الناس معادن.. وأنا كغيري أرى كل يوم معادن وشخصيات متنوعة، فهناك الشخصيات المحبوبة والمكروهة، والمرحة والمكتئبة، والمنغلقة والمنبسطة، والثقيلة والخفيفة، والحذرة والمنفتحة، والمتسلقة والصادقة، والمتشددة والمنفرطة، والمثبطة والمشجعة، وأسوأهن بدون شك الناكرة للجميل. ومن الواضح طبعاً أن الشخصية المحبوبة (الأولى على اليمين) مطلوبة بشدة وجميعنا يرغب في أن تتلبسه طبعاً أو تطبعاً!! ورغم تسليمي بأن الشخصية المحبوبة (هبة) يمتلكها البعض بدون جهد يذكر، إلا أنني أيضاً أرى أن هناك بعض الأسرار التي متى ما طبقتها (وتدربت) عليها ستتلبسك هذه الشخصية بدون عناد يذكر، فإن أردت أن تكون محبوباً بين الناس فعليك- على الأقل- بالتالي: (ابتسم): فالشخص المحبوب له ابتسامة مميزة لا يمكن تصور ملامحه بدونها.. فالابتسامة تثير في الناس الراحة والطمأنينة وتقول لهم أنا سعيد ويمكنكم التواصل معي.. وفي المقابل يثير العبوس الريبة والحذر في نفوس الآخرين ويختصر تعاملهم معك إلى أدنى الحدود، كما أن التكشيرة الدائمة تسبب للمحيطين مشاعر التوتر والحذر وتجعل كل إنسان يعتقد أنها موجهة إليه فيعامله بالمثل- وتذكر دائماً قول المصطفى صلى الله عليه وسلم وتبسمك في وجه أخيك صدقة. (سلم، وتحدث قليلاً): إياك ثم إياك أن تمر بدون إلقاء التحية.. تصور زميلاً يمر بقربك كل يوم ولا يلقي عليك التحية، مهما كنت متسامحاً فلن تملك بعد حين غير معاملته بالمثل.. وبالتدريج يصبح شخصاً كهذا منبوذاً من الجميع- لأن الجميع وبالتدريج سيعاملونه بالمثل.. وتذكر هنا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم:.. أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم. (لاتشتك): بصراحة جميعنا لديه مشاكله الخاصة وجميعنا تحيط به عقبات وأمور لا يرضى عنها.. وبالتالي أصبح الناس- خصوصاً في هذا الزمن الضيق- لا يريدون زيادة همومهم بتذمرات وشكاوى يلقيها الآخرون.. ومن يتذمر بشكل دائم يصبح مكروهاً نتهرب من جلسته ونتحاشى دعوته وإذا انفلت نتمنى أن يرن الهاتف أو يدخل علينا شخص ثالث يقطع حديثه.. انه مثال للنفسيات المنهارة التي لا ترى فيك غير متنفس لهموم لا يستطيعون مواجهتها؟! (استمع فقط): وحين تغلق فمك عن التذمر تتحول تلقائياً إلى مستمع جيد.. والمستمع الجيد شخص محبوب، لا يقاطعك، ولا يجادلك، ولا يسفه آراءك- الأمر الذي يجبرك على محبته والارتياح إليه والرغبة في التواجد معه بشكل دائم.. ورغم شخصيته الهادئة إلا انه أذكى منك بالتأكيد لأنه يدرك بالفطرة أن الله خلق للإنسان أذنين وفماً واحداً كي يستمع أكثر مما يتكلم!!. (جاملهم بعدل): الإطراء نقطة ضعف في كل إنسان، والأشخاص المحبوبون يجيدون هذا الاسلوب ويتفننون في (سحب لسانك) للحديث عن نفسك.. وهم ليسوا بالضرورة منافقين أو متملقين، انهم فقط يسألونك عن آخر إنجازاتك، وعن مقالب ابنك في المدرسة، وعن ذوقك الراقي في هذه الساعة أو ذلك الكبك.. في عملي أتحاشى إضاعة أي دقيقة مع أي إنسان (فحين لا أعمل أكتب مقالاً) ومع هذا لدي استعداد لإضاعة دوام كامل مع احد الزملاء لانه يحدثني دائماً عن آخر مقالاتي وكم هي رائعة مقالاتي وكم هي رائعة وجذابة و كيف سمع وجهاء القوم يسألون عني.. انه ببساطة يدير رأسي تيها وغروراً- والأجمل من هذا انه لا يحدثني عن نفسه إطلاقاً (وهو ما يذكر بالقاعدة السابقة)!!!. (تواصل معهم): الشخص المحبوب يصل أقرباءه ويسأل عن أصدقائه بدون مصلحة أو حاجة شخصية.. معظم من تعرفهم لا يجمعك بهم سوى العمل أو المناسبات الاجتماعية، ولكن هناك شخص واحد (واحد فقط) يفاجئك باتصال سعيد أو يزورك بين فترة وأخرى لأنه يحبك ويحترمك لشخصك. إنسان كهذا تشعر أمامه بأنك مقصر وتحمل له دائماً شعوراً كبيراً بالامتنان والوفاء (ستحقق الكثير لو حاولت تقليده مع ثلاثة فقط من المحيطين بك)!. هذه أبرز الصفات المشتركة للشخصية المحبوبة، فإن عجزت عن تطبيقها في صباح اليوم التالي فاعلم ان الحالة (لديك متأخرة) وقد يفيدك تنفيذها بالتدرج.. وصدقني ستحقق الكثير لو تصنعت الابتسامة فقط!