لماذا تأخر احتفال المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة بالذكرى الأربعين لرحيل عملاق الفكر العربي عباس محمود العقاد (1889 - 1964) عاماً ونصف العام؟! سؤال لا يجد أحد له إجابة في الوسط الثقافي المصري، خصوصاً أن المجلس الأعلى للثقافة قد أقام العديد من الاحتفاليات الضخمة لشخصيات مصرية وعالمية خلال الشهور الماضية (بعض هؤلاء الشخصيات ليس في قامة العقاد الذي كان أيضاً رئيساً للجنة الشعر في المجلس الأعلى للثقافة!). واستقر المجلس أخيراً على أن يجري الاحتفال ب «الذكرى الأربعين» للعقاد (الذي رحل في مارس من عام 1964!) في الفترة من 26 إلى 28 ديسمبر بقاعة المؤتمرات بمقر المجلس بالقاهرة. تتضمن الاحتفالية إعادة قراءة العقاد مفكراً وناقداً وشاعراً وسياسياً ومؤرخاً وكاتباً إسلامياً من خلال مجموعة من الندوات والجلسات، والأمسيات الشعرية التي يلقي فيها الشعراء قصائد العقاد، وتدور محاور الاحتفالية حول: العقاد وتجديد الفكر العربي، العباقرة في كتابات العقاد ، الوعي بلغة النص عند العقاد ، العقاد والمنهج ، العقاد والتجديد في النقد العربي، كتابة السيرة عند العقاد. يشارك في الاحتفالية العديد من النقّاد والأكاديميين، منهم: الدكتور جابر عصفور الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، والدكتور محمد عبد المطلب، والدكتور صلاح فضل، والدكتور ماهر شفيق فريد، والدكتور أحمد درويش، والدكتور يونان لبيب رزق، وآخرون. كما يشارك في الأمسيات الشعرية بإلقاء قصائد العقاد الشعراء : أحمد عبد المعطي حجازي ومحمد إبراهيم أبو سنة وحلمي سالم وغيرهم. ويشار إلى أن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة كانت قد سبقت المجلس الأعلى للثقافة بالالتفات إلى الذكرى الأربعين لرحيل العقاد، حيث أقامت في مارس 2004 بالتعاون مع محافظة أسوان (مسقط رأس العقاد) أسبوعاً ثقافياً احتفالاً بهذه المناسبة، وَأُجْرِي اتفاق آنذاك بين وزارة الثقافة المصرية والفنان التشكيلي عبد الرحمن صعب من أجل صُنع تمثال ضخم من البرونز للعقاد بتكلفة 250 ألف جنيه يستقر في مدخل مقبرته. والعقاد أحد أشهر صناع النهضة الأدبية الحديثة في القرن العشرين، وواحد من أصحاب الثقافة الموسوعية والملكات المتعددة، برع في الشعر والنقد والتأريخ واللغويات والكتابة السياسية والصحفية، ويعد نموذجاً للعصامية في تثقيف ذاته بذاته بعيداً عن الدرجات العلمية الرسمية، وقد عمل في صحف الدستور والمؤيد والبلاغ وروز اليوسف والهلال، وأخبار اليوم ومجلة الأزهر، وغيرها. ولم يعرف العقاد يوماً الإذعان أو المهادنة، ولذلك تعرض للسجن أكثر من مرة، إلى أن قرر الانسحاب من الحياة السياسية والتفرغ للأدب. ترك العقاد عشرات المؤلفات في مجالات متنوعة، منها: مراجعات في الأدب والفنون، ساعات بين الكتب، عقائد المفكرين في القرن العشرين، الديوان في النقد والأدب (بالاشتراك مع المازني، وهذا الكتاب هو البيان التأسيسي لمدرسة الديوان الشعرية)، ابن الرومي حياته من شعره، رجعة أبي العلاء، هتلر في الميزان، النازية والأديان، فضلاً عن سلسلة العبقريات ذائعة الصيت (عبقرية محمد، عبقرية الصديق، عبقرية عمر، عبقرية علي، عبقرية خالد، وغيرها). وترك العقاد كذلك عشرة دواوين شعرية، منها: يقظة الصباح، وهج الظهيرة، أشباح الأصيل، بعد الأعاصير، وحي الأربعين، هدية الكروان، وغيرها. حصل العقاد على جائزة الدولة التقديرية في الآداب في عام 1959، وترجمت العديد من كتاباته إلى لغات أجنبية.