المملكة تفتح أبواب جناحها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025    اشتراطات لممارسة الأنشطة المتعلقة بحماية البيانات الشخصية    مقتل 4 وإصابة أكثر من 500 إثر انفجار ضخم في أكبر موانئ إيران    نيس يعلن إصابة عبدالمنعم في الرباط الصليبي    حج 2025: 70 ألف بطاقة نسك توزع يوميا    دنيا حظوظ    التغريدات لا تسقط الدول.. ولا المساحات تصنع السيادة    250 شتلة تُزين فرع وزارة البيئة في عسير ضمن فعاليات أسبوع البيئة    مكافحة المخدرات معركة وطنية شاملة    التحول الرقمي في القضاء السعودي عدالة تواكب المستقبل    ترمب: بوتين ربما «لا يريد» أن يوقف الحرب في أوكرانيا    قوانين الفيزياء حين تنطق بالحكمة    الصادرات السعودية غير النفطية تسجّل أداءً تاريخيًا في عام 2024م    الصبان رعى الختام .. اليرموك يخطف الأضواء والحريق والهلال في صدارة التايكوندو    "المنافذ الجمركية" تسجل 1314 حالة ضبط خلال أسبوع    المؤسسة الدبلوماسية بالمغرب تمنح مدير عام الإيسيسكو الجائزة الدولية للدبلوماسية الشعبية    جيسوس: الفوز بهدف فقط أفضل من خسارة كانسيلو    مدرب السد يُحذر من مواجهة كاواساكي    ثمار المانجو تعلن موسم العطاء في جازان    بلدية قوز الجعافرة تكرم شباب القرية    جازان تصنع الحدث: إطلاق أول جمعية متخصصة بالتغذية العلاجية على مستوى المملكة    ثقافة الاعتذار قوة لا ضعف    ضبط (19328) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    رؤيتنا تسابق الزمن    أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق في المملكة    وزير التعليم يرفع التهنئة للقيادة بما تحقق من منجزات تعليمية    وزارة التعليم تستعرض منصاتها في معرض تونس الدولي للكتاب 2025    أبها تتغطى بغطاءها البنفسجي    تركي بن محمد بن فهد يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة ما تحقق من إنجازات في مسيرة رؤية المملكة 2030 بعامها التاسع    وزير الصحة: تطبيق نموذج الرعاية الصحية الحديث أسهم في رفع متوسط عمر الإنسان في المملكة إلى 78.8 عامًا    ريال مدريد ينتقد اختيار الحكم الذي سيدير نهائي كأس إسبانيا    زيلينسكي: أوكرانيا تريد ضمانات أمنية أمريكية كتلك التي تمنحها لإسرائيل    وزير "البيئة" يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة صدور التقرير السنوي لرؤية المملكة وما تضمنه من إنجازات    للمرة الثالثة على التوالي ..الخليج بطلاً لممتاز كبار اليد    بيراميدز يحقق ما عجز عنه الأهلي    نائب أمير تبوك: رؤية المملكة 2030 حققت قفزات نوعية وإنجازات    ثانوية الأمير عبدالمحسن تحصد جائزة حمدان بن راشد    أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بما حققته رؤية المملكة من منجزات في الأعوام التسعة الماضية    موعد مباراة الهلال في نصف نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة    مستشفى خميس مشيط للولادة والأطفال يُقيم فعالية "متلازمة داون"    "عبيّة".. مركبة تحمل المجد والإسعاف في آنٍ واحد    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف يلتقي مديري عموم الفروع    في الدمام ( حرفتنا حياة ) ضمن مبادرات عام الحرف اليدوية 2025    "حديث المكتبة" يستضيف مصطفى الفقي في أمسية فكرية عن مكتبة الإسكندرية    إمام المسجد الحرام: الإيمان والعبادة أساسا عمارة الأرض والتقدم الحقيقي للأمم    إمام الحرم النبوي: حفظ الحقوق واجب شرعي والإفلاس الحقيقي هو التعدي على الخلق وظلمهم    تنفيذ ورشة عمل لاستعراض الخطط التنفيذية للإدارات في جازان    الشيخ صلاح البدير يؤم المصلين في جامع السلطان محمد تكروفان الأعظم بالمالديف    خشونة الورك: الأسباب.. التشخيص.. العلاج.. الوقاية    محافظ صبيا يشيد بجهود رئيس مركز العالية ويكرمه بمناسبة انتهاء فترة عمله    محافظ صبيا يكرم رئيس مركز قوز الجعافرة بمناسبة انتهاء فترة عمله    رئيس نادي الثقافة والفنون بصبيا يكرّم رئيس بلدية المحافظة لتعاونه المثمر    بلدية صبيا تدعو للمشاركة في مسيرة المشي ضمن مبادرة #امش_30    بناءً على توجيهات ولي العهد..دعم توسعات جامعة الفيصل المستقبلية لتكون ضمن المشاريع الوطنية في الرياض    أكدا على أهمية العمل البرلماني المشترك .. رئيس «الشورى»ونائبه يبحثان تعزيز العلاقات مع قطر وألمانيا    لبنان.. الانتخابات البلدية في الجنوب والنبطية 24 مايو    ملك الأردن يصل جدة    10 شهداء حرقًا ووفاة 40 % من مرضى الكلى.. والأونروا تحذّر.. الاحتلال يتوسع في جرائم إبادة غزة بالنار والمرض والجوع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوطنية في ميزان الإسلام
نشر في الرياض يوم 19 - 12 - 2005

من أبرز ما ركز عليه الخطاب الأممي والصحوي منه بشكل خاص، التركيز على التنفير من مفهوم (الوطنية والوطن) واعتبارهذا المفهوم مما يتعارض مع غايات الإسلام الذي يهدف إلى جمع المسلمين في وطن واحد وفق ما كانت تنضح به أدبياتهم، وبناءً على ذلك فقد امتلأت منابرهم الدعوية كما هي مطوياتهم وكتبهم ونشراتهم بما يفيد التحذير من مغبة الانسياق وراء هذا المفهوم بإبرازه على أنه لا يمثل إلا نعرة جاهلية أراد الاستعمار الغربي الحديث إعادة إحيائها في واقع وثقافة المسلمين حتى يحول بينهم وبين حلم إعادة الخلافة التي ستكون حينها دار الإسلام مقابل دار الكفرالتي ستضم يومها كل من لا يؤمن بهذه الفكرة.
هل فعلاً هناك تعارض بين الوطنية بمعنى «حب الوطن والمحافظة عليه والدفاع عنه» وبين الإسلام؟ هل يوجد في أدبيات الصدر الأول ما يشير إلى الحط من قيمة الوطن وازدراء مفهومه؟ الحقيقة التي تبنى على النصوص المؤسسة لا على تأويلات تلك النصوص وتفسيراتها القائمة على غرض أيديولوجي براغماتي نفعي أنه لا يوجد تعارض إطلاقاً بين الإسلام كدين للبشرية جمعاء وبين الوطن كمفهوم يرمز إلى البقعة الترابية التي تقطنها طائفة من الناس، لأن المحافظة على الوطن ومكتسباته أصل أصيل في غايات الإسلام باعتبار أن من تلك البقعة الترابية( المدينة المنورة) انطلق التبشير بالإسلام من البداية كدين رحمة وإخاء وتسامح، والحقيقة أن فكرة تعارض الوطنية والإسلام لم تبرز إلى السطح إلا مع البروز القوي لجماعات الإسلام السياسي المتدثرة برداء البراغماتية السياسية بدءاً من تمرير فكرة الحاكمية التي نقلها سيد قطب عفا الله عنه عن أبي الأعلى المودودي الذي قال بها حينذاك لغرض سياسي بحت ألا وهو الخوف من سيطرة الأكثرية الهندوسية على سلطة التشريع في مجتمع شبه القارة الهندية عند أية انتخابات تنفذ حينذاك على الطريقة الغربية.
في ذلك الوقت كانت الإرهاصات تدور حول مدى جاذبية وعملية تطبيق آليات الديمقراطية الليبرالية الغربية في شبه القارة الهندية، ولأن من شأن تطبيق مثل تلك الآلية أن تأتي بحكومة هندوسية نسبة لأنهم الأكثرية هناك ولعدم معرفة أبي الأعلى المودودي بحقوق الأقليات التي تضمنها أية ديمقراطية تقام على الطريقة الغربية، فقد خشي أن تسيطر الأكثرية الهندوسية على مقاليد التشريع والتنفيذ في بلاد الهند مما يعني ذوبان المسلمين في المجتمع الهندوسي وانتهاء الإسلام هناك، فكان أن نادى بما سماه «الحاكمية» التي تعني وفقاً لمفهومه أن الحكم لله تعالى بحيث لا يجوز أن يعطى لأي بشر من خلقه ، وهو بالطبع يرمز إلى أحقية التشريع وربما التنفيذ الذي سيأتي مع أية حكومة هندوسية منتخبة ديمقراطياً، وهو ما يوضح أن تدشين مفهوم الحاكمية كان لغرض سياسي في المقام الأول.
قام سيد قطب فيما بعد بنقل فكرة الحاكمية إلى الأرض العربية عندما اختلف مع حكومة الضباط الأحرار التي كان أحد أعضائها أو منظّريها على الأقل، ومع الإيمان باستبدادية وطغيان تلك الحكومة التي قامت بإعدام قطب بطريقة بشعة، إلا أن موت صاحب الفكرة لا يبرر خلود وقدسية الفكرة نفسها من منطلق أنها - بغض النظر عن موت صاحبها في سبيلها - قامت في مصر لغرض أيديولوجي سياسي كما قامت في شبه القارة الهندية لنفس الغرض، مما لا يعطي أساساً لما تدعيه جماعات الإسلام السياسي من أنها أصل إسلامي مفارق للزمان والمكان.
تلقف الخطاب الصحوي - الأممي لدينا فيما بعد هذه الفكرة أو الأيديولوجية وجعلها من منطلقات أوأساسيات تفكيره وبنى عليها صروح تغذيته لأتباعه مما أضعف أو قتل فيهم الوازع الوطني لحساب وطن أممي لا يوجد إلا في مخيال المنظرين وأتباعهم فقط، وإذا كان التاريخ السياسي قد شهد في مراحله الماضية أنواعاً ونماذج من الأنظمة الامبراطورية الإسلامية وغير الإسلامية فإن ذلك لا يعني إلا أنها كانت خطوات في طريق تطور الفكر السياسي المدني الذي انتهى إلى نموذجه الأخير المتمثل بالدولة القطرية الوطنية الحديثة المحددة بحدودها وعلمها وجنسيتها ومواطنيها الذين لا يتعارض حملهم لجنسيتها التي تعتبرشأناً مدنياً مع ديانتهم التي تعتبر شأناً شخصياً لكل فرد منهم.
إجابة على السؤال الذي طرحناه قبل استعراض شيوع مفهوم الحاكمية الذي اتكأت عليه أدبيات محاربة الوطنية وهو عن مدى تعارض مفهوم الوطنية مع الإسلام، نقول إن مجرد استعراض النصوص المؤسسة فيما يخص حب الوطن نجد أنه ليس ثمة تعارض بين الاثنين بل إن أحدهما يشكل قاعدة لانطلاق الآخر، فالله تعالى بنص القرآن الكريم ربط بين مقاتلة المعتدين وبين اعتدائهم على الأوطان ممثلاً بقول الله تعالى( إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولّهم فأولئك هم الظالمون) وكما نلاحظ هنا فقد ربط الله تعالى بين الاعتداء على الدين والأوطان وبين الجهاد كمحفز للدفاع ومقاتلة المعتدي مما يعني أنهما - الوطنية والإسلام - يشكلان كلاً واحداً وليس كما تقول جماعات الإسلام السياسي والأمميون والصحيون بأنهما ضدان لا يلتقيان، أما من السنة الشريفة فقد كان تغني الرسول صلى الله عليه وسلم وحبه لبلده «مكة» مشهوراً وقد صرح به في أكثر من موضع لعل أبرزها ما جاء في حديث عبدالله بن عدي بن الحمراء الذي قال فيه (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته واقفاً بالحزورة يقول والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي والله لولا أني أُخرِجت منك ما خرجت) يشير إلى أنه لولا أن قريشاً أخرجوه من مكة ما خرج منها لحبه لها كونها بلده ومرتع صباه، وفي تقديري فإن مجرد ربط الجهاد ومقاتلى المعتدين باعتدائهم على الديار كافٍ لبطلان أيديولوجية التنفير من الوطنية من أساسها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.