عادت تقريبا سبل كسب العيش في كل أرجاء المنطقة إلى طبيعتها من زوارق صيد الأسماك في سواحل المحيط الهندي إلى نشاط عمال الإنشاءات في باندا اتشيه وفي ولاية تاميل نادو الهندية فضلا عن عودة السياح إلى منتجعات تايلاند، وتقدر منظمة اوكسفام للإغاثة بان ما يصل إلى 60 في المائة من الذين فقدوا وظائفهم العام الماضي اصبحوا قادرين الآن على كسب معيشتهم ثانية. غير أن اكثر من مليون نسمة من ضحايا تسونامي الذين فقدوا منازلهم في تلك الكارثة لا يزالون حتى الآن بلا مأوى وكثيرا ما اصطدمت الحاجة الماسة والسريعة لتشييد منازل جديدة لهؤلاء الضحايا بالخلافات حول مكان وكيفية إقامة هذه المنازل وأدى ذلك إلى تجميد هذه المشاريع الإنشائية في الوقت الذي تقوم فيه الحكومات بإعداد خطط الإنشاء. وفي خضم هذه الأوضاع لجأت بعض منظمات الإغاثة إلى تشييد اسكان مؤقت لنقل ضحايا تسونامي من الخيام بينما تحولت منظمات أخرى إلى تشييد منازل كيفما اتفق، وتقول مجموعات الإغاثة انه يتعين استيعاب دروس من هذه التجربة المريرة لتجنب تكرارها مستقبلا. وقال المتحدث باسم اوكسفام دوغلاس كيتنغ بأنه يتعين عليك أن تكون اكثر واقعية عن الحاجة إلى المأوى المؤقت وذلك بسبب صعوبة تشييد منازل ثابتة وانه ينبغي أن يكون ذلك ضمن خطة الإنشاءات حتى إذا كان المتضررون مقاومين لهذا النوع من المنازل. ويعود الاختلاف بين المنازل المؤقتة والثابتة إلى نوع المواد المستعملة فيه أو الأماكن المختارة لاقامتها عليه أو الاثنين معا إذ لا تعدو أن تكون بعض مواد المأوى المؤقتة اكثر من أكواخ صفيح بينما يستخدم آخرون فيها مواد أخرى مثل الطوب والأسمنت والخشب والتي يمكن أن تستمر عقودا طويلة وفي مثل هذه الحالات فقد سمح التصميم المؤقت لمجموعات الإغاثة بالبناء قريبا من الساحل لتجنب انتظار الحكومات لتحديد مناطق البناء غير أن الاستمرار في تشييد المنازل المؤقتة لن يجد حلا لكل شيء فان المناطق المتضررة من زلزال المحيط الهندي تعادل في مساحتها مجتمعة مدينة فيلادلفيا الأمريكية ولذلك فان مجموعات الإغاثة تشير إلى التحديات اللوجستية الضخمة والمتمثلة في الطرق المدمرة والأراضي المتنازع حولها وفساد زعامات محلية وكلها تبطئ من جهود إعادة الاعمار في المناطق المتضررة. وقال ايريك موريس رئيس مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الإغاثة في باندا اتشيه بأنه توجد رغبة واضحة في العمل بسرعة لإسكان اكبر عدد ممكن من الناس في منازل ثابتة غير انه لايمكن أيضا تنفيذ هذا خلال وقت قصير. وبنظرهة سريعة على حالة تشييد المأوى وعلى احتياجات المتضررين في مختلف المناطق المتأثرة بزلزال المحيط الهندي فان نصف مليون شخص في اتشيه تقريبا يحتاجون إلى مأوى وان 67 ألفاً منهم لا يزالون يعيشون في خيام و70 ألفاً في مأوى مؤقت وان معظم الباقي منهم يعيشون مع أقربائهم. وفي سري لانكا فانه تم الإيفاء بهدف تشييد 55 ألف مأوى مؤقت طبقا لمفوض الأممالمتحدة السامي للاجئين إلا انه قد تم إنجاز 2 في المائة فقط من 59 ألف منزل ثابت من المخطط تشييدها أما في تايلاند حيث دمر الزلزال 3000 منزل بالكامل فان نحو 2900 شخص يعيشون في منازل مؤقتة بالمقارنة مع 7000 في يونيو الماضي. وفي تاميل نادو بالهند حيث دمر الزلزال نحو 150 ألف منزل فان اكثر من 5000 منزل ثابت قد تم تشييده ولا يزال معظم المتضررين يعيشون في خيام. ولاتزال أعمال تشييد المأوى الثابت بطيئة ومحصورة في مناطق صغيرة بسبب الخلافات السياسية والقانونية حول موقع الأراضي. أضف إلى هذه التحديات افتقار إندونيسيا لوكالة تنسيق لكارثة تسونامي حتى أبريل الماضي مما ترك مجموعات الإغاثة تحدد المشاريع الخاصة بها وحتى تلك المشاريع واجهت حظر التشييد على طول الساحل بسبب إجراءات السلامة وكذلك حاولت سلطات ولاية تاميل نادو الهندية عدم التشجيع على إعادة البناء على الساحل تحسبا من حدوث تسونامي آخر مستقبلا. ولم تتأخر سري لانكا أيضا في اقتراح إعادة توطين قرى صيد الأسماك في مناطق داخلية الأمر الذي لا يساعد سكان هذه القرى على اكتساب سبل معيشتهم. وتقول الحكومة في كولومبو إنها تقوم بدراسة إيجاد منطقة عازلة مجادلة بان السياحة ستجلب فوائد اكبر للسكان القاطنين على المناطق الساحلية وذلك بالرغم من قول المسؤولين فيها بأنهم لا يفكرون في تهجير السكان إلى مناطق أخرى وانما يعملون على تطوير حياتهم من خلال السياحة. ولايزال يتعين إنفاق معظم التبرعات لضحايا التسونامي التي تقدر بثلاثة عشر مليار دولار في مشاريع أخرى خاصة مشاريع البنيات التحتية مثل إنشاء الموانئ والطرق واستعادة سبل كسب المعيشة والتي تعتبر أيضا تحديا كبيرا في المناطق المتأثرة بزلزال المحيط الهندي. ٭ (كريستيان ساينس مونيتور)