تصدر عن دار الكنوز ببيروت، آخر الاعمال الروائية التي كتبها الفقيد عبدالعزيز مشري، رحمه الله، تحت عنوان «المغزول»، والتي تدور احداثها حول المرحلة الأخيرة من صراعه مع المرض، خاصة رحلته الى الولاياتالمتحدةالامريكية طلباً للعلاج من آثار مجموعة من الأمراض التي رافقت حياته القصيرة والحافلة بالإبداع القصصي والروائي والصحفي والتشكيلي. الرواية الواقعة في 259 صفحة من الحجم المتوسط، قدم لها الشاعر علي الدميني، نيابة عن أسرة اصدقاء الابداع، اصدقاء عبدالعزيز مشري، والذين تبنوا طباعة آثاره الكاملة. تقول المقدمة: «قبل ان يموت عبدالعزيز مشري، كتب وصية الغياب، وتدرب على الاقتراب من حافة الموت والفناء، فأخبرنا عما يشبه العدم القابع خلف كل النهايات التراجيدية. ولذا فرغم الغيبوبة الطويلة التي سكنها قبل وفاته، إلا إننا كنا ننتظر خروجه منها، لأنه عودنا على مفاجآت العودة بعد الرحيل، ولكنه هذه المرة كان جاداً في ذهابه المبكر.. ولأننا تدربنا بشكل كامل، وعبر عمر طويل، على حضوره الواقعي والرمزي، فقد قررنا الا نضعه في قبور النسيان. كان آخر ما خطه قلم عبدالعزيز في هذا العمل - وأظنه خاتمة ما دونه في حياته - فقرة بالغة الدلالة لتوديع الحياة، حيث كتب عن بطل النص «زاهر»: لم يكن احد قد منحه ادنى المسامع، وكان يصرخ، وعندما جفت بلاعمه وشحب صوته.. جاءه ممرض النوبة الليلية، غاضباً وهو يردد بإنجليزية امريكية مضغوطة: Donصt use your voice. Be quite. Be quite.. ثم حمله كحشرة بلا قدمين، ووضعه على السرير». ولأن عبدالعزيز لم يكن قادراً على الكتابة لضعف قواه وبصره، فلقد بذلت القاصة «فوزية العيوني» جهداً كبيراً في تشجيعه على استمرارية الكتابة، حيث كان يكتب مسوداته ثم يرسلها لها بالفاكس من جدة الى الظهران، فتقوم بقراءة النص عليه هاتفياً، ويتم عبر المهاتفة اجراء التصحيحات او التعديلات التي يراها عبدالعزيز مناسبة. احمد مشري والشاعر محمد الدميني، بدورهما بذلا جهداً كبيراً لظهور هذا العمل وغيره من اعمال المرحوم. وجميع الذين ساهموا او اطلعوا على مسودة رواية «المغزول»، يتفقون على انها من اهم شهادات عبدالعزيز مشري، التي ظل يصرخ بها طيلة عذاباته مع المرض الذي هاجمه بسن مبكرة من حياته، لكنه لم يرضخ له ولم يعقد معه هدنة من اي نوع لايقاف النار المتأججة بينهما، الى ان انتصر الأخير، ذات ظهيرة صيف قائظ عام 2000م. كنا، احمد مشري وانا، شاهدين على صعود روحه الى بارئها. بالنسبة لي على الاقل، لم يكن عبدالعزيز، بعد اكثر من شهر من غيبوبة التهاب رئتيه، يعطيني احساساً بالهزيمة الأخيرة كنت اقرأ على وجهه البارد، انتصاراً دام لاكثر من أربعين عاماً.