مع شعور السوريين بالارتياح لعدم فرض مجلس الأمن عقوبات على بلادهم بعد صدور تقرير ميليس الثاني، عادت المحلات التجارية السورية لتشهد ارتفاعاً في مبيعاتها لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة. ويبدو أن المستهلك السوري استعاد الثقة بعد التوتر الذي ساد إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وصدور التقرير الأول للجنة التحقيق الدولية وتراجع سعر صرف الليرة السورية وارتفاع الأسعار وانخفاض نسبة الاستهلاك. وفي باب توما، أحد أبواب دمشق الثمانية، يتأمل المارة باهتمام واجهات المحلات التي تقدم منتجات مستوردة متنوعة تعكس الانفتاح التدريجي للاقتصاد السوري. ويقول تاجر في الحي يدعى جمال رمضان إن «الاستهلاك ازداد بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة على الرغم من أن السوق لم تشهد بعد الحركة المعتادة في هذا الموسم». وأضاف «لقد ساهم ارتفاع الأسعار والقلق بشأن التوتر في المنطقة والأزمة اللبنانية السورية في إبطاء الحركة التجارية». أما نيكولا خليل صاحب محل ثياب جديدة فيعتبر أن «انخفاض المبيعات لا يعود إلى تراجع الاستهلاك بل إلى فتح السوق السورية (أمام السلع الأجنبية) وزيادة الاستيراد». وتعتبر سلمى أن «ارتفاع الأسعار هو واقع على السوريين الاعتياد عليه مهما اختلفت الظروف». وكما لو اراد السوريون تخطي الشعور بالتشاؤم الذي نتج عن الحرب على العراق والضغوط الدولية، بدأوا بالاستعداد بحماس بالغ لعيد الميلاد الذي يسبق هذا العام عيد الأضحى ببضعة أيام. وتاتي هذه الأعياد في الوقت المناسب بالنسبة للحكومة التي تقوم منذ ثلاثة أشهر بحملة لتعزيز الوحدة الوطنية في وجه الضغوط الدولية. وكان رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس خلص في تقريريه إلى «أدلة متقاطعة» حول تورط أجهزة الاستخبارات السورية واللبنانية في اغتيال الحريري. وتبث محطات التلفزيون والإذاعات طوال النهار أغاني لفيروز بالإضافة إلى موسيقى غربية وتراتيل دينية لمناسبة عيد الميلاد. وزينت العديد من المنازل شرفاتها بأضواء كتبت بها «كل عام وأنتم بخير»، ووضعت في البيوت أشجار الميلاد والشموع المتلالئة والهدايا الملونة. وتزينت شوارع دمشق بألوان العيد الحمراء التي تتقاطع مع ألوان العلم السوري المتواجد في كل مكان والذي كتب عليه شعار «يا سوريا حماك الله!». وفي ساحة فارس خوري ارتفعت شجرة ميلاد يبلغ ارتفاعها ثلاثين متراً! وتجمع آلاف السوريين من جميع الديانات في هذه الساحة للاحتفال بالشجرة فيما كان أشخاص يرتدون زي بابا نويل يوزعون الهدايا على الأطفال على وقع قرع الأجراس!