فاصلة : «بعض الجرائم تسبق دائما الجرائم الكبيرة» - حكمة عالمية - عندما نشرت مقالتي في الأسبوع الماضي بعنوان الحقيقة التي لا تقال عن واقع هروب الفتيات في مجتمعنا اعترض بعض القراء في موقع الجريدة الاليكتروني بأن هروب الفتيات حوادث فردية لا تستحق الاهتمام وبالمصادفة كان استبيان جريدة الوطن الاليكتروني حول هروب الفتيات حيث طرح الموقع سؤاله عن الأسباب التي تدفع الفتاة إلى الهروب من منزل أسرتها؟ وجاءت النتيجة أن قلة الوعي الثقافي والتعليمي حصل على تصويت نصف المصوتين وعددهم حتى كتابة هذه المقالة 249 (50٪). وفي المرتبة الثانية جاء غياب وسائل الحوار كأحد أهم الأسباب حيث صوت له (24,55٪). ثم لجوء الأب إلى العنف حيث حصل على (11,38٪) . بينما حصل حرمان الفتاة من اختيار شريك حياتها على (9,88٪). أما إجبار الفتاة على الزواج فجاء في نهاية الأسباب حيث حصل على (4,19٪) . ورغم عدم دقة الاستفتاءات عبر مواقع الانترنت إلا أنها أحيانا تمنح مؤشراً لبعض الموضوعات .وهنا منحتنا دليلاً على إدراك المصوتين لأهمية الوعي الاجتماعي في علاج السلوكيات السلبية . هروب الفتيات هو شيء جديد على المجتمع السعودي المحافظ ولكن لا يعتبر ظاهرة إنما هو جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن. ولذلك حين نحاول حصرها فإننا لا نتلفت حولنا لنحصر كم فتاة هربت بل يجدر بنا الاطلاع على الدليل السنوي لحصر الجرائم ومرتكبيها الذي تصدره وزارة الداخلية مع مراعاة أن كثير من الأسر لا تقوم بالتبليغ حال هروب الفتاة لاعتبارات اجتماعية. عندما تهرب الفتاة لتكون عرضة لأحضان رفيقات السوء لا تصبح العملية كم عدد الفتيات الهاربات إنما لماذا هربن ؟ الهروب ليس عملية سهلة ولا تقدم عليه الفتاة إلا للتخلص من وضع اجتماعي واسري قاس تفضل عليه الضياع والانسلاخ من أمان الأسرة. والسؤال كيف يمكن أن تشعر الفتاة بالأمان في أسرتها ؟وما هو دور الوالدين في جريمة توجد في القرى والبادية والمدن وإن كانت بالطبع تزيد في المدن وليست الفتاة العزباء وحدها المرتكبة لجريمة الهروب بل إن المطلقات والأرامل والمتزوجات يهربن والمثير للاهتمام أن المتزوجات أكثر هروباً والأسباب لهذه الجريمة عدة مثل أصدقاء السوء وعدم ضبط النفس والاندفاع والفقر وعدم معرفة أن الهروب جريمة كما أن الشعور بالظلم والقهر والهروب من وضع صعب في الأسرة يمكن أن يكون من ضمن أسباب هروب الفتيات . هذه الجريمة موجودة في كل المجتمعات الإنسانية وكونها موجودة لدينا فهذا لا يعيبنا ألسنا نتحدث عن جرائم النساء كالقتل والسرقة والمخدرات فلماذا نتحرج من هروب الفتيات؟ أم أننا ما زلنا نحاول باستمرار دفن رؤوسنا في توقع أن الريح ستمر وتقتلع كل شيء إلا رؤوسنا .