افتتح الأديب العالمي نجيب محفوظ؛ الحاصل على جائزة نوبل في الآداب في عام 1988؛ عامه الخامس والتسعين بنشر ثلاث قصص جديدة من «أحلام فترة النقاهة» التي بدأها منذ بضع سنوات؛ ولم تكتمل بعد في صورتها النهائية، وإن كان قد صدر بعضها في كتاب باللغة العربية عن دار الشروق، وكذلك في كتاب باللغة الفرنسية. وقد نشر نجيب محفوظ (المولود في 11 من ديسمبر 1911) في نفس يوم ميلاده (11 من ديسمبر 2005) الأحلام الثلاثة الجديدة (المرقّمة من الحلم 177 إلى الحلم 179) على صفحات مجلة نصف الدنيا الأسبوعية التي اختارها محفوظ لنشر الأحلام منذ بدايتها. وقد جاءت أحلام محفوظ الجديدة ذات طابع فلسفي عميق، وإن لم تخل من الإشارات السياسية، والمضامين الاجتماعية واضحة الدلالة، كالدعوة إلى تحقيق الديموقراطية والعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية. يقول محفوظ في الحلم 177 : «أقيم سرادق كبير للاحتفال بالحزب الجديد، وظهر في المنصة الزعيم مصطفى النحاس، واستقبل بالهتاف، وألقى خطاباً يشرح فيه مبادئ الحزب، وفي مقدمتها الديموقراطية والعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية. ولما رجعنا إلى المكان الذي نجتمع فيه كل مساء، قلت لهم إنني لما رأيتهم يهتفون ذكرتهم بفرحتهم يوم حريق القاهرة، وإقالة وزارة النحاس، فقال لي أحدهم إن تلك الفرحة هي خطيئتهم الكبرى، وإنهم كفّروا عنها في اجتماع اليوم!». وتعد «أحلام فترة النقاهة» تجربة سردية من طراز خاص، حيث يمزج فيها نجيب محفوظ بين أحلام حقيقية يراها بالفعل في نومه، وبين التخييل القصصي، كما يوازن بين الواقعي والأسطوري، وبين المعاني المباشرة القريبة والدلالات والإسقاطات الرمزية. ويقول أديب نوبل في الحلم 178: «صدر قرار بأن يتولى الوظائف الممتازة والعليا المصريون ممن ينتمون إلى أصول تركية أو مملوكية، فوجدت نفسي في الشارع أسير على غير هدى، حتى ناداني صديقي صاحب دكان الحلواني، وعرض عليّ أن أعمل كاتب حسابات في محله، ولكن جاءنا صوت أبيه من مجلسه بركن المحل قائلاً: لا تدع العواطف الشخصية تفسد عملك، فواصلت السير على غير هدى!».